استمر المدونون الموريتانيون المعارضون الذين باتوا يشكلون قوة رقابة آنية على تسيير الدولة، أمس، في استنكارهم للصفقة التي منحت مؤخراً بتوقيع سبعة وزراء، لشركة هندية موريتانية يمثلها، كما يرون، محمد ولد امصبوع صهر الرئيس ولد عبد العزيز.
وتمنح هذه الصفقة امتياز تمويل وبناء وتشغيل محطة حاويات ورصيف نفط في الميناء المستقل في نواكشوط لمدة ثلاثين سنة لصالح شركة «آرايز موريتانيا» (ARISES Mauritanie-SA)، الهندية الموريتانية التي يمثلها صهر الرئيس المتنفذ، طبقاً لما أكده المدونون وتناقلته مواقع إخبارية محلية.
وتولت منح هذه الصفقة المثيرة للجدل لجنة ترأسها يحيى ولد حدمين رئيس الوزراء السابق وضمت وزراء: العدل، والاقتصاد والمالية، والتجهيز والنقل، والمياه والصرف الصحي، والصيد البحري، والنفط والطاقة، والزراعة.
وأكد المدون نونو سيدي «أن الصفقة منحت للشركة التي يمثلها صهر الرئيس عزيز محمد ولد امصبوع في أقل من أسبوع ولمدة 30 سنة».
ودافع وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني مختار ولد أجاي بشدة عن الصفقة في تدوينة ناقشها المدونون وردوا عليها، مؤكداً «عدم صحة ما أشيع من أن الاتفاقية تم إعدادها وتوقيعها في أقل من أسبوع، وأنها مع مستثمر هندي وله شريك وطني تم تحديده بالاسم، وأنها تقضي باحتكار نقل الحاويات من طرف الرصيف الجديد، ما سيؤثر على الميناء القديم، وأن عائد الاتفاق على الخزينة العامة 90 مليون أوقية».
وأكد الوزير «أن ما نشر عن الصفقة ينم بالطريقة التي قدم بها وبتعاطي بعض الأوساط معه، عن المستوى المؤسف الذي وصل إليه البعض في محاولاته اليائسة للتشويش على مسيرة بلده نحو النمو والعدل والرخاء».
وأوضح الوزير «أن التفاوض على هذه الاتفاقية استغرق مدة تزيد على ثمانية أشهر، وعقدت في إطاره عشرات الاجتماعات وتم تبادل عشرات الرسائل، وتقديم بيان حول الموضوع في مجلس الوزراء، ونشر الاتفاق منذ شهر على موقع اللجنة الفنية المكلفة بالشراكة بين القطاع الخاص والعام طبقاً للمساطر القانونية ذات الصِّلة».
وأضاف: «المستثمر هو شركة عالمية كبيرة ومعروفة مسجلة في سنغافورة تسمى «أولام» تنشط في كل قارات العالم، وأنشأت طبقاً للقانون الموريتاني شركة تسمى «آرايز» هي الطرف في الاتفاق المذكور، ويمكنني أن أؤكد أنه طيلة فترة التفاوض لم يحضر مع فريق الشركة أي مواطن موريتاني، ولم نلحظ وجود شراكة مع شريك وطني على الرغم من أن ذلك ليس شيئاً محظوراً، بل هو مسهل ومطلوب ما دام لا يؤثر على التطبيق الصارم للمساطر القانونية».
«أما فيما يخص مسألة احتكار الرصيف الجديد، يضيف الوزير، لنقل الحاويات في الميناء، فقد كانت من أهم نقاط التفاوض، وقد قبل المستثمر شروط الحكومة والقاضية بعدم إعطائه هذه الميزة. ومن ثم، فإن ميناء الصداقة سيتابع أنشطته المتعلقة بنقل الحاويات دون أي تقييد».
وبخصوص المبلغ المدفوع سنوياً للخزينة العامة أوضح الوزير «أن الاتفاقية نصت على أن يدفع المشغل 50 دولاراً عن كل حاوية أربعين قدماً، و75 دولاراً عن كل حاوية 70 قدماً، و2 دولار عن كل متر مكعب من المحروقات. واعتمادا على تقديرات حركة الرصيفين فإن العوائد طيلة فترة الاتفاقية ستبلغ حوالي 550 مليون دولار، أي ما يزيد على ستة مليارات أوقية سنوياً بالعملة القديمة».
وقال «إن الاتفاقية ستسمح بجلب استثمار أجنبي بقيمة 390 مليون دولار، وسيوفر المشروع 750 فرصة عمل في مرحلة إنجازه و500 فرصة عمل دائمة خلال فترة التشغيل».
وانتقد الوزير حملة المدونين على هذه الصفقة قائلاً: «كل دول العالم قويها وضعيفها، تتنافس على جلب المستثمرين لتوطين الثروة ومواطن الشغل في بلادها وبعض نخبنا، ورأينا العام يساهم في خلق بيئة طاردة للاستثمار».
وزاد: «من يرد أن يشوش ويشوه لحاجة في نفسه- ولو كان ثمنها التعريض بسمعة بلده والمساهمة في فقدان فرص عمل لأبنائه- فدعواتكم له؛ فإنه ليس بصحة جيدة».
وكان أبرز التعليقات على ردود الوزير ما كتبه المدون النشط والمعارض محمد محفوظ ولد أحمد قائلاً: «الحقيقة هي أن لب المشكلة، ويوافق الشائعات (البعض يؤكدها تماماً) بأن شخصاً قريباً من الرئيس يستفيد من تلك الشركة ويمثلها ويقبض منها وباسمها دون أن يكون مساهماً فيها». وأضاف: «ذكر معالي الوزير أن المستثمر هو شركة «أولام» وأنها مسجلة في سنغافورة، وعند البحث عن هذه الشركة «العالمية» تبين أنها مجموعة هندية دولية مسجلة في معظم دول آسيا، ولكنها متخصصة في الزراعة حصرياً، ولها فرع كبير في مصر (أولام الزراعية)، ومن ثم التساؤل عن علاقتها بإنشاء وإدارة الموانئ وأرصفة الحاويات والوقود، مع أن موريتانيا أشد احتياجاً للاستثمار في الزراعة بالذات».
«القدس العربي»