عجزت نسبة تزيد على 80 في المائة من الأحزاب السياسية المشاركة في الشوط الأول من الانتخابات البلدية التي شهدتها موريتانيا قبل حوالي أسبوعين، عن الحصول على نسبة تزيد على 1 في المائة من مجموع الأصوات المعبر عنها.
وبحسب النتائج العامة للانتخابات البلدية فإن 18 حزباً سياسياً فقط، من أصل 98 حزباً سياسياً، هي التي تمكنت من الحصول على نسب تتجاوز الواحد في المائة، ما يعني خروجها من دائرة خطر الحل بقوة القانون.
وينص القانون الموريتاني الجديد المنظم للأحزاب السياسية (صدر عام 2012) على أن كل حزب سياسي يحصل على نسبة أقل من 1 في المائة في اقتراعين محليين متتاليين « يتم حله بقوة القانون »، وذلك في إطار سياسة حكومية لتقليص العدد الكبير من الأحزاب السياسية المرخصة في البلاد والبالغ 105 أحزاب.
ويأتي هذا القانون كثمرة لحوار وطني نُظم عام 2011، شاركت فيه بعض أحزاب المعارضة، وتمت المصادقة على القانون بعد ذلك بعام، أي في 2012.
أحزاب المقدمة
تشير النتائج إلى أن 6 أحزاب سياسية تمكنت وحدها من حصد ما يزيد على 80 في المائة من الأصوات، في مقدمتها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم الذي استحوذ لوحده على نسبة 43,3 في المائة، من دون أن يعقد أي تحالفات في هذه الانتخابات.
في المرتبة الثانية حل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية « تواصل » المعارض، الذي حقق نسبة 13,6 في المائة، وعقد تحالفات عديدة تركز معظمها في العاصمة نواكشوط، مع بعض أحزاب المعارضة الأخرى.
حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم، الناشط في صفوف الموالاة والذي تقوده الوزيرة الناها بنت مكناس، حل في المرتبة الثالثة حين حصل على نسبة 7,8 في المائة من الأصوات المعبر عنها، متبوعاً بحزب اتحاد قوى التقدم حاصلاً على نسبة 4,8 في المائة، وهو الحزب الذي يتولى الرئاسة الدورية للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في البلاد.
وحل في المرتبة الخامسة حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني « حاتم » المعارض بنسبة وصلت إلى 3,9 في المائة، وهو الذي لم يتمكن رئيسه صالح ولد حننا من دخول البرلمان في الانتخابات التشريعية التي جرت بالتزامن مع الانتخابات المحلية (البلدية).
سادس هذه الأحزاب هو العهد الوطني من أجل الديمقراطية والتنمية « عادل »، الذي سبق أن حكم البلاد لفترة قصيرة قضاها الرئيس المدني السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في الحكم عامي 2007 و2008، الحزب حصل في هذه الانتخابات على نسبة 3,5 في المائة من الأصوات.
أحزاب الصفرين
أحزاب عديدة تذيلت الترتيب حين توقفت النسبة التي حصلت عليها عند عتبة 0,01 في المائة، وفي المرتبة الأخيرة يأتي حزب تيار الفكر الجديد بعدد أصوات توقف عند 103 أصوات فقط، متذيلاً بذلك قائمة الأحزاب المشاركة في الانتخابات، غير بعيد من حزب الحركة الشعبية الموريتانية الذي حصل على 107 أصوات فقط.
حزب العمل الملموس (قوس قزح) هو الآخر حل في ذيل الترتيب بعدد أصوات توقف عند 125 صوتاً، أي ما يعادل نفس النسبة 0,01 في المائة، ذات النسبة التي حصل عليها حزب البناء الوطني بمجموع أصوات وصل إلى 130 صوتاً.
في ذات الرتبة نجد أحزاباً أخرى هي: حزب الأمل الموريتاني، حزب الاتحاد من أجل العدالة والتنمية وحزب الجيل الجديد.
مفاجآت الترتيب
من ضمن المفاجآت التي يمكن القول إن الترتيب تضمنها، وجود بعض الأحزاب التي كانت بارزة على الساحة السياسية في السنوات الأخيرة، تحت الخطر الأحمر الذي يهددها بالحل، ولعل من أبرزها حزب اللقاء الديمقراطي الذي يرأسه وزير العدل السابق محفوظ ولد بتاح، حين حصل على نسبة 0,74 في المائة.
وبعد حصوله على هذه النسبة، يواجه حزب اللقاء خطر الحل بقوة القانون، لأنه قاطع الانتخابات البلدية السابقة عام 2013، في إطار الالتزام بقرار اتخذته منسقية المعارضة الديمقراطية آنذاك، احتجاجاً على شفافية الانتخابات.
حزب المستقبل الذي شهد صراعات مريرة على قيادته خلال السنوات الأخيرة، ولكنه استقبل في الأشهر الماضية بعض الشخصيات السياسية الوازنة، هو الآخر دخل دائرة الخطر حين حصل على نسبة 0,78 في المائة.
نفس الشيء بالنسبة لحزب الحراك الشبابي من أجل الوطن، الذي توقفت نسبته عند 0,66 في المائة، وهو الحزب الذي نافس بقوة في الانتخابات التشريعية الماضية (2013)، وتم وصفه حينها بأنه « الحصان الأسود ».
حزب التجمع من أجل موريتانيا « تمام » توقفت نسبته عند 0,47 في المائة، وهو الذي شارك في الحوار الوطني الأخير (2016)، بعد أن جمد عضويته في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في البلاد.
ولعل من اللافت أيضاً حصول الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد، الذي حكم موريتانيا خلال حكم الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطائع، على نسبة لم تتجاوز 0,22 في المائة فقط، وكانت رئيسته منتات بنت حديد قد طعنت منذ أيام في نزاهة الانتخابات، وجمدت عضوية حزبها في ائتلاف الموالاة الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز.
نواب أحرار
سيقود تطبيق قانون الواحد في المائة إلى حل أحزاب سياسية تمكنت من إدخال نواب في البرلمان، ما يعني أن هؤلاء النواب ستكون لديهم حرية الانضمام للحزب الذي يرونه مناسباً لواقفهم وقناعاتهم السياسية أو مصالحهم، إنهم « النواب الأحرار » في ترحال سياسي يحميه القانون الجديد.
من أبرز هذه الأحزاب المهددة بالحل حزب المستقبل الذي عجز عن الحصول على نسبة تفوق الواحد في المائة، وهو الذي قاطع الانتخابات المحلية الماضية، ومع ذلك نجح في هذه الانتخابات في الدفع بالقيادي سالم فال ولد فال إلى قبة البرلمان.
نفس الشيء ينطبق على المدون والسياسي الشاب محمد الأمين ولد سيدي مولود، فقد نجح في الدخول إلى البرلمان عبر بوابة حزب الشورى من أجل التنمية الذي فشل بدوره في تجاوز نسبة 0,43 في المائة، ما يمنح لولد سيدي مولود حرية الانضمام للحزب الذي يراه مناسباً، في حالة ما تم حل حزب الشورى بموجب القانون.
الخليل النحوي أيضاً دخل البرلمان مترشحاً من حزب الغد الموريتاني، ومن الراجح أن الحزب الذي غاب عن المشهد السياسي طيلة السنوات الماضية، سيتم حله لأنه عجز عن تجاوز نسبة 0,3 في المائة من الأصوات.
تطبيق القانون
تكشف هذه النتائج قائمة الأحزاب التي حصلت على نسب أقل من واحد في المائة، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة أنها ستحل بموجب القانون، لأنه لا بد أن تكون حصلت على نسبة أقل من واحد في المائة في الانتخابات السابقة، أو أنها قاطعتها أو غابت عنها.
كما لا يطبق هذا القانون على الأحزاب التي ترخيصها بعد عام 2013، والتي تخوض الانتخابات المحلية للمرة الأولى منذ ترخيصها، على غرار حزب نداء الوطن الذي حصل على نسبة 0,33 في المائة ولكنه لا يخشى الحل بناء على هذه النتيجة لأن الترخيص له تم في شهر أكتوبر 2016.
نفس الشيء بالنسبة لحزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال، الذي يرأسه السعد ولد لوليد، فقد توقفت نسبة الحزب عند 0,12 في المائة فقط، وهو الذي رخص له شهر أكتوبر من عام 2016، ويخوض أول انتخابات محلية.
صحراء ميديا