وقّعت شركة رتاج للفنادق والضيافة القطرية عقد تشغيل وإدارة أول منتجع سياحي من فئة الخمس نجوم في موريتانيا، يقع على شاطئ المحيط الأطلسي على بعد 10 كيلومترات إلى الشمال من العاصمة نواكشوط، وهو المشروع الذي تملكه مجموعة استثمار القابضة لرجل الأعمال القطري غانم بن سلطان الهديفي.
وأوضحت شركة « رتاج » أن توقيعها لعقد إدارة هذا المنتجع السياحي تدخل ضمن « استراتيجية للتوسع خارجياً بعد نجاحها في العديد من الدول »، وفق ما أوردته جريدة « العرب » القطرية.
جرى التوقيع في العاصمة القطرية الدوحة من طرف غانم بن سلطان الهديفي مالك المشروع، محمد بن جوهر المحمد نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة « رتاج ».
شراكة قطرية
مالك المشروع غانم بن سلطان الهديفي، في تصريحات نقلتها جريدة « العرب » القطرية، قال إن المشروع « سيمثل خطوة جيدة للانطلاق لأفق أرحب نحو الاستثمار في قطاع الضيافة في العديد من دول العالم في الفترة المقبلة ».
وأضاف الهديفي أن « مجموعة رتاج شهدت تطورات كبيرة مؤخراً، جعلتها محل تقدير واهتمام من قبل الشركاء في قطاع الضيافة، وهو ما فتح أمامها آفاق العمل على المستوى الخارجي العالمي، وتحقيق نجاحات متميزة من خلال ما تقدمه من أسلوب راقٍ في الضيافة الحلال ».
من جانبه قال محمد بن جوهر إن شركته تمكنت من إنشاء علامة تجارية مهمة هي « رتاج للفنادق »، مشيراً إلى أنها أصبحت « العلامة الفندقية القطرية الأولى والوحيدة التي تعمل داخل وخارج قطر، ونجحت بالانتشار في العديد من الدول في آسيا وإفريقيا وأوروبا ».
وأوضح أن المشروع الموريتاني « سيكون نواة انطلاقة جديدة على المستوى الإفريقي »، قبل أن يشير إلى أن « أفريقيا تعد سوقاً سياحياً متميزاً وأرضاً خصبة بالمعالم الزراعية والأجواء المتميزة التي يرغبها العديد من راغبي الراحة والهدوء في العالم »، وفق تعبيره.
سد النقص
مؤخراً بدأت موريتانيا تتجه نحو إعادة البريق إلى قطاع السياحة، بعد الضربات الموجعة التي تلقاها هذا القطاع بسبب الهجمات التي شنها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي فوق الأراضي الموريتانية واستهدفت رعايا غربيين.
ولكن أبرز ما أنعش قطاع السياحة، خاصة في العاصمة نواكشوط، هو القمم والمؤتمرات التي احتضنتها نواكشوط مؤخراً، إلا أن هذه الأنشطة الدولية نقصاً في البنية التحتية لاستيعاب مئات الضيوف من ذوي المستوى الرفيع.
ويأتي المشروع القطري الذي يقع بالقرب من قصر المؤتمرات الجديد، ليساهم في سد هذا النقص، خاصة وأنه كان ضمن الخطط الرسمية لاحتضان ضيوف القمة الأفريقية، ولكن رياح السياسة التي هبت بين الدوحة ونواكشوط أعاقت ذلك.
وفيما تتحدث بعض الأوساط عن رغبة موريتانية رسمية في استضافة قمة الفرانكفونية الدولية، وقمة المؤتمرالإسلامي، يكون الوقت مناسباً لإطلاق هذا المشروع السياحي من أجل المساهمة في استيعاب الضيوف.
إلا أن بعض المصادر التي تحدثت لـ « صحراء ميديا » تؤكد أن الأشغال في المنتجع السياحي متوقفة منذ عدة أشهر، من دون أن تكشف عن أسباب هذا التوقف.
ملامح المشروع
تقول الشركة المالكة للمشروع إنه يعد واحداً من أكبر مشاريعها الاستثمارية، إذ يضم فندقين أحدهما من فئة 5 نجوم والآخر من فئة 4 نجوم، كما يضم 52 فيلا، تشكل المرحلة الأول من 386 فيلا سيتم تشييدها في مرحلة لاحقة قبالة المحيط الأطلسي.
وتضيف الشركة إن المشروع « يعد نقلة نوعية في قطاع الضيافة والسياحة على المستوى الإفريقي »، وذلك لأنه يحتوي على « أكبر مطبخ فندقي على مستوى موريتانيا »، وكذلك « أول نادٍ صحي للرجال وآخر للسيدات ذو الطابع الآسيوي »، وهو النادي الذي تديره شركة « تاج هنا » التايلاندية.
ويضم المشروع أيضاً 53 حمام سباحة وقاعتي جيم، وأكبر مطبخ فندقي مجهز، وعدد من المطاعم والكافي شوب، وأكبر قاعة احتفالات ومؤتمرات بموريتانيا، وشاطئ يطل مباشرة على المحيط الأطلسي، فضلاً عن موقعه على بعد 10 كيلومترات من مطار نواكشوط الدولي (أم التونسي)، ونفس المسافة إلى وسط مدينة نواكشوط.
مالك المشروع ؟
منذ بداية المشروع تم تداول اسم شخص يدعى « غانم بن سلطان الهديفي »، على أنه هو مالك المشروع، حتى أن مجلس الوزراء الموريتاني منحه قطعة أرضية باسمه، من دون أي ذكر لاسمن شركته أو الجهة التي يعمل فيها.
وقال مجلس الوزراء في بيانه الصادر في يوم 29 أبريل 2015: « درس المجلس وصادق على مشاريع المراسيم التالية: مشروع مرسوم يقضي بالمنح المؤقت لقطعة أرضية في نواكشوط لصالح السيد غانم الهديفي الكواري، من أجل انجاز مشروع عقاري وسياحي ».
وعادت الحكومة في نوفمبر من نفس العام لتعيد تعديل وصياغة هذا المرسوم، من أجل تغيير إحداثيات القطعة الأرضية المذكورة، حتى تكون مناسبة لمواصفات المشروع السياحي.
ولكن الهديفي يبدو واحداً من المستثمرين القطريين الذين خاضوا مساراً متنوعاً في تدرجهم داخل أ{وقة الإدارة في قطر، فقد بدأ مساره في سلك الشرطة القطرية قبل أن يصبح في عام 1985 مديراً عاماً لإدارة الأمن بوزارة الداخلية القطرية، وفي عام 1996 حصل على رتبة لواء و هو أول لواء في تاريخ شرطة قطر، وفق ما هو تشير إليه موسوعة « ويكيبيديا ».
اليوم يعد الهديفي واحداً من كبار المستثمرين القطريين في مجال العقار والسياحة عبر العالم، وهو رئيس مجلس إدارة « مجموعة استثمار القابضة »، وهو أحد المقربين من أمير دولة قطر، وفق ما تداوله الإعلام المحلي في موريتانيا.
عواصف السياسية
منذ أشهر أقدمت موريتانيا على قطع علاقاتها مع دولة قطر، في إطار تضامنها مع كل من السعودية والإمارات والبحرين، بل زادت موريتانيا حين اتهمت دولة قطر بأنها « ترعى الإرهاب » وتورطت في تدمير بعض الدول العربية.
ردت الدوحة على القرار الموريتاني بتوقيف جميع استثماراتها، كما سحبت أغلب أنشطة « قطر الخيرية »، من ضمن خطوات أخرى تعبر عن استياء الدوحة من القرار الموريتاني.
إلا أن المشروع السياحي التابع لشركة الهديفي ظل قائماً، رغم توقفه لبعض الوقت، وانخفاض سرعة الوتيرة التي يتم إنجازه بها، وتأتي الاتفاقية الأخيرة لتعيد الحياة للمشروع.
وكانت موريتانيا قد أظهرت مؤخراً بعض الإشارات الإيجابية تجاه الدوحة، من أبرزها الاتفاقية التي وقعتها الاتحادية الموريتانية لكرة القدم مع نظيرتها القطرية، والزيارة التي قام بها أحمد ولد يحيى للدوحة والتي أكد فيها دعم موريتانيا لقطر في استضافتها لكأس العالم المقبل.