بينما تنسق المعارضة الموريتانية لضم جهودها من أجل إفشال ما تسميه المخطط الانتخابي للنظام، يتابع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بنفسه حملة سياسية وإعلامية واسعة النطاق من أجل تحقيق أغلبية ساحقة في برلمان ما بعد انتخابات فاتح سبتمبر المقبل.
وجدد الرئيس الموريتاني تأكيده، أمس، في كلمة أمام سكان منطقة إنشيري شمال البلاد على «أنه يجب التصويت لمرشحي حزبه، الحزب الحاكم، لتحقيق أغلبية ساحقة في الجمعية الوطنية المقبلة، لما في ذلك، حسب قوله، من حماية لمصالح موريتانيا». وانتقد الرئيس الموريتاني تفرق عدد من أنصاره بين ترشحات متعددة خارج الحزب الحاكم بعد أن لم يجدوا مواقع داخل الحزب، مبرزًا «أن مقاعد الترشح محدودة». ولم يستبعد الرئيس تحقيق الأغلبية المطلقة في البرلمان المقبل، بالنظر للنجاح الكبير الذي حققته حملة الحزب الحاكم، حزب الاتحاد، من أجل الجمهورية التي أسفرت عن تقييد 1.115000 منتسب، وهو ما يعادل ثلثي سكان البلاد. وأكد الرئيس أنه «يريد أن يرى هؤلاء المنتسبين يصوتون لمرشحي الحزب الحاكم خلال انتخابات سبتمبر 2018 النيابية والجهوية والبلدية».
وكرر الرئيس هذا الطلب في جميع محطات جولاته في المدن الداخلية، وهي الجولات التي انتقدتها المعارضة واعتبرتها استغلالًا للوسائل العمومية للدولة في قضايا انتخابية.
واحتجت المعارضة الموريتانية ومرشحوها على ما سموه «انشغال الرئيس محمد ولد عبد العزيز ووزراء حكومته بحملة سياسية لصالح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، وهي الحملة التي أكدت المعارضة أن الرئيس بدأها قبل الأوان من مدن النعمة وكيفه في الداخل وافتتحها من نواكشوط».
وأكدت المعارضة في بيان احتجاجي أمس «أنه لا جدال في أن رئيس الجمهورية، في الدول الديمقراطية، له الحق في إعلان مساندته لهذا الحزب أو ذاك، أو لهذا المرشح أو ذاك، ولكن الفرق كبير جدًا بين أن يدعو الرئيس للتصويت لحزب سياسي معين وأن يقود بنفسه حملة هذا الحزب، ويشل الدولة ويعطل مصالح المواطنين طوال المسار الانتخابي، ليتفرغ للحملة ويفرغ لها الوزراء والعشرات من كبار المسؤولين والموظفين». وأضافت: «الفرق كبير جدًا عندما يقتصر افتتاح الحملة الرسمية لهذا الحزب على خطاب رئيس الدولة، وكأن هذا الحزب لا رئيس ولا قيادة له غير رئيس الدولة، والمفارقة هي أن هذا الرئيس يحظر عليه الدستور الانتماء لأي هيئة قيادية في أي حزب سياسي، نأيًا بهذا المنصب السامي عن السقوط في مستنقع التخندق السياسي، وضمانًا لعدم استخدام هيبته ونفوذه لصالح فريق سياسي ضد الفرقاء الآخرين».
«الفرق كبير جدًا، تضيف المعارضة، عندما يستخدم رئيس الدولة نفوذه وسلطته للضغط على المواطنين وعندما يأمرهم علنًا وبدون حياء بالانسحاب من أحزابهم وسحب لوائحهم لينتموا لحزبه ويصوتوا للوائحه، تحت طائلة التهديد والوعيد، أما عن استخدام وسائل الدولة فيكفي التذكير على سبيل المثال أن افتتاح الحملة السابقة لأوانها استخدم فيها رئيس الدولة ثلاث طائرات من الأسطولين المدني والعسكري، إحداها أوصلته إلى مدينة كيفه (وسط البلاد) ليتحول منها إلى أخرى أوصلته لمدينة النعمة (أقصى الشرق) التي استقل منها طائرة ثالثة إلى قرية انبيكت لحواش (أقصى الشرق الموريتاني)». وشددت المعارضة في بيانها التأكيد على «أن هزيمة لوائح حزب السلطة تعني الوقوف في وجه مخطط رأس النظام الرامي إلى استمرار حكم التسلط والتفقير والفساد وما يقود إليه من مخاطر الانسداد السياسي وعدم الاستقرار والقلاقل، كما تعني انتصار الانتقال الديمقراطي والسلمي للسلطة طبقًا لمقتضيات الدستور وما يضمنه هذا الانتقال السلس من سلم اجتماعي ووفاق وطني، وما يفتحه من آفاق واعدة تجنب البلد المخاطر التي عصفت ببلدان كثيرة بسبب تسلط قادتها وتشبثهم بالسلطة وحبهم الأعمى للثروة».
ويواجه الرئيس محمد ولد عبد العزيز مسألة حد مأموريات الرئاسة بفترتين تنتهي آخرهما منتصف العام المقبل.
ومع أنه قد أكد مرارًا أنه سيحترم ترتيبات الدستور وأنه سيغادر السلطة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن أنصاره ومن بينهم مسؤولون كبار في الدولة، يطالبون كل وقت وفي جميع المناسبات، بتعديل الدستور لتمكينه من الترشح لدورات ولاية إضافية.
ووصل الرئيس محمد ولد عبد العزيز للسلطة في أغسطس عام 2008 عبر انقلاب عسكري أطاح بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس منتخب في موريتانيا، وقد انتخب لفترتين رئاسيتين عام 2009 و2014.
القدس العربي