موريتانيا اليوم / في وقت مبكّر جدا من صبيحة يوم الاثنين 10 يوليو 1978، وبينما كان أول رئيس لموريتانيا المستقلة؛ المختار ولد داداه، يتأهب للسفر إلى الخرطوم بالسودان لحضور أعمال قمة منظمة الوحدة الإفريقية، اقتحم عليه كل من مرافقه العسكري الملازم مولاي هاشم ولد مولاي أحمد ورفيقه في السلاح، الملازم المختار ولد السالك وطلبا منه مرافقتهما... سأل الرئيس الزائرين غير المدعوين: كيف أرافقكما وإلى أين؟ فرد ولد السالك: "لقد سحب الجيش ثقته منكم، وأنتم رهن التوقيف"؛ ثم وضع الرئيس رهن التوقيف داخل قيادة الهندسة العسكرية بتوجنين قبل أن بتم نقله إلى قلعة ولاتة حيث اعتقل طيلة 15 شهرا؛ قبل أن يطلق سراحه ليقيم في المنفى الاختياري في تونس ثم في فرنسا.
عاد المختار ولد داداه إلى أرض الوطن نهاية تسعينات القرن الماضي وقد أعيته الشيخوخة والمرض، قبل أن يسلم الروح إلى بارئها سنة 2001 فأقيمت له مراسم جنازة رسمية تقدمها رئيس الجمهورية آنذاك، معاوية ولد سيدي أحمد الطايع.
بالعودة إلى الانقلاب، فوجئ سكان مدينة نواكشوط بوحدات من القوات المسلحة تنتشر في الشوارع وبأخرى تتخذ من المواقع الرئيسية والمراكز الحيوية من العاصمة مواقع تتمركز فيها؛ وكانت تلك الوحدات توقف كل سيارة وتأمر من على متنها بالنزول وتركها حيث هي.. ساد الاعتقاد، في البداية، داخل الأوساط الشعبية بأن الأمر يتعلق بهجوم جديد (ثالث) لمقاتلي جبهة البوليساريو على نواكشوط في ظل اقتصار البث الصباحي للإذاعة الوطنية على مقاطع من الموسيقى العسكرية؛ لكن فترة الترقب لم تدم طويلا إذ بدأ تداول تسريبات تفيد بوقوع انقلاب عسكري ضد الرئيس المختار ولد داداه، وهو ما أكده بيان عسكري باللغة الفرنسية، تلاه النقيب محمد محمود ولد الديه عبر أثير الإذاعة تحت عنوان "بيان رقم 1" استهله بالآية القرآنية: {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}.. وجاء في بيان الانقلاب أن "القوات المسلحة الوطنية، التي هي في المقام الأخير، الضامن للشرعية قد استرجعت السلطة من أولئك الذين اغتصبوها من الشعب بالغش والخيانة(...). وأضاف "البيان رقم 1" أن "عهد الرشوة والخيانة قد ولى" وأنه "تم حل الحكومة والبرلمان والحزب وجميع الهيئات المنبثقة عن هذا الأخير'؛ واعدا بتشكيل "حكومة جديدة في وقت لاحق"؛ موضحا أن "اللجنة العسكرية للإنقاذ الوطني تتعهد بما يلي:
- تحقيق السلام
- تقويم الاقتصاد الوطني
- إقامة مؤسسات ديمقراطية".
في مساء نفس اليوم أذاع الملازم عينينا ولد أييه، الذي أوكلت له مهمة السيطرة على الإذاعة الوطنية "البيان رقم 2"، معلنا عن فرض نظام حظر التجوال على عموم التراب الوطني اعتبارا من الساعة السادسة مساء وحتى السادسة صباحا؛ قبل أن يصدر "البيان رقم 3" المتضمن تشكيلة اللجنة العسكرية للانقاذ الوطني، على النحو التالي:
الرئيس: المقدم المصطفى ولد محمد السالك
الأعضاء:
-المقدم محمد خونا ولد هيداله
- المقدم محمد محمود ولد أحمد لولي
- المقدم أحمد سالم ولد سيدي
-المقدم الشيخ ولد بيده
- المقدم معاوية ولد الطايع
- المقدم أحمدو ولد عبد الله
-الرائد تيام الحاج
- الرائد سوماري سيلمان
-الرائد مولاي ولد بوخريص
- الرائد جدو ولد السالك
-الرائد آن أمادو بابالي
-النقيب أتيي همات
-النقيب محمد محمود ولد الديه
- الملازم مولاي هاشم ولد مولاي أحمد
- الملازم أحمد ولد عيده
- مفوض الشرطة لي ممادو
في اليوم الموالي للانقلاب أعلنت اللجنة العسكرية عن أول تشكيلة حكومية في عهد ما بعد الرئيس المختار ولد داداه، تميزت بكونها خليطا من المدنيين والعسكريين بشكل يوحي بمراعاة التوازن التام بين الطرفين؛ فكان كما يلي: - الرئيس: المصطفى ولد محمد السالك
- وزير الخارجية: شيخنا ولد محمد لقظف
- وزير الداخلية: الرائد جدو ولد السالك
- وزير العدل والشؤون الدينية: أبه ولد انه
- وزير المالية والتجارة: سيد احمد ولد بنيجارة
- وزير الصيد والصناعة: المقدم أحمد ولد بوسيف
- وزير التجهيز: المقدم أحمد سالم ولد سيدي
- وزير التهذيب: سك مام انجاك
- وزير النقل والبريد والصناعة التقليدية والسياحة: العقيد فياه ولد المعيوف
- وزير الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل: الدكتور جاكانا يوسف
- وزير التخطيط والمعادن: محمد المختار ولد الزامل
- وزير الثقافة والإعلام: محمد يخظيه ولد بريد الليل
- وزير الشباب والرياضة: الرائد تيام الحاج
- وزير المراقبة والتدقيق: المقدم محمد محمود ولد أحمد لولي
- الأمين الدائم للجنة العسكرية للانقاذ الوطني، المكلف بإدارة وزارة الدفاع: المقدم معاوية ولد الطايع.
ساد جو من الترقب المشوب بالحيطة والحذر خلال اليومين الأولين للانقلاب، وصدرت أول ردة فعل خارجية من جبهة البوليساريو التي بادرت بإعلان وقف أحادي الجانب لإطلاق النار "تعبيرا عن حسن النية" وفق نص بيان الجبهة. بعد ذلك انطلقت مسيرات التأييد لحكام البلاد الجدد في العاصمة وأهم مدن الداخل، وتهاطلت البرقيات والملتسمات المؤيدة للانقلاب.