بدأت موريتانيا ضمن أسلوب دبلوماسي يرسيه حاليًا وزير خارجيتها الجديد، ولد الشيخ أحمد، ضبط علاقاتها مع جارتيها الثقيلتين المغرب والجزائر اللتين تخوضان منذ عقود صراع نفوذ في شبه المنطقة، منعكس بشكل مربك على الموريتانيين والصحراويين.
فقد أعلن في نواكشوط، أمس، عن تأسيس مقاولات تجارية مشتركة في مجال النقل والشحن الجوي، وذلك بعد أن أنهى وزير الخارجية الموريتاني للتو زيارة للجزائر مسبوقة بشكل شبه متزامن ومقصود مع زيارة أداها للرباط.
واحتفى الجزائريون الذين كانوا أيام هذه الزيارة يعدون لتنظيم معرضهم التجاري والصناعي في نواكشوط، كثيرًا بوزير الشؤون الخارجية الموريتاني، حيث قابله رئيس الوزراء أحمد أويحيى وتباحث معه وزراء الخارجية والزراعة والتنمية الريفية والصيد البحري والصناعة والمعادن والتجارة.
وتركزت هذه اللقاءات كلها على تطوير علاقات التعاون بين موريتانيا والجزائر والسبل الكفيلة بتعزيزها.
وحرص ولد الشيخ أحمد، كما فعل في الرباط، على التأكيد بأن العلاقات الجزائرية الموريتانية مميزة ولها تاريخ طويل، مشيراً إلى “أن هذه العلاقات ترسخت بين الشعبين، ونحن فخورون بها ونرغب في أن تتطور نحو الأمام”.
واعتبر الوزير الموريتاني أن هنالك «الكثير من التطورات الإيجابية في العلاقات الثنائية بين موريتانيا والجزائر، ونرغب في تفعيل هذه القفزة».
ووقعت موريتانيا والجزائر، على هامش معرض المنتجات الجزائرية المنظم حاليًا في نواكشوط، على تسع اتفاقيات تعاون في عدة مجالات بينها النقل والصناعة والصحة والميكانيك ومواد التجميل والسيارات والصناعات الغذائية والنظافة والأمن، ومجالات التسويق والبيئة والمعادن وصناعة السيارات والاتصالات.
وستمكن الاتفاقية المبرمة بين الطرفين الموريتاني والجزائري في مجال التعاون بقطاع صناعة السيارات، من إطلاق أول عملية تسويق لسيارة جزائرية الصنع من علامة “كيا الجزائر” في موريتانيا.
وعقد في العاصمة الموريتانية نواكشوط أمس لقاء تشاوري بين رجال الأعمال الموريتانيين ونظرائهم الجزائريين، سبعة أيام، إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية بين موريتانيا والجزائر وتطوير الشراكة بين رجال أعمال البلدين.
وأكدت وزيرة التجارة والصناعة والسياحة الموريتانية في كلمة بالمناسبة “أن هذا اللقاء يشكل صفحة جديدة مهمة وأساسية في مجال التعاون والتكامل بين البلدين”، مشيرة إلى أن “التعاون الاقتصادي أصبح اليوم هو القاطرة التي تقود كافة أنواع التعاون باعتباره الضامن لوجود التكامل والاندماج بين الدول والشعوب”.
وفي كلمة أخرى، أوضح سعيد جلاب وزير التجارة الجزائري “أن تنظيم هذا اللقاء يندرج في إطار تعزيز أواصر الأخوة، فضلًا عن تفعيل وتعزيز التبادلات التجارية سعيًا إلى توسيع العمل التجاري بين البلدين”.
وفي هذه الأثناء، يتواصل في العاصمة الموريتانية نواكشوط معرض كبير ومتنوع، حسب منظميه، للمنتوجات الجزائرية، في أول خطوة من حكومة الجزائر لفتح فرص للمنتجات الجزائرية نحو إفريقيا عبر الأسواق الموريتانية.
ويأتي تنظيم هذا المعرض الذي سيؤويه قصر المؤتمرات القديم شمال نواكشوط على مدى أسبوع، في ظرف يتطلع فيه الاقتصاد الجزائري لتحقيق انفتاح أوسع على أسواق دول غرب إفريقيا، إلى جانب دوره في توثيق الشراكة بين الجزائر وموريتانيا المفصولتين بصحاري قاحلة غير آمنة.
ويتطلع كبار النشطاء الصناعيين والتجاريين الجزائريين الذين وصلت شاحنات مقطورة إلى نواكشوط تحمل نماذج معروضاتهم ومنتوجاتهم، لفتح قنوات تجارية دائمة وشراكات مع رجال الأعمال الموريتانيين، بما يضمن امتصاص فائض ما تنتجه مصانعهم الوطنية.
وتتصدر المنتوجات الزراعية والغذائية لمجموعة “بن عمور”، وصناعات السيارات لمجموعة “غلوبال اغروب” ومنتوجات التجميل لمجموعة “فينوس”، معروضات هذه المناسبة التجارية الجزائرية التي يعتبرها المنظمون أكبر عرض تجاري جزائري خارج الحدود.
وتشارك في هذا المعرض 170 شركة جزائرية مختصة في المواد الزراعية والغذائية وفي مواد التنظيف والمواد الطبية وصناعة السيارات.
ويسعى المقاولون الجزائريون عبر هذا المعرض لاقتناص سوق المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا بمستهلكيه الذين يتجاوز عددهم العشرين والثلاثمئة مليون.
وهذه ثاني مرة تستقبل فيها موريتانيا معرضًا للمنتوجات الصناعية الجزائرية بعد العرض التجاري الجزائري الذي استضافته نواكشوط في إبريل من العام الماضي وشارك فيه أكثر من 120 مؤسسة جزائرية ما بين عارضة ومشاركة واشتمل على 71 جناحًا.
ويأتي تنظيم هذا المعرض أسابيع قليلة بعد افتتاح مركز حدودي بين موريتانيا والجزائر يقع على بعد 75 ميلًا جنوب مدينة تندوف الجزائرية ومدينة شوم الموريتانية.
ويعتبر تدشين المعبر الحدودي بين الجزائر وموريتانيا مضافة لاتفاقية الشحن الجوي، الانطلاقة الأولى للتعاون التجاري بين البلدين.
ويتألف المعبر الحدودي من 49 وحدةً من البناء الجاهز، تضم 46 مكتبًا مخصصًا للقيام بجميع إجراءات الدخول والخروج من الجزائر وموريتانيا، بالإضافة إلى 4 مواقف للسيارات ومرافق مخصصة للراحة.
وقد كلف بناء وتجهيز هذا المعبر حكومة الجزائر أكثر من ثمانية ملايين دولار.
“القدس العربي”: