دعت منظمات حقوقية موريتانية ناشطة في المجال الاجتماعي، أمس، «الجميع إلى الوقوف في وجه سياسة الحكومة القائمة على إغلاق المدارس العمومية وتشجيع خصخصة التعليم والاتجار به بدل ضمان توفيره كحق لأطفال موريتانيا».
جاءت هذه الدعوة في ثنايا تقرير صدر، بصورة مشتركة، عن رابطة النساء معيلات الأسر وتحالف المنظمات الموريتانية من أجل التعليم والمبادرة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وسلم أمس للجنة حقوق الطفل، وهي هيئة دولية مسؤولة عن تنفيذ المعاهدة الدولية لحقوق الطفل التي صادقت عليها موريتانيا عام 1991.
وناقشت لجنة حقوق الطفل، ضمن متابعاتها الدورية، مسار تنفيذ الحكومة الموريتانية لمعاهدة حقوق الطفل في اجتماع عقدته بجنيف يومي 17 و18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ونددت المنظمات الحقوقية الموريتانية في تقريرها «بإغلاق عدد من المدارس العمومية في موريتانيا»، داعية «الحكومة لتأمين حق الولوج للتعليم لجميع الأطفال». ودعت المنظمات المذكورة «إلى تعبئة وطنية ودولية من أجل التنديد بإغلاق المدارس من طرف الحكومة، ومن أجل إيقاف سياسات خصخصة التعليم التي ترى المنظمات «أنها تجاوزت الحدود».
وكانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل قد عبرت في توصياتها الأخيرة للحكومة الموريتانية «عن بالغ قلقها إزاء عمليات إغلاق ست مدارس عمومية في العاصمة نواكشوط دون بناء مدارس بديلة، وإزاء ارتفاع معدل الأمية، وإزاء ضعف الإقبال على التعليم قبل الأساسي والتعليم الابتدائي؛ كما أكدت «قلقها إزاء الانتشار الكثيف لمدارس التعليم الخاص التي تقدم خدمات التعليم بأسعار عالية ليست في متناول الأطفال الفقراء والمعوزين».
وأضاف التقرير «أن الحكومة الموريتانية لم تقدم شروحاً عن دواعي إغلاقها للمدارس، كما أنها لم تتخذ إجراءات لتفادي الخسارة التي سيمنى بها أطفال المدارس المغلقة».
وأعربت لجنة حقوق الطفل «عن بالغ قلقها إزاء ضعف الرقابة في المدارس الحرة والكتاتيب الدينية، وإزاء رداءة نوعية التعليم المقدم في منظومة التعليم العام».
وعرضت رابطة النساء معيلات الأسر وتحالف المنظمات الموريتانية من أجل التعليم والمبادرة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في تقريرها، جملة من المشاكل المستخلصة من مشروع، بحث قيم به على مدى سنة كاملة لرصد الآثار السلبية لخصخصة التعليم المستمرة في موريتانيا على حقوق الإنسان».
ومن المشاكل المستخلصة التي عرضها التقرير المشترك «التوسع المطرد للتعليم الخاص في موريتانيا خلال السنوات الست عشرة الأخيرة، حيث تضاعف عدد التلاميذ الملتحقين بمدارسه ثماني مرات خلال هذه الفترة في غياب إطار نظامي ودون الرقابة المناسبة». وأكد التقرير «وجود انعكاس شديد السلبية، لتوسع التعليم الخاص بهذا الإيقاع الكبير، فقد حد من فرص الوصول للتعليم المجاني، كما أنه أزال الحماية عن التعليم بوصفه حقًا مجانياً غير تجاري». وأكد سيدي بودي، رئيس تحالف المنظمات الموريتانية من أجل التعليم، «أن المزعج في هذه القضية ليست فقط عرقلة تمتع الأطفال بحقهم في التعليم، وإنما المقلق هو بيع التراث التعليمي الموريتاني، وهو كذلك قيام الحكومة ببيع مدارس تاريخية تخرجت منها أجيال عديدة من الموريتانيين من بينهم مسؤولون في النظام الحاكم حالياً». ودعت لجنة حقوق الطفل «الحكومة الموريتانية إلى إعداد سياسة جديدة، تضمن رقابة نوعية التعليم المقدم في المدارس الدينية، مع التدقيق في تسييرها وفي مناهجها للحد من التأثيرات التمييزية لخصخصة التعليم الحر على الأطفال المنحدرين من أسر فقيرة، مع وضع نظام تفتيش يلزم المدارس الدينية الخاصة بتوفير الحد الأدنى لتعليم مقبول، وبتوفير معلمين أكفاء ومقتدرين».
ودعت آمنة بنت المختار، رئيسة رابطة النساء معيلات الأسر، «جميع الموريتانيين وجميع مهاجري الشتات إلى دعم العريضة التي أعدتها المنظمات الحقوقية الاجتماعية الموريتانية لمحاربة الاتجار بالتعليم، لأن موريتانيا، حسب قولها، لا يمكن أن تتقدم دون تعليم جيد وممتاز». وأضافت: «يجب أن نحارب كلنا سياسة بيع المدارس، وأن نطالب بترقية وتحسين مستوى التعليم المقدم في مؤسساتنا التعليمية».
وكانت الحكومة الموريتانية قد عرضت في يناير 2016 ست مدارس من أعرق مدارس العاصمة للبيع بالمزاد العلني.
وأكدت الحكومة «أن قرارها يأتي في إطار الحرص على جعل التلاميذ في وسط ملائم للدراسة والسعي إلى تجنيبهم التعرض إلى المخاطر الناتجة عن القرب من الطرق المزدحمة والأسواق والحشود الغفيرة».
وأوضحت «أن عملية بيع المدارس تهدف إلى تحسين الوجه المعماري للمنطقة التي توجد فيها هذه المدارس، زيادة على الموارد التي ستنتج من عملية البيع لصالح الخزينة العامة للدولة».
وأكد منتقدو القرار الحكومي، وهم من المعارضة، «أن عملية البيع تأتي في إطار الفساد المستشري في البلاد، والذي يستهدف تحويل جميع مصادر الدخل القومي إلى مصادر ثراء فاحش لحاشية الرئيس».
القدس العربي