بعد غياب طويل، أطل من جديد متمردو أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني المنحل في استفتاء آب/ أغسطس الماضي على المشهد السياسي ليطالبوا «بإجراء انتخابات رئاسية سابقة لأوانها في أقرب الآجال تشرف عليها حكومة وحدة وطنية، ولا يسمح فيها بمشاركة أي عسكري».
وأكد المجلس الذي يرأسه الدكتور الشيخ ولد حننه، في بيان وزعه أمس «أنه تدارس الوضعية الراهنة للبلد في ظل الأزمة الخانقة التي تهدد كيان الدولة والسلم الأهلي»، حيث توصل إلى «أن الخروج من الأزمة التي تمر بها موريتانيا حاليًا يتطلب تنظيم انتخابات رئاسية سابقة لأوانها في أقرب الآجال تشرف عليها حكومة وحدة وطنية».
وحذر المجلس المنحل، الذي يعقد اليوم الإثنين جلسة أخرى للتشاور حول الانتخابات المرتقبة، «من خطورة الزج بالجيش الوطني في الصراعات الجهوية»، مشددًا على «عدم تكليف القوات المسلحة وقوات الأمن بمهام خارج الحوزة الترابية».
وأكد المجلس «أن الحكومة والبرلمان الحاليين لا يجوز لهما إبرام الاتفاقيات والعقود والتراخيص ذات التأثير، نظرًا لفقدانهما الأهلية»، مبرزًا «أن أي إجراء من هذا القبيل سيكون غير ملزم للدولة الموريتانية».
وسبق للسيناتور الشيخ ولد حننه رئيس مجلس الشيوخ (غرفة منحلة رسميًا منذ استفتاء الخامس من أغسطس 2017)، التأكيد على «أن موريتانيا تمر حاليًا بأزمة سياسية خانقة بسبب خرق الدستور، ولذا فإن تنظيم انتخابات في ظرف كهذا يعدّ خيانة للشعب ولنشطائه السياسيين»، مضيفًا قوله «لا أعتقد أن نشطاء الساحة السياسية سيدخلون في مغامرة انتخابية قائمة مسبقًا على قواعد فاسدة ومغرضة».
وأضاف «أن الخرق المتكرر الذي تعرض له الدستور الموريتاني خلال الفترة الأخيرة على يد السلطات، يحول دون تنظيم أي انتخابات ذات مصداقية».
ويطعن السيناتور الشيخ ولد حننه، رئيس مجلس الشيوخ المنحل، في شرعية الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، ويعلل ذلك الطعن بما يعتبره «انتهاك الرئيس للدستور وتنظيمه لاستفتاء غير شرعي». وقال في تصريحات أخيرة له «إن غرفة الشيوخ التي يرأسها هي وحدها الهيئة الدستورية الشرعية في موريتانيا اليوم، لأن الرئيس فقد شرعيته بانتهاكه الدستور، والجمعية الوطنية لا يمكنها أن تشرع لأن البرلمان الموريتاني مؤلف، وفقًا للدستور، من غرفتين؛ إحداهما موجودة دستوريًا، حسب قوله، لكنها ملغاة بقرار من الرئيس تم تمريره عبر استفتاء مزور، حسب تعبيره».
وأعلن رئيس مجلس الشيوخ المعارض «أن أعضاء المجلس (المنحل) لن يترشحوا للانتخابات النيابية المقبلة لأنهم يعتبرونها انتخابات غير شرعية، وغير شفافة ولا نزيهة ما دامت مؤسسات الدولة ومالها سيستخدم لصالح مرشح السلطة وحده».
ودعا «الرئيس الموريتاني لتنظيم حوار شامل وحقيقي بين أطياف المشهد السياسي الموريتاني كافة، من أجل الترتيب لانتخابات نزيهة تشرف عليها هيئة حيادية توافقية وتلتزم فيها الإدارة بمؤسساتها ووسائلها الحياد التام».
ويرأس السيناتور ولد حننه لجنة أزمة في مجلس الشيوخ المنحل يرفض أعضاؤها- وهم غالبية في المجلس- حل غرفتهم ويعتبرون مجلسهم غرفة شرعية ويرفضون الاعتراف بالتعديلات الدستورية التي ألغت هذ الغرفة.
وكان مكتب مجلس الشيوخ المنحل بموجب استفتاء الخامس من أغسطس/آب الماضي قد دعا في بيان نشره بعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء «الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى التعقل والتراجع عما سمّاه المكتب «الدوس على الدستور»، وإلى احترام رأي الشعب واحترام المؤسسات».
وساءت علاقات مجلس الشيوخ المنحل بالرئيس محمد ولد عبد العزيز وبالحزب الحاكم بعد رفض الغرفة التي يتمتع فيها الحزب بالأغلبية، تعديلات دستورية في مارس/آذار 2016، تقدم بها الرئيس وعبأ لها. وجاءت ردة فعل الرئيس الموريتاني غاضبة وصارمة، حيث أعلن في مؤتمر صحافي نظمه بعد عملية الرفض «أنه لن يترك 33 شيخاً يختطفون البلد». وذهب الرئيس إلى حد التشكيك في شرعية المجلس، حيث قارن عدد أصوات الرافضين بعدد المصوتين لصالح التعديلات في الجمعية الوطنية التي اعتبرها شرعية، في حين قال إن مجلس الشيوخ منتهي الصلاحية.
وأمر الرئيس بالتحضير للاستفتاء الشعبي الذي نظم في الخامس من أغسطس/آب 2017، وأعلن المجلس الدستوري عن نجاح إقرار التعديلات التي عرضت على الشعب بنسبة 85 في المئة، وهي النتائج التي رفضها أعضاء مجلس الشيوخ المنحل في التعديلات ذاتها ورفضتها المعارضة واعــتبرتها نتائج مزورة.
القدس العربي