“القدس العربي”: رغم أن الحملات المتعددة في السنوات الأخيرة ساهمت في تراجع ممارسة ختان الإناث أو الخفاض عبر العالم وخاصة في القارة الافريقية، إلاّ أنّ الظاهرة لا تزال مستمرة في بعض بلدان القارة، بينما حددت الأمم المتحدة عام 2030 للقضاء نهائيا على الظاهرة.
وخلُصت دراسة أجراها باحثون من بريطانيا وجنوب افريقيا ونشرت هذا الأسبوع في مجلة “British Medical Journal Global Health” البريطانية، إلى أن هناك مؤشرات تؤكد تراجعا كبيرا لختان الإناث، لكن هذه المعطيات تتفاوت بشكل ملحوظ من دولة إلى أخرى وأحيانا بين منطقة وأخرى داخل البلد نفسه.
وقام الباحثون بتحليل قواعد بيانات لتوثيق نسب ممارسة الختان، حيث شمل البحث أكثر من 200 ألف طفلة تتراوح أعمارهن بين 0 و14 سنة طيلة الفترة الممتدة بين عامي 1990 و2017 في 29 بلدا، 27 منها في القارة الافريقية، بينما غابت عن الدراسة دول تشتهر بممارسة الخفاض مثل اندونيسيا.
وأظهرت الدراسة تراجع معدلات ممارسة ختان الإناث من نحو 57 في المئة إلى 14 في المئة، مسجلةً نسبة 41,9 في السودان و28,4 في مصر. بينما انخفضت هذه الممارسة من نحو 71 في المئة إلى 8 في المئة في منطقة شرق افريقيا، مع تراوح متوسط المعدل السنوي لختان الإناث من 2 في المئة في كينيا إلى 67 في المئة في إريتريا. في حين تراجعت النسبة من 74 في المئة إلى نحو 35 في المئة في منطقة غرب افريقيا، التي رغم هذا الانخفاض الكبير، لا تزال بعض دولها تسجل أعلى معدلات الختان في القارة السمراء، مع نسبة 72,59 في المئة في جمهورية مالي و61,2 في المئة في موريتانيا و50,35 في غينيا.
وخلافا للمعطيات المعروفة؛ تهتم الدراسة بحالات الأطفال التي أهملتها كل الدراسات السابقة ولم تأخذها المُسُوح الديموغرافية المحلية بعين الاعتبار، وذلك وفقا لآخر تقرير نشرته “يونيسيف”. ويُوضح آرميل آندرو، الخبير الديموغرافي في جامعة السربون الفرنسية، أن المُعطيات التي كانت متوفرة تشمل الإناث بين سن 15 و49 سنة وتم الحصول عليها استناداً إلى استبيان آراء الأمهات اللواتي يصرحن حول ما إذا كُنّ بالفعل قد مارسن الختان على بناتهن أم لا، وهي معطيات غير دقيقة لأن بعض الأمهات لا يرغبن في إعطاء معلومات. وما يميز هذه الدراسة الجديدة اعتمادها على الضحايا أنفسهن من الإناث.
وبينت الدراسة أن عوامل تراجع ممارسة ختان الإناث في بلدان كثيرة خلال العقود الثلاثة الماضية، تتمثل أساسا في ارتفاع نسبة الوعي وتأثيرات البرامج الوطنية والدولية للحد من الظاهرة وتشريع نصوص قانونية تجرمها في أغلب البلدان. لكن في المقابل، هناك عوامل مساعدة في استمرار الظاهرة مثل الجهل والفقر والعادات الثقافية وضعف الانفتاح الاجتماعي وضرورته للزواج في بعض المجتمعات، وهو ما يفسر نسب ارتفاعها في بلدان أخرى.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” قدرت في تقرير لها صدر عام 2016 أن أكثر من 200 مليون أنثى في ثلاثين بلدا حول العالم تعرضن لنوع من أنواع الختان. وتمثل الإناث تحت سن الرابعة عشرة 44 مليونا من مجموع الإناث اللواتي تعرضن للختان. ويعد القضاء على ختان الإناث أحد أهداف التنمية المستدامة، حيث حددت منظمة الأمم المتحدة عام 2030 للقضاء عليه نهائيا، لكن ذلك يتطلب الكثير من برامج التدخل الفعال والضغوط على الدول لتنفيذ سياسات تحييد الظاهرة.