أعلنت المعارضة الموريتانية مقاطعتها الكاملة للمسيرة الوطنية الكبرى التي أعلنت الحكومة عن تنظيمها يوم الأربعاء “للوقوف في وجه الخطابات المشحونة بالكراهية والتحريض على الفرقة وللتعبير القوي عن موقف وطني موحد ضد كل أشكال التمييز وضد كل ما من شأنه أن يؤدي إلى المساس بتماسك شعبنا وتضامن مكوناته”.
وأكدت المعارضة في بيان وزعته الاثنين “أنها توصلت بدعوة شفهية من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم) للمشاركة في تظاهرة ينوى تنظيمها ضد الكراهية والتطرف، يقودها رئيس الدولة وجندت لها الدولة جميع وسائلها واستنفرت لها الإدارة ورجال الأعمال وكل فعاليات المجتمع”.
وأضافت “لا يمكن أن ينتظر منا أن نشارك في تظاهرة لم نشترك في تنظيمها وتحديد أهدافها، وبخاصة إذا كان العديد من نقاط الاستفهام يحوم حول توقيتها وبواعثها وأغراضها الحقيقية، ومن تستهدف؟، وهل تجمع أم تفرق؟”.
“إننا- تضيف المعارضة- نؤكد أن التظاهرات وغيرها من الإجراءات السطحية والديماغوجية لا يمكن أن تشكل حلا لقضية الوحدة الوطنية والانسجام الاجتماعي، بل نرى أن الحل يكمن في حوار وطني يشخص المظالم ويستنبط الحلول الناجعة والتوافقية لها، وهو ما ندعو له جميع الفرقاء السياسيين، موالاة ومعارضة، وجميع التنظيمات المدنية والحقوقية، وجميع حملة الرأي والفكر، لأنه هو السبيل الوحيد والجدي لتجنيب شعبنا مخاطر الفتنة، كما أنه الضمان الوحيد لما نصبو إليه من العيش المشترك في كنف الوحدة والوئام”.
وأضافت المعارضة “إننا نستغرب هذا الاهتمام المتأخر بالوحدة الوطنية من طرف نظام يوجد في الأيام الأخيرة من حكمه، بعد أن قضى فترة تربو على عقد من الزمن في السلطة، غاب خلالها المشروع المجتمعي الجامع الذي يهدف إلى توطيد الوحدة الوطنية وتعزيز اللحمة الاجتماعية، وتكرس خلالها الظلم والإقصاء والتهميش الذي ظلت تعاني منه شرائح واسعة من المجتمع، وزاد الحيف في توزيع الثروة الوطنية والوظائف العمومية، وانتشر الخطاب المتطرف الداعي إلى الفتنة عبر وسائط التواصل الاجتماعي والتلفزات والإذاعات دون رادع من طرف السلطة”.
وشددت المعارضة التي تضم مجموعة كبيرة من الأحزاب والنقابات والشخصيات الوطنية المرجعية، التأكيد على “أن الوقوف في وجه الخطاب المتطرف الداعي إلى الفتنة لا يأتي عن طريق تظاهرة استعراضية، كان الأنسب توجهيها لإدانة حصيلة النظام الحالي وما تحمله من إذكاء للنعرات العرقية والشرائحية والجهوية والقبلية وتكريس للظلم والتهميش والإقصاء”.
واعتبرت “أن الوقوف في وجه الخطاب المتطرف، يأتي عن طريق بروز إرادة سياسية قوية ووضع مشروع مجتمعي توافقي يشخص المظالم المتراكمة التي تمخر جسم مجتمعنا ويضع لها الحلول الناجعة”.
وقالت المعارضة “إن ما لم ينجزه النظام الحالي لتعزيز الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية طيلة أزيد من عشر سنوات تفرد فيها بتسيير البلد، لن يوهم الموريتانيين بأنه سيحققه من خلال مسيرة يرتجلها في آخر أيامه”.
وزادت “لا نحتاج إلى التذكير بأن المعارضة الديمقراطية ظلت هي المدافع عن وحدة هذا الشعب، والحامل لطموحاته ومطالبه في بناء مجتمع العدل والمساواة وإقامة دولة القانون والمواطنة، وقد تجلى ذلك في خطابها وممارساتها وبرامجها، كما تجلى في تشكيلة هيئاتها، حيث أصبحت تجسد صورة موريتانيا الموحدة المتصالحة وترمز لها”.
رئيس الحزب الحاكم ينتقد المعارضة والجدل يحتدم حول أهداف مسيرة نبذ الكراهية
هذا وقد أثار بيان المعارضة الرافض للمشاركة في مسيرة الحكومة سخط الحزب الحاكم، حيث كتب رئيسه سيدي محمد ولد محم الذي هو في نفس الوقت وزير الثقافة والناطق الرسمي باسم الحكومة في تغريدة له الاثنين “كأنه كُتب على المنتدى (المعارضة) أن يظل خارج الزمن السياسي لهذا البلد، فحصيلتنا أيها الاخوة، زكتها عاليا صناديق الاقتراع ولما تنقضي أربعة أشهر، وعدم مشاركتكم في التظاهر ضد الكراهية ليس فضيلة، بل يحسب عليكم، ويؤكد صلتكم الراسخة بهذا الخطاب، ورسالة مسيرة الاربعاء ستكون بينة بأن بلدنا ليس رواندا”.
وبادر المدون النشط حسين حمود بالرد على تغريدة رئيس الحزب الحاكم قائلا “حسنا فعلت المعارضة إذ قاطعت، كأنه كتب عليكم أيها الوزير في موالاتكم، أن تغادروا السلطة بعد عشر سنوات وقد أفلستم شركة الطريق وشركة سونمكس وأفلستم شركة اسنيم، وسرقتم الأخضر واليابس، وقد أوصلتم مديونية البلد إلى أكبر مستوى قياسي في تاريخها”.
وأضاف المدون المعارض حسين حمود مخاطبا الوزير “كأنه كتب عليكم أيها الوزير، في موالاتكم أن تغادروا وقد قضيتم على التعليم باحتلال موريتانيا المركز الأخير، وقضيتم على الصحة بمستوى المستشفيات الرديء والعلاج بانتشار الدواء المزور، وألغيتم مفهوم العدالة والقضاء في البلد بسجن المخالفين وتسييس القضاء وتلفيق التهم؛ كتب عليكم أن تغادروا وقد زورتم تصويت الموتى في الاستفتاء غير الشرعي، وخرقتم مسطرة تعديل الدستور وتلاعبتم بنتائج الانتخابات ولطختم وجوهكم بدعوات المأموريات؛ أن تتحدثوا عن صناديق الاقتراع وأنتم رأس الكتائب البرلمانية التي رعت وباشرت وخططت للانقلابات العسكرية اليت وأدت أحلام الديموقراطية”.
وقال “أيها الوزير ولد محم، أنت وصنمكم، يبدو أنكم غير مدركين أنكم قد انتهيتم بالفعل ولن تنفعكم مسيرات فتنتكم التي تسعرون نيرانها”.