تحولت ذكرى عيد الاستقلال الوطني في موريتانيا، خلال السنوات الأخيرة، من مجرد عطلة معوضة ومناسبة لاقتناء الأعلام الوطنية، مع استعراض عسكري ينظم كل خمس سنوات، لتصبح حدثاً تحرص السلطات على تنظيمه كل عام في مدينة مختلفة.
بدأ هذا التقليد قبل أربع سنوات، وشملت الجولة حتى الآن كلاً من نواذيبو وأطار وكيهيدي، وها هي « عروس الشرق »، مدينة النعمة، تستعد لنيل نصيبها من الاحتفال بعيد الاستقلال، في نسخة يبدو أنها تتمتع ببعض الخصوصية.
وأمام ترقب سكان مدينة النعمة لهذا الحدث، من الضروري الكشف عن الجوانب الخاصة التي تميز النسخة الثامنة والخمسين من عيد الاستقلال الوطني، وهو ما تكشفه لكم « صحراء ميديا » في النقاط التالية:
وداعاً عزيز:
يتابع المراقبون احتفالات هذا العام بكثير من الاهتمام، فالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز سيحضر احتفالات الاستقلال لآخر مرة كرئيس موريتانيا، حسب ما ينص عليه الدستور الحالي للبلاد.
ذلك ما أكدته تصريحات الرجل الأخيرة من مدينة ولاته، وإن كان قد فتح الباب أمام عودته للرئاسة في المستقبل، إن لم تتغير المعطيات وتتبدل الأوضاع.
مرحباً غزواني:
يأتي الاحتفال بذكرى عيد الاستقلال الوطني في مدينة النعمة بعد أقل من شهر على تقاعد الجنرال محمد ولد الغزواني، وتعيينه وزيراً للدفاع في الحكومة الجديدة، ولا شك أن الرجل سيجلس بجوار رفيق دربه ولد عبد العزيز على منصة الاحتفال.
النعمة المنتصرة:
من مقعدين متجاورين سيراقب عزيز وغزواني الاستعراض العسكري، وسيستعيدان معاً تفاصيل المعركة التي خاضاها ضد « الإرهاب » منذ عام 2005، وسيجمعهما ذلك الإحساس بالنصر وهما يستعرضان قوة الجيش في أقرب مدينة موريتانية من معاقل القاعدة في شمال مالي، ومن المدينة التي ضربتها القاعدة بعملية انتحارية.
مجموعة الخمس:
للمرة الأولى ستشارك وحدة من القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل الخمس في عرض عسكري بمناسبة استقلال موريتانيا، سترفع هذه الوحدة علم مجموعة دول الساحل الخمس في مدينة النعمة، تتويجاً لقيادة موريتانيا لهذه القوة.
لقد انتدبت موريتانيا واحداً من أبرز جنرالاتها (حننا ولد سيدي) لقيادة هذه القوة التي تعاني من مشاكل في التمويل والتدريب، وقد شوهد ولد سيدي في شوارع مدينة النعمة استعداداً للاستعراض العسكري.
إشارات المرور:
مدينة النعمة التي تعد عاصمة لأكبر ولاية موريتانية من حيث تعداد السكان، لم يسبق أن نصبت إشارات المرور في شوارعها، قبل أن يتم ذلك منذ أيام قليلة في إطار الاستعداد لاحتفالات عيد الاستقلال الوطني.
نصب أطفال المدينة أنفسهم في محل شرطة المرور، عند أحد ملتقيات الطرق، وطفقوا يوجهون أصحاب السيارات بضرورة التوقف عندما تكون الإشارة حمراء والتحرك عندما تخضَرْ.
نهاية العطش:
ليست إشارات المرور هي الضيف الوحيد الذي رحب به سكان النعمة بالتزامن مع عيد الاستقلال، لقد كان مشروع جلب المياه الصالحة للشرب من بحيرة الظهر، هو الضيف الأبرز والذي مكّن سكان المدينة من الشرب بعد سنوات طويلة من العطش.
العيد الجامع:
أظهرت الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية التي شهدتها موريتانيا سبتمبر الماضي، حجم الخلافات العميقة ما بين أجنحة النظام الحاكم في البلاد، وهي خلافات لطالما برزت بقوة ليتحدث عنها الإعلام، إلا أن ذكرى عيد الاستقلال تأتي لتطفئ نار هذه الخلافات، ذلك ما لاحظه المراقبون للشأن السياسي.
لقد سجل هؤلاء المراقبون حضور الوزير الأول السابق يحيى ولد حدمين، والوزير الأول الأسبق مولاي ولد محمد لقظف، ورئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم سيدي محمد ولد محم.
العطلة الأطول:
وصل الرئيس الموريتاني ولاية الحوض الشرقي مساء الثلاثاء 20 نوفمبر، على متن طائرة خاصة حطت على مدرج صغير بمدينة ولاته، افتتح منها النسخة الثامنة من مهرجان المدن القديمة، قبل أن يغادرها صباح الأربعاء لقضاء عطلة في بوادي مقاطعة انبيكت لحواش.
أسبوع مر على ولد عبد العزيز وهو في بوادي الحوض، وهي أطول فترة عطلة يقضيها في هذه المناطق، وهو الذي عُرف بعقشه لصحراء تيرس وإنشيري.