القدس العربي/ تواجه هيئة البيعة السعودية حالة غير مسبوقة من عدم الاستقرار والإخفاق في عقد اجتماع تشاوري، لبحث المستجدات الخطيرة وتداعيات ازمة قتل الصحافي السعودي الكبير جمال خاشقجي.
وتتحدث أوساط ومصادر استخبارية غربية عن محاولات حثيثة من قبل الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، لتطويق هيئة البيعة ومنعها من عقد اجتماع تشاوري للأسبوع الثالث على التوالي.
وعلمت جريدة «القدس العربي» من مصادرها الخاصة، أن أمراء كبارا أوصلوا رسائل إلى الملك سلمان بن عبد العزيز، عبر مستشاره الرئيسي خالد الفيصل، يطالبونه فيها بضرورة التحرك لاحتواء الانعكاسات الخطيرة لمقتل الصحافي جمال خاشقجي، لأنها تمس مستقبل البلاد ومستقبل الملكية.
ويبدو أن جهود بن سلمان في هذا المجال تحظى بإسناد ودعم كبيرين من أطراف مهمة في إدارة وعائلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي الجبهة الإسرائيلية، وتحديدا الاستخبارية.
واستنادا إلى معلومات خاصة حصلت عليها «القدس العربي» فإن صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر حصل من أجهزة أمن إسرائيلية على مجموعة صور قديمة جدا وبعضها بالأبيض والأسود، تجمع الراحل خاشقجي بقيادات بارزة ومحسوبة على الجهاد السلفي، سواء في أفغانستان أو في باكستان.
ويضغط كوشنر لإقناع الرئيس ترامب بنشر هذه الصور لتشويه سمعة الصحافي الراحل، وربطه بالتيارات الأصولية والجهادية ثم بالإرهاب قبل نحو 40 عاما.
ويبدو أن بين تلك الصور لقطات تجمع خاشقجي قبل أربعة عقود، وهو في بداية العمر بالشيخ الراحل الدكتور عبد الله عزام، وكذلك بأسامة بن لادن في بداية العمل الجهادي الذي كانت تدعمه الاستخبارات الأمريكية في أفغانستان.
وتعترض وكالة الاستخبارات الأمريكية على محاولة كوشنر اللعب بهذه الصور إعلاميا، في محاولة مكشوفة لتخفيف الأزمة التي تطارد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وتستند الاستخبارات الأمريكية إلى قناعة بأن العبث على هذا النحو بتاريخ خاشقجي يمكن أن يؤدي للكشف عن مرحلة قديمة وبصورة تلحق الضرر بعمل الاستخبارات الأمريكية نفسها، وبما يؤدي للكشف عن أسرار ينبغي ألا تكشف.
وفي الأثناء تقدم جهات استخبارية إسرائيلية نصائح وإرشادات عبر كوشنر وطاقمه لمكتب ولي العهد السعودي، على أمل تجاوز واحتواء عاصفة أزمة خاشقجي.
وتواصل أمس الأحد، الرفض والتشكيك الدوليان في الرواية السعودية لملابسات مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، مع التهديد بقطع العلاقة الاستراتيجية مع الرياض، في حالة عدم الكشف عن الحقيقة بالكامل، واتجه بعض الأصوات إلى توجيه اتهامات مباشرة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتحميله مسؤولية قتل خاشقجي.
وتحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الأحد، عن «أكاذيب» في روايات الرياض عن قضية جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية بلاده في إسطنبول، بعدما اعتبر سابقا أن ما كشفته السعودية عن ظروف مقتل الصحافي السعودي «جدير بالثقة». وفي مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» التي كان يكتب فيها خاشقجي، نشرت ليل السبت بتوقيت واشنطن، قال ترامب «من الواضح أنه حصل خداع وكذب».
واعتبر الرئيس الأمريكي أن «هناك تخبطا في رواياتهم»، في إشارة للروايات المختلفة التي صدرت من الرياض أثناء الأزمة، وذلك غداة وصفه ما أعلنته السعودية عن مقتل خاشقجي بأنه «جدير بالثقة».
وقال سناتور أمريكي جمهوري بارز أمس الأحد إنه يعتقد أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مسؤول عن وفاة الصحافي المعارض جمال خاشقجي.
وقال السناتور بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي في مقابلة مع شبكة (سي.إن.إن) الإخبارية «هل أعتقد أنه فعلها؟ نعم أعتقد أنه فعل ذلك». وأضاف أنه ينتظر اكتمال التحقيقات ويأمل في أن ترسل تركيا أي تسجيلات صوتية عن واقعة قتل خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول. لكن كوركر عبر بوضوح عن اعتقاده بأن ولي العهد السعودي وجه بقتل خاشقجي. وأضاف أن السعوديين فقدوا كل مصداقيتهم بعد تغيير تفسيراتهم عما حدث عقب دخول خاشقجي إلى قنصليتهم.
وأعلن الرئيس رجب طيب أردوغان، أن تركيا ستعرّي الحقائق كافة، الثلاثاء المقبل، بشأن مقتل الصحافي السعودي.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس التركي، أمس الأحد، وأشار فيها إلى أن تركيا أكّدت حزمها وتعهدت بالكشف عن ملابسات ما جرى مع خاشقجي، وأنه سيدلي بتصريحاته حول هذه الحادثة خلال اجتماع الكتلة النيابية لحزب «العدالة والتنمية» الثلاثاء. وقال: «لأننا نبحث عن العدالة… سنعري الحقائق بكافة تفاصيلها، وليس عبر بعض الخطوات العادية فحسب».
وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أمس الأحد، إن ألمانيا لن تصدر أسلحة للسعودية مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن مصير الصحافي جمال خاشقجي.
وقالت ميركل «أولا، ندين هذا العمل بأشد العبارات. ثانيا، هناك حاجة ملحة لتوضيح ما حدث. نحن بعيدون عن استجلاء ما حدث ومحاسبة المسؤولين… فيما يتعلق بصادرات الأسلحة، لا يمكن أن تتم في الظروف الحالية»، فيما طالبت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، المملكة العربية السعودية بإيضاحات ذات مصداقية حول الملابسات الدقيقة لوفاة الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في تركيا.
وذكرت وزارات الخارجية في الدول الثلاث في بيان مشترك نُشِر أمس الأحد: «لقد علمنا بالرد السعودي على النتائج الأولية للتحقيقات، لكن توضيح ما حدث بالضبط في الثاني من تشرين أول/أكتوبر الجاري، ضروري بشكل ملح، ولا بد للفرضيات التي جرى بناؤها في إطار التحقيق السعودي حتى الآن، أن تدعمها حقائق ذات مصداقية».