«القدس العربي»: لا حديث بعد في موريتانيا إلا عن معركة الإسلاميين مع نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي يؤكد معارضوه أنه بصدد إضعاف هذه الجماعة ذات الحضور السياسي القوي المزعج لأجندة بقائه في الحكم، التي يجري الترتيب لها منذ حصوله على أغلبية برلمانية أكثر من مريحة.
وكان التطور الأبرز، أمس، هو التظاهرات التي نظمها طلاب مركز تكوين العلماء احتجاجًا على إغلاق مؤسستهم.
وقوبلت التظاهرة بقمع الشرطة التي اعتقلت أحد أساتذة المركز وعددًا من طلابه، وقد دلت مواجهات أمس على أن الإسلاميين يتجهون نحو مواجهة السلطات وعدم الخضوع لقرارات الإغلاق.
وفي خطوة أخرى بعد خطوة إغلاق مركز تكوين العلماء، أغلقت السلطات جامعة عبد الله بن ياسين التي يتولى رئاستها الشيخ محمد الحسن ولد الددو، بينما يشتد تأليب السلطات من أجل حل حزب التجمع المحسوب على الإسلاميين ومواجهة تمكنهم على الساحة.
ويقوم بهذا التأليب أعداء الإخوان من علماء وأئمة وقذافيين وناصريين موالين وذلك عبر البيانات والبرامج التلفازية وفي صفحات التواصل.
وأكد الشيخ محفوظ إبراهيم فال مدير مركز تكوين العلماء «أن إدارة المركز راجعت والي ولاية نواكشوط الجنوبية الذي أكد ألا علم لديه بالإجراءات المتخذة ضد المؤسسة، وعدم توفر الشرطة على أي إذن قضائي أو إداري سوى دعواهم أنها مجرد أوامر عليا».
وقال: «قمنا اليوم بتقديم شكوى لدى وكيل الجمهورية من هذه الفرقة التي اغتصبت مؤسستنا وطردت طلابنا وعمالنا بدون حق شرعي ولا سند قانوني وسنتابعهم ولن نتخلى عن قضيتنا، وهذا وصل تسلم الشكوى مصدقًا من الجهة المعنية بعد أن شكونا إلى الحكم العدل «.
وناشدت حركة التوحيد والإصلاح المغربية أمس «الحكومة الموريتانية لوقف الإجراءات المتخذة ضد مركز تكوين العلماء، وتمكين المركز من كافة الحقوق المشروعة لاستكمال مسيرته العلمية والتربوية والإصلاحية».
وأعربت الحركة «عن استغرابها» لهذه الإجراءات التي تضيق على العلم والعلماء، وتحول دون نشر قيم الوسطية والاعتدال»، معلنة «تضامنها مع إدارة المركز وعلى رأسها رئيس الشيخ محمد الحسن ولد الددو».
وأكدت حركة التوحيد والإصلاح «أن مركز تكوين العلماء يعد معلمة علمية أهلية موريتانية تجمع بين الطابع الأصيل والمعاصر للتعليم، تخرج منه عشرات العلماء وطلبة العلم من موريتانيا وعدد من البلدان الأوروبية والإفريقية ومنها المغرب، وساهم إلى جانب العديد من الهيئات من موريتانيا وخارجها في إشاعة قيم الوسطية والاعتدال في صفوف الشباب المسلم».
وتحدث المفكر الإسلامي الموريتاني محمد المختار الشنقيطي، أستاذ الأخلاق في جامعة الشيخ حمد القطرية، في تدوينة له أمس، عما سماه «الثمار المريرة لتقارب حاكم موريتانيا العسكري مع سفهاء أبو ظبي التي بدأت بالظهور: سحب ترخيص جامعة عبد الله بن ياسين الإسلامية، بعد يومين فقط من إغلاق مركز تكوين العلماء، شرور محمد بن زايد التي تمتد من الخليج إلى المحيط».
ودعا الشباب الموريتاني للثورة وقال: «نصيحتي للقوى السياسية الموريتانية، وللشباب الموريتاني الحيّ، التصعيد في النضال المدني ضد عزيز، فهو في موقف ضعف الآن، وعدد من أصحابه متحفزون لخلافته، وهم يبحثون عن ثغرة ليغدروا به كما غدر هو بالرئيس المدني، كما يبدو على عزيز التخبط والارتباك في هذه الأيام، وهذه كلها فرص مساعدة للتخلص من فساده واستبداده، والعودة إلى الحياة الديمقراطية التي وأدها في مهدها بانقلابه العسكري المشين».
واستمر القيادي الإسلامي البارز محمد جميل منصور في التدوين ضد الإجراءات التي اتخذتها حكومة نواكشوط ضد مؤسسات التيار الإسلامي حيث قال: «هذه المرة يبدو أن الوزارة المعنية أخبرت جامعة بن ياسين بسحب ترخيصها دون إبداء الأسباب، وكان مركز تكوين العلماء قد أغلق دون إخطار ولا اتصال، إنه الإمعان في إهانة العلم وما يرمز له (مركز، جامعة) وافتقاد أبسط قواعد اللياقة والمسؤولية في تنفيذ ذلك، إذا لم تستح فاصنع ما شئت».
وأضاف: «إغلاق مركز تكوين العلماء الذي يرأسه العلامة الشيخ محمد الحسن الددو إساءة بالغة لموريتانيا تاريخًا وسمعة ورصيدًا، وتودد رخيص لممولي الحرب على الاسلاميين الوسطيين، وتوتير داخلي تبرر به أجندة مشبوهة في أفق 2019، ولا ينجي من هذه الخطيئة إلا التراجع عنها وفورًا».
وأكد جميل منصور الرئيس السابق لحزب «تواصل» ذي المرجعية الإسلامية «أن الحل في التراجع الفوري عن الإجراء والاعتذار للمؤسستين والقائمين عليهما».
أما المدون محمد ولد حميد فقد أكد «أن السؤال الصحيح هو لماذا تم اختيار المؤسسات التعليمية تحديدًا رغم كلفة غلقها العالية جدًا، والمتمثلة في تضرر مئات الموظفين والأساتذة وتضييع مستقبل مئات الطلاب بعضهم في السنوات الأخيرة من مشواره الدراسي».
وأضاف: «لكن السؤال الأهم هل سيقسم علينا الجنرال الرز السعودي الإماراتي؟».