هذه الصورة القديمة هي صورة حصن أومال الذي سجن فيه الفرنسيون أمير البراكنة المختار ولد سيدي نهاية 1843 حتى توفي هناك بعد أن نشر الإسلام وهدى الله على يديه أناسا طيبين من إفريقيا، فلم تمنعه ظروف الاعتقال وإكراهات السجن وعنف الفرنسيين والغربة عن الديار من نشر الإسلام وتعاليمه في أدغال إفريقيا، فهدى الله على يديه أفارقة خرجوا من الظلمات إلى النور.
أما الصورة الثانية فهي صورة كاتدرائية ليبرفيل عاصمة الغابون التي بنيت على أنقاض حصن أومال. وهذا الأمير هو المختار ولد محمد ولد سيدي امحمد بن المختار بن آغريشي الشهير بالمختار ولد سيدي أو المختار لسيدي. اختطفه الفرنسيون وتم نفيه إلى الغابون لأن الفرنسيين وخصوصا حاكم سينلوي الفرنسي "بويت ويلوميز" (Bouët-Willaumez) لا يرغبون فيه ويناصبونه العداء. وقصة هذا الحصن الغابوني الذي يظهر في الصورة تعود إلى مايو 1843 حين انطلقت حملة فرنسية من جزيرة "غوري" السنغالية كانت مكونة من ثلاث سفن محملة بمواد لبناء وقد وصلت شواطئ الغابون يوم 18 يونيو، وكان ذلك بأمر من الوالي الفرنسي بويت ويلوميز المذكور وهو الذي وضع خطة لبناء هذا الحصن الذي سيعرف بحصن أومال (Fort d'Aumale).
وقد وقع اختيار على الفرنسيين على تل يفصل بين نهري "أرامبو" و"أواندو" المتقاربين فبنوا الحصن المطل على المحيط الأطلسي والذي يجد ساكنته في النهرين ما يريدون من مياه صالحة للشرب، وقد انتهى الفرنسيون من بناء الحصن يوم 3 سبتمبر عام 1843.
وفيه سيجنون الأمير البركني المختار ولد سيدي مباشرة بعد الانتهاء أو أثناء بنائه، وقد اندثر هذا الحصن المنيع وفي مكانه اليوم ترتفع جدران كاتدرائية ليبرفيل. تولى المختار ولد سيدي الإمارة سنة 1841 بعد موت الأمير أحمدو الأول ولد سيدي اعلي الأول ولد المختار ولد آغريشي بمعية أولاد نغماش وأولاد منصور وجزء من أولاد السيد. لكن الوزيرين القويين انجاك المختار وببكر ولد خدج كانا مع الزعيم الطامح للإمارة البركنية محمد الراجل ولد المختار ولد سيدي محمد. وبدأت معارك بين الطرفين وتحالف كل طرف مع أنصاره من هليبه من التكارير. وقد أوفقت تلك النزاعات تجارة العلك مع الفرنسيين على الضفة البركنية فتدخل الفرنسيون في النزاع تدخلا لم يرض المختار ولد سيدي فهجم على مدينة اندر يوم 27 يناير 1843 ونهب سفينة فتعقبه الوالي الفرنسي كايْ وتمكن من القبض عليه وسجنه في اندر. فعين في نفس الفترة الوالي بويت ويلومز الذي أصر على أن المختار ولد سيدي كان يقطع الطريق على قوافل العلك المتجهة إلى المراسي التي تشرف عليها فرنسا بذريعة أن امحمد الراجل يسيطر عليها. كما أصر الوالي الفرنسي على أن المختار ولد سيدي أغضب وأثار تجار وسماسرة العلك في اندر وهو أمر لا تطيقه الإدارة الفرنسية. فقرر الوالي الفرنسي نفيه إلى الغابون الذي وقع للتو تحت السيطرة الفرنسية منذ سنة، وكان معه في المنفى بعض مقربيه، وتم احتجاز المختار ولد سيدي في حصن أومال.
وقد نشر المختار ولد سيدي الإسلام بين المواطنين الأفارقة الموجودين في المحتجز لذلك تعاون معه حراسه ممن أسلم على يديه في الهرب من الحصن في سبتمبر 1844 مع وزيريه وبعض مرافقيه وبعض من أسلم على يديه، لكنه قبض عليه ثم أعيد إلى الحصن في ظروف اشد وأعنف. وفي مارس 1845 التجأ بعض أقاربه إلى الإنجليز في بانجول عاصمة غامبيا طالبا منهم إرجاع هذا الأمير المظلوم من طرف الفرنسيين، وهو مالم يستجب له الإنجليز ليقضي المختار ولد سيدي بعد ذلك في منفاه بليبرفيل التي اصبحت عاصمة الغابون.
نقلا عن صفحة الباحث والمؤرخ سيدأحمد ولد الأمير