ينتظر ضحى اليوم الإثنين اندلاع معركة كبرى حول رئاسة البرلمان الموريتاني، وذلك في أول دورة للجمعية الوطنية الجديدة.
واحتجت المعارضة الموريتانية على تأجيل افتتاح دورة البرلمان لمدة أسبوع حيث ينص الدستور على وجوب انطلاقتها في أول يوم عمل من شهر أكتوبر / تشرين الأول وتخصيصها لانتخاب الرئيس ونواب الرئيس.
وحسبما تؤكده وتحتج عليه أوساط المعارضة، فقد «أجل الرئيس إصدار مرسوم استدعاء البرلمان للافتتاح إلى هذا اليوم الإثنين انتظارًا لعودة صديقه الخاص العقيد الشيخ ولد بايه نائب منطقة الزويرات (شمال) المرشح لرئاسة البرلمان والذي كان يتعالج في باريس من آثار حادث سير.
وحسب المعلومات المتداولة على نطاق واسع، فإن المرشح لرئاسة البرلمان هو النائب الشيخ ولد بايه من المنطقة الشمالية، غير أن إشاعات تداولت أمس حول ترشح النائب حمادي ولد أميمو، وهو أحد أبرز نواب الشرق الموريتاني، الذي يعتبر خزانًا انتخابيًا كبيرًا.
وبينما أمضى الشيخ ولد بايه حياته المهنية ضابطًا في رقابة الصيد البحري، فإن النائب ولد أميمو تولى عدة مناصب بينها وزير سابق للخارجية وسفير سابق في الكويت.
وتحدث موقع «زهرة شنقيط» الإخباري عن «معركة صامتة يخوضها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم من أجل تأمين أغلبية مريحة لمرشحه لقيادة البرلمان، نائب الزويرات الشيخ ولد بايه».
«ويسود قلق داخل الحزب، يضيف الموقع، من تكرار البعض لسيناريو مجلس الشيوخ (تصويت نواب الموالاة ضد خيار السلطة)، والتصويت بشكل انتقامي في ظل التحول الحاصل في السلطة والمغادرة المحتملة للرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد أشهر قليلة».
وحسب الموقع «فإنه من المحتمل ارتفاع المصوتين ضد النائب الشيخ ولد بايه إلى 46 نائبًا من أصل 157 نائبًا، وهي نسبة مرشحة للزيادة في ظل غموض مواقف البعض من الرجل وقيادة الحزب ومقترح الرئيس».
ويضم معارضو مرشح الرئيس المحتملون كلاً من نواب كتلة حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل» (14 نائبًا)، ونواب حزب التكتل (3 نواب)، ونواب قوى التقدم (3 نواب)، وحزب الشورى (نائب واحد)، ونواب حزب عادل (نائبان)، ونواب حزب الصواب (2)، ونائب الحركة من أجل التجديد، وكتلة الوزير الأول داخل البرلمان (10 نواب)، ونواب التحالف الديمقراطي (أربعة نواب)، ونواب حزب التحالف الشعبي التقدمي (ثلاثة نواب)، ونواب حزب الوئام المعارض (2).
ويؤكد الموقع «أن أنصاررئيس الوزراء يحيى ولد حدمين ينظرون لانتخاب الشيخ ولد بايه صديق الرئيس بقدر كبير من الحذر بحكم علاقته المتوترة بالرجل الثاني في السلطة، وتلميحه إلى الدور السلبي الذي لعبه ضد الحزب ومقترحات الرئيس خلال الانتخابات الأخيرة».
وأشعل مدونو المعارضة حملتهم المضادة لترشيح صديق الرئيس العقيد الشيخ ولد بايه، حيث أكد المدون البارز محمد الأمين ولد الفاظل أنه قد أصبح من الواضح جدًا بأن نائب الزويرات الشيخ ولد بايه هو مرشح الرئيس ولد عبد العزيز لرئاسة البرلمان، ولذلك فلم يتم إصدار مرسوم رئاسي لاستدعاء البرلمان إلا في يوم الجمعة الموافق 5 أكتوبر، بعد أن تأكد إقلاع الطائرة التي سيعود فيها ولد بايه إلى أرض الوطن».
«هكذا، وبكل وبساطة، يقول المدون، تم خرق الدستور وتم تأجيل جلسة كان يجب أن تنعقد في أول يوم عمل من شهر أكتوبر بنص المادة 52 من الدستور الموريتاني، وذلك لأن الظروف الصحية للصديق الشخصي للرئيس ولد عبد العزيز لم تسمح له بالعودة في ذلك اليوم، هكذا، وبكل بساطة، تم خرق الدستور لضمان ترشيح ولد بايه لرئاسة البرلمان، ولكن دعونا نسأل: هل تم حسم رئاسة البرلمان لصالح ولد بايه؟».
وأضاف: «يمتلك ولد بايه نقطة قوة وحيدة للفوز برئاسة البرلمان، وهي أن الرئيس ولد عبد العزيز يريده رئيسًا للبرلمان وربما يريده من بعد ذلك لشيء آخر، ويكفي ولد بايه من نقاط القوة نقطة القوة هذه لكي يضمن الفوز برئاسة البرلمان، وحسب ظواهر الأمور، فإن رئاسة ولد بايه للبرلمان قد أصبحت شبه محسومة، ولكن حسب بواطنها، فإنه لا شيء قد حُسِم، خاصة إذا ما تذكرنا أن هناك استياءً كبيرًا لدى عدد من النواب من الطريقة التي تم التعامل معهم بها، فهم لم يستشاروا في مسألة ترشيح ولد بايه، ولم يتم إشعارهم بترشيحه حتى الآن، وسيطلب منهم وفي آخر لحظة وبصيغة الأمر أن يصوتوا لولد بايه، وهذا الأسلوب من التعامل غير اللائق هو الذي أدى إلى تصويت عدد من شيوخ الأغلبية ضد التعديلات الدستورية، فهل ستتكرر الحكاية مع عدد من نواب الأغلبية، وخاصة منهم أولئك الذين أبدوا انزعاجهم من تأجيل الجلسة البرلمانية عن موعدها المقرر دستوريًا، ودون أن يتم إشعارهم بذلك؟ يتساءل المدون».
وكان نواب المعارضة قد اعتصموا خلال عطلة نهاية الأسبوع احتجاجًا على ما سموه «الخرق الفاضح للدستور الذي حصل من طرف النظام، حيث لم يحترم النص الدستوري الصريح بافتتاح الدورة البرلمانية يوم الإثنين الماضي طبقًا للمادة 52 من الدستور».
وأكدت المعارضة «أن اعتصامها إجراء تحذيري ستتبعه خطوات تصعيدية لفرض احترام الدستور والقانون ولرفض الاستهتار الذي ينتهجه النظام تجاه المنظومة التشريعية في البلد». وينتظر بعد اكتمال انتخاب رئيس البرلمان ونوابه، وانطلاقة الدورة البرلمانية، تشكيل حكومة جديدة لم تتضح معالمها لحد الآن.
وتتفاعل هذه الأحداث في ظل الأزمة التي فجرها النظام ضد الإسلاميين الموريتانيين والتي شهدت بعض الهدوء بفعل وساطات محلية، مع أن مؤشرات تفاقمها لا تزال منظورة.
«القدس العربي»