عرف مجتمعنا العربي الإسلامي ثنائية آلمعارضة وللموالاة منذ دخلت الديمقراطية على الخط ولم يستوي عود الديمقراطية في تجربتنا السياسية بعد لعوامل ليست من صميم الموضوع يهمني في هذا المقال الانطباعي أن أتناول نظرية الموالاة والمعارضة في الإسلام من خلال السؤآل التالي هل في نصوص الإسلام أو في التطبيقات النبوية ما يؤسس لفكرة إو لمجموعة من الأفكار يمكن أن تبنى عليها نظرية للمعارضة وللموالاة؟
نصوص القرآن تتحدث عن العدل بين الناس (إن الله يأمركم أن تردوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس إن تحكموا بالعدل) بل إن القرآن أمر بالعدل حتى مع الخصم
(يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلو ا هو أقرب للتقوى
واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) كما تتحدث عن الإمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) ولا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتطلب رفض الظلم ومعارضته
كما توجد نصوص ترفع الحرج عن من انتصر بعد الظلم
(ولمن انتصر بعد ظلمه فؤلئك ما عليهم من سبيل )
لكن في مقابل هذه النصوص توجد نصوص تؤكد على الحذر
من الفتنة والاقتتال وترغب في الصبر وفعل الخير بالإحسان إلى الناس والعدل والصبر والعفو عن الناس هي التوجيهات الغالبة على نصوص القرآن
خلال السنوات العشر التي قضى النبي صلى الله عليه وسلم
فيها هو الحاكم الفعلي للدولة الإسلامية بالمدينة المنورة
كانت سمة الطاعة دون سؤآل وتعليل هي الصفة الغالبة
في مجتمع يحكمه نبي يتلقى الوحي من الله كان مواطنوا
ذلك المجتمع الذين هم الصحابة يتسابقون في مرضاة الرجل
الذي تعتبر طاعته طاعة الله ولا يبلغ أحد حقيقة الإيمان
حتى يكون أحب إليه من نفسه ومع كل ذلك كان النبي يحكم المجتمع بمنطق الواقع فيستشير ويقبل الرأي الآخر وهو بذلك يطبق نصا قرآنيا ( وشاورهم في الأمر ) بل إننا نراه يلح في طلب الرأي والمشورة بقوله أشيروا علي أيها الناس
وفعلا استشار وقبل ما أشير عليه به مرات عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر معركة بدر وأحداث صلح الحديبية
شيئ من التاريخ :
يمكن استنطاق التاريخ الإسلامي لاستقراء نظرية الموالاة والمعارضة عند الإسلام من خلال علاقة الصحابة والتابعين بعد العهد الراشدي بالسلطة
يمكن استنطاق نموذجين أحدهما معارض وثانيهما موال
النموذج الأول يمثله كل من الحسين بن علي وعبدالله بن الزبير وثورة أهل المدينة بقيادة عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر الأنصاري وثورة القراء بقيادة بن الأشعث سنة81 للهجرة التي شكلت آخر ثورة منظمة يقودها الفقهاء وبدأبعدها عهدا تميز بالغالب الأعم بالتعاون مع السلطة
أو الحياد خوفا من الفتنة
النموذج الموالي مثلته الأغلبية الساحقة من الصحابة
والتابعين ويمكن استنطاقه من خلال موقف كل من عبد الله
ابن عمر وعبد الله بن عباس و أنس بن مالك الذين وادعوا بني أمية منطلقين من خطر الفتنة كما مثله الإمام الإوزاعي
والحسن البصري وغيرهم من غالبية أئمة الأم من أهل السنة
وقد بقيت طائفة الخوارج تعارض وتقاتل حكام المسلمين
طيلة العهدين الأموي والعباسي
وباعتبار تعدد طوائف المسلمين وما تعرضت له المنطقة العربية من حروب طائفية وحروب تستند على خلافات عقدية انتصرت نظرية طاعة الحاكم وهي نظرية تستند إلى نصوص من القرآن والسنة (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم )
خلاف جذري :
تنطلق نظرية الموالاة والمعارضة من رحم التعددية ( الديمقراطية ) وهنأ يبرز التناقض بين نظريةالإسلام والديمقراطية
الإسلام يرفض كل فكرة أو ممارسة في التدبير الدنيوي
تقوم على التعدد والاختلاف فالآراء يمكن أن تتعدد لكن داخل قطب سياسي واحد
لا يشرع الإسلام تعدد الأحزاب بل يذمه (كل حزب بما لديهم فرحون ) فالشيع والفرق والأحزاب بالنسبة للإسلام كلمات
تحمل شحنات قدح
سيادة الشعب :
إذا كانت الديمقراطية تنطلق من سيادة الشعب فإن الإسلام
يهدف إلى سيادة الدين وحكمه للشعب ثم إن الإسلام والديمقراطية لا يتفقان في مكانة المواطن وموقعه في السياسة فالديمقراطية تعتبر المواطنين على درجة واحدة
في المكانة السياسية بينما يفرق الآسلام بين الغوغاء
والسفهاء وجماعة الحل والعقد من الحكماء والعقلاء
وقادة المجتمع ولعلي أقول آن الإسلام سجل على الديمقراطية نقطة في هذه إذ لا شيئ في منطق العقل
يساوي بين الأحمق والعاقل والجاهل والمثقف
وكيف لبرلمان مثلا من غوغاء المجتمع وجهاله أن يشكل جهازا تشريعيا محترما ؟
المواطن ن بالنسبة للإسلام درجات هناك الراشد والسفيه والعدل والدين والفاسق
والديمقراطية لا تفاضل بين ألمواطنين أما اختلاف الإسلام والديمقراطية من حيث الأهداف التي يصرح كل منهما بأنه يسعى لتحقيقها فهي واضحة
المشروع الديمقراطي مشروع دنيوي يصرح بأنه يهدف
إلى توفير متطلبات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمواطنين بينما يصرح مشروع الإسلام إلى هدف يرى أنه هو الأهم وهو تحقيق السعادة الأخروية فالدنيا (دار الغرور) هي جسر عبور للدار الأخرى (ولا الآخرة خير وابقى )
ديمقراطيتنا الفاشلة
تسجل الديمقراطية في مجتمعنا العربي والإسلامي يوما بعد
يوم الفشل تلو الآخر
قصة فشل الديمقراطية في مجتمعاتنا حسب تصوري :
لتنبت الديمقراطية نبتا حسنا في مجتمع ما لابد أن يكون قد وصل إلى درجة من المدنية تجاوز فيها الولاءات الطائفية والقبلية والعرقية بحيث يصبح ولاء الأفراد فيه للدولة والدولة فقط
هذا ما حدث في أربا مركز الديمقراطية ومنطلقها لا بد أيضا من استنبات الديمقراطية بصفة غير غبية بحيث نأخذ منها ما يناسب هويتنا الحضارية وديننا وقيمنا وأخلاقنا
إن من أسميهم بأبناء الزنى الحضاري المفتونين بثقافة الغرب عن جهل ساهموا بقوة في استنبات الديمقراطية المعلبة بصفة غبية في بلادنا هؤلاء الجهلة الذين يسمون أنفسهم الحداثيين والتنويريين استغلوا فرصة الإعلام الذي أصبح فضاء مفتوحا لكل من هب ودب فروجوا لبضاعتهم الفاسدة وغرروا بالشباب وكسبوا ود المرأة عن طريق الدفاع الزائف عن حقوقها كما وجدت فيهم القوى الغربية الساعية إلى السيطرة على شعوبنا الحلقة الضعيفة التي يمكن استخدامها فروجت من خلالهم لبرق الديمقراطية الخلب
الذي أسفر في أغلب دولنا عن الحروب الإهلية والكساد الاقتصادي ودمار الأخلاق
الفقهاء والحكام
يتعلق الأمر بالعلاقة بين الطرفين :
باستثناء فقهاء الإخوان المسلمين فإن الأغلبية الساحقة من
الفقهاء ما زالت تنطلق في علاقتها بالحكام من طرح قاضى القضاة الإمام الوردي الذي يوجب طاعة ولي الأمر مالم يأمر
بكفر بواح أما فقهاء الحركة الإسلامية فيسيرون في فلك فلك معارضة الحكام
ويتكئ علماء المعارضة و علماء الموالاة على نصوص
من الكتاب والسنة غير أن تكفير الحكام وإصدار الفتاوى بوجوب قتالهم جعل البعض يتهم الحركة بشائبة خارجية
وباعتبار الدكتور يوسف القرضاوي العالم المتمكن المعروف
أبرز مرجعية تعتمد عليه حركة الإخوان المسلمين في فقه
السياسة فسأختم هذا المقال بقراءة في نموذج من فتاواه
التكفيرية وهو الموقف الذي سبب خلافا حادا وانشقاقا شديدا في اتحاد علماء المسلمين الذي يرأسه والذي كان
يجمع كل التيارات الإسلامية( سنة مصفوفة وسنة سلفية
وخوارج ......)
يتطلب نقاش هذه القضية درجة معينة من الاطلاع على ما قرره الشارع في قضية التكفير
وأرجو من طلاب العالم المتمكن يوسف القرضاوي التجرد من عاطفة التعصب السياسي للشيخ ومناقشة الموضوع بروح الحياد فالحق أحق أن يتبع لأن العلماء غير معصومين يقول الشيخ محمد الحسن ابن أحمد و الخديم ناظما هذه المسألة التي هي مما علم ضرورة من الدين :
ما للمشايخ ثبوت عصمة
بل كسواهم من جميع الأمة
فجائز عليهم النسيان
وخطأخيانة كتمان
كما أرجو منهم أن يضعوا في عين الاعتبار أنه ما من
عالم أكبر من إن يناقش ويلاحظ عليه ولذلك قال محمد مولود ولد أحمد فال عاطفا على أمثلة لعلماء أنتقد عليهم آخرون :
كذا الرهوني على رسوخه
قد أكثر الرد على شيوخه
وذاك عندي أن حق الحق
مقدم على حقوق الخلق
من المعروف أن الكفر يثبت على الآنسان بتصريح منه واضح
خال من الإكراه كما يثبت عليه بإنكار ركن من أركان الإسلام
وكذلك التعريض بالذات العلية ونكران بعض ثوابت العقيدة
وغير ذلك مما يضيق المقام عن حصره
والكفر كفر قديم ورثه الشخص من مجتمعه وآبائه وبقي عليه حتى مات وكفر سبقه إسلام وهو المعبر عنه بالردة والكفار منهم مشركون وكتابيون
تكفير يوسف القرضاوي لبعض الحكام العرب هو محل الإشكال فهؤلاء الحكام يعلنون أنهم مسلمين حيث يصلون
صلاة العيدين ويفتتحون الأنشطة الإسلامية وجل قوانين الأحوال الشخصية في بلادهم مأخوذة من الفقه الإسلامي ولا يضايقون المسلمين في تأدية شعائرهم
أعطي مثالا خطيرا يتعلق بالشيخ يوسف القرضاوي يتداول على منابر التواصل الاجتماعي حيث يصرح بكفر بشار
الأسد ثم يظهر بشار الأسد يجلس على منصة بين علماء
سوريين يعلن أمامهم بأنه مسلم ويقدر كل الخلفاء ويعمق فكرة إسلامه ويصرح بأن قانون الأحوال الشخصيةفي سوريا مأخوذ من الفقه الإسلامي ثم يظهر وهو يصلي خلف إمام مسجد الأمويين ومن الواضح أن الذين خلطوا بين تكفير القرضاوي وبشار الأسد في هذا الفيديو يريدون بذلك الرد على القرضاوي
نحن أمام مشكلة كبيرة تتمثل في عالم يصرح بكفر شخص
وتصريح من الشخص نفسه بأنه مسلم يتبنى كل متعلقات
عقيدة الإسلام فما ذا سنعمل هل نتبنى رأي الشيخ معتمدين على جزمنا بأن نية بشار غير ما صرح به ؟وهل يحكم بنية الشخص أم بتصريحه؟
لا مشاحة في دكتاتورية بشار ومن هم على شاكلته من الحكام لقد قتل الأسد وبشار الآلاف وشردالآلاف و لم يطبق مثل غيره من الحكام حدود الله لكن هل يخرجه ذلك من الملة ؟هل حكم العلماء عبر التاريخ الإسلامي بتكفير حكام بني أمية وبني العباس ؟ باعتبار مامارسوا من قتل وتشريد
في حق معارضيهم؟هل حكم العلماء بكفر عبيد الله بن زياد ؟هل حكموا بكفر الحجاج بن يوسف الثقفي الذي عرف بقسوته وقتله الآلاف من المسلمين بما فيهم علماء عرفوا بالورع مثل سعيد بن جبير ؟ هل حكم العلماء بكفر الخليفة العباسي الذي لقب بالسفاح؟الم يقتل معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه العشرات ؟من معارضيه بعد حربه هو وعلي بن أبي طالب ؟
لماذا لم يكفر علي بن أبي طالب الخوارج رغم أنه قاتلهم ؟
إذ من المعروف في التاريخ أن كل حاكم واجهه معارضون
قتلهم ونكل بهم ؟أقول لكم أيضا لا معنى لتكفير بشار بسب أنه نصيري في الأصل إذالعبرة بالديانة التي يعلن الإنتماء إليها أما تعطيل الحدود استنادا على آيات فؤلئك هم الكافرون إلى آخر الآيات فقد شفت فيه كتب التفسير الغليل
ولا يغني المحتجين به شيئا