توعد الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز من سماهم «مروجي خطاب الكراهية» بتطبيق قانون تجريم التمييز وممارسة العنصرية الذي أقره البرلمان الموريتاني في كانون الثاني/ يناير 2018.
وأكد الرئيس الذي قاد أمس مسيرة وطنية مثيرة ضد الكراهية «أن تطبيق القانون 024 / 2018م الخاص بالميز العنصري سيبدأ لسد الباب أمام المجرمين، ولمتابعتهم ومحاكمتهم من طرف الشعب والدولة».
ودعا ولد عبد العزيز «الموريتانيين للوقوف ضد خطابات الكراهية والتحريض على التفرقة، والالتزام بالحفاظ على اللحمة الوطنية والذود عن قيم التسامح والعيش المشترك في كنف السلم والوئام التي عرف بها شعب موريتانيا عبر التاريخ».
وقال «إن حجم المشاركة في هذه المسيرة أبلغ رد من الشعب الموريتاني على دعاة الفتنة والتفرقة والتطرف الذين هم في حقيقة الأمر قلة يعدون على أصابع اليد الواحدة».
وأكد الرئيس الذي عطل العمل يوم أمس لضمان حضور كبير لهذه المسيرة «أن المجتمع الموريتاني هو المجتمع الوحيد الذي لم يتأثر بالجوانب السلبية من الثقافات الأجنبية»، مشيراً إلى «مقاومة الشعب الموريتاني للمستعمر فكرياً وثقافياً مسلحاً بقيمه وتعاليم دينه السمح».
وقال «إن موريتانيا مقبلة على عهد استغلال الغاز وعصر الازدهار والرخاء، ويجب أن تدخل هذا العهد موحدة ومتكاتفة ومستقرة، عكس ما يسعى له أعداؤها من المأجورين والعملاء ومن مروجي رسائل الإجرام والعنصرية». ودعا ولد عبد العزيز إلى «سد الباب أمام رسائل الكراهية والتفرقة التي يبثها ممارسو الإجرام السياسي». واعترف الرئيس الموريتاني بوجود فوارق اجتماعية، لكنه أكد «أن الوسيلة الوحيدة للقضاء عليها هو التعليم، وأن الطريق الوحيد للرخاء هي التعلم وليس السلاح الذي فشل في تحقيق أي شيء، كما أثبتت ذلك التجارب في الغرب وفي العالم العربي وفي كل مكان». وأشاد ولد عبد العزيز بالجيش الموريتاني، مؤكداً أنه «مكون من الشعب وأنه حريص على أمن واستقرار ووحدة الوطن». وأكد ولد عبد العزيز «أن الدولة لن تغلق أي وسيلة تواصل اجتماعية ولن تحد من حرية وسائل الإعلام الموريتانية بسبب أفعال يقترفها البعض عبرها، ولن تقلص الحريات لأنها حق للشعب».
وتعهد الرئيس بتحصين أجيال المستقبل من فيروس العنصرية»، معتبراً «أن الدولة كانت مهددة بالتفكك قبل عشر سنوات بفعل الإرهاب وأن قوة الشعب وإرادة قادته جعلتها اليوم آمنة ومستقرة»، داعياً إلى «المقارنة بين موريتانيا الأمس وموريتانيا اليوم، حيث وصلت موريتانيا اليوم لدرجة من التقدم والوحدة، وهو ما تجب المحافظة عليه».
ومع أن هذه المسيرة قد شهدت مشاركة واسعة من الأوساط المناصرة للرئيس محمد ولد عبد العزيز وتلك الخائفة منه، فإنها أثارت لغطاً سياسياً كبيراً، حيث قاطعتها المعارضة الموريتانية وانشغل بنقدها المدونون.
ولم يتحدث في خطابه عن بقائه في السلطة ولا عن الانتخابات الرئاسية المثيرة والمقررة منتصف السنة الجارية، عكساً لما توقعه معارضو نظامه. غير أن كبار الكتاب والمدونين عرضوا في تدويناتهم قراءات متعددة لخطاب مسيرة الرئيس، حيث كتب المدون المعارض عبد الرحمن ودادي: «الكثيرون لم يفهموا القصد من مسيرة يوم الأربعاء، فهدف ولد عبد العزيز هو مواجهة العسكر الذين يصرون على ترشيح ولد الغزواني وإثبات أنه يمتلك الجماهيرية ويلتف حوله المدنيون».
وأضاف: «ترى هل ستخيفهم المسيرة؟ وهل سيقتنعون ويتنازلون عن ولد الغزواني ويقبلون بالمأمورية الثالثة أو مرشح يختاره عزيز من الولايات الشمالية؟ سنرى».
وكتب الدكتور الشيخ معاذ وهو مدون معارض: «المغزل عليه في المسيرة ثلاث رسائل تم تمريرها هي: الجيش والغاز و»الوصية»؛ وهي مواضيع أكدت أن تيمة (الكراهية) كانت مجرد حصان طروادة، وألا أحد يكره أحداً، دعكم من المسيرة والجموع، دعكم من نجاحها أو فشلها، ودعكم من المنصة الساقطة (شفى الله الوزير) وحاولوا فك شفرات الخطاب».
وكتب الباحث الدكتور ديدي السالك: «سخرية الأقدار أن ينظم النظام مسيرة لمواجهة خطاب الكراهية الذي أبدع هو نفسه في نشره بأقواله وأنتجته وسياساته الكارثية على كافة المستويات، حيث وقف اليوم ليعلن إفلاس كل ذلك من خلال الاعتراف بانهيار النظام التعليمي؛ بعد انقضاء عشر سنوات من حكمه».
وقال: «فالمنصة التي وقف عليها اليوم الجنرال ولد عبد العزيز هي ركام موريتانيا المدمرة والمنهارة بفعل عشرية النهب والتدمير الممنهج لمقومات الدولة المادية والرمزية».
«القدس العربي»