مع اقتراب موعد حسم الترشحات للرئاسة في موريتانيا التي سيغلق بابها آخر إبريل القادم، يشتد اللغط حول التناوب على السلطة داخل صالونات السياسة وفي دهاليز شبكة التواصل وعلى مستوى المواقع الإخبارية الآنية.
وتتحدث الصحافة المقربة من أوساط المعارضة عن طبخة سياسية يحيك أحمد ولد داده، الوجه المعارض البارز، خيوطها حالياً في مدينة دايتون الأمريكية مع سياسيي المهجر، من أجل تقديم رجل الأعمال المعارض محمد بوعماتو مرشحاً موحداً للمعارضة الموريتانية في انتخابات حزيران / يونيو 2019.
وبالنسبة لصف الرئيس ولد عبد العزيز، فلا يزال الموقف غامضاً وإن كانت الخيارات المتعددة التي كانت مطروحة بشأن خلافته، قد اختزلت في اتجاهين، أحدهما خيار ترشيح الرئيس لرفيق سلاحه الجنرال محمد ولد الغزواني وزير الدفاع في الحكومة الحالية، والثاني حشد الضغط الشعبي عبر المسيرات والمهرجانات لفرض تعديل للدستور يسمح لمحمد ولد عبد العزيز بالترشح ولايات رئاسية أخرى.
ونقلت صحيفة «تقدمي» الآنية المعارضة ذات الاطلاع الواسع عن مصادر وصفتها بـ «شديدة الاطلاع»، تأكيدها بأن «الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز حسم مع الجنرال محمد ولد الغزواني قضية ترشيحه للرئاسة خليفة عنه».
وأوضحت الصحيفة «أن الرئيس عزيز والجنرال غزواني اتفقا على ضرورة التريث في إعلان ذلك، إلى أن ينتهي ولد عبد العزيز من ترتيب أوراق المغادرة، حيث يعتقد أن إعلان مرشح غيره، قد يفت في أعضاد “أنصاره”، ما قد يكون سبباً في إرباك ترتيباته لما بعد الرئاسة».
وتؤكد الصحايفة «أن مقربين من ولد عبد العزيز، بينهم المستشار الخاص احميده ولد اباه، وسيدي محمد ولد محم رئيس الحزب الحاكم، والمستشار في الرئاسة يحي ولد حدمين رئيس الوزراء السابق، وزين العابدين ولد محمد محمود رئيس اتحادية أرباب العمل، وبابي ولد اعليّ رئيس الغرفة التجارية، والشيخ ولد بايه رئيس الجمعية الوطنية، اجتمعوا بالسيدة الأولى تكيبر بنت أحمد، وطلبوا منها أن تقنع ولد عبد العزيز بإعطائهم حرية التصرف فيما يتعلق بالولاية الثالثة».
ويؤكد المصدر «أن خطة «الولاية الثالثة» يتم العمل عليها في سرية تامة، وتحظى بدعم ورعاية من تكيبر بنت أحمد عقيلة الرئيس».
وحسب مصادر الصحيفة، «فإن ولد عبد العزيز رفض في البداية مقترح لولاية الثالثة، وأكد أنه لم يعد باستطاعته التراجع عن عدم الترشح، غير أنه رضح أخيراً وقرر منحهم فرصة لمحاولة تمرير خطة الولاية الثالثة، بشرط ألا تظهر أية علاقة له بالأمر».
«وتتعلق الخطة، حسب الصحيفة، في البداية بتسيير المظاهرات المطالبة بولاية ثالثة، وفي مرحلة لاحقة يتم الإيعاز للنواب في البرلمان بأن تعلو أصواتهم للمطالبة بها، وهي المهمة التي أوكلت للشيخ ولد بايه رئيس الجمعية الوطنية (الصديق الشخصي للرئيس)، وحين تتكلل المحاولتان بالنجاح، يتم ترتيب بقية الخطة على مستوى المؤسسة العسكرية بتنحية من لا يدورون في فلك القائمين على الموضوع، وتولية حلفاء للمجموعة من كبار قادة الجيش، وهي المرحلة التي ستتطلب تدخل ولد عبد العزيز، الذي سيُظهِر في المراحل الأولى بعده التام عن الخطة».
وأضافت الصحايفة «لقد ارتأت “مجموعة الولاية الثالثة” أن يحتجب ولد عبد العزيز في الفترة الأخيرة عن لقاء السياسيين وحتى العسكريين حتى يتجنب طرح أسئلة محتملة عن موقفه من التظاهرات المطالبة بولاية ثالثة».
وحسب التحليل الذي تعتمده “مجموعة المأمورية الثالثة” فإن الضغوط التي قد تمارسها فرنسا ضد خطة الولاية الثالثة، لن تكون ذات بال في ظل المشاكل الداخلية التي يواجهها الرئيس ماكرون، والتي من المحتمل أن تعصف بحكمه.
وبخصوص تقديم بوعماتو مرشحاً موحداً للمعارضة، ذكرت مصادر إعلامية موريتانية مطلعة أن اتجاهاً قوياً داخل منتدى المعارضة الموريتانية يدفع في اتجاه ترشيح رجل الأعمال محمد بوعماتو للانتخابات بوصفه مرشح المعارضة الموريتانية بجميع أطيافها.
وذكرت وكالة «الأخبار» الموريتانية المستقلة «أن أعضاء في قطب الشخصيات المستقلة داخل منتدى المعارضة الموريتانية يعملون حالياً لإقناع المعارضة بترشيح رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو لرئاسيات 2019».
وأكدت «أن الشخصيات التي تقف وراء المقترح أجرت اتصالات بعدة أحزاب سياسية معارضة، من بينها أحزاب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «الإسلاميون»، واتحاد قوى التقدم، وتكتل القوى الديمقراطية»، مضيفة «أن الملف الآن يوجد في مرحلة متقدمة من النقاش داخل الصف المعارض».
وتحدثت المصادر عن تفهم عدد من المعارضين لاقتراح ترشيح ولد بو عماتو، باعتباره أحد أبرز الأسماء المعارضة للرئيس ولد عبد العزيز، وبالنظر لحجم استحكام الخلاف بينه مع الرئيس عزيز، إضافة إلى قدراته المالية، وعلاقاته خارج الجمهور المعارض».
ولم تستبعد الوكالة «أن يتقدم وفد معارض بطلب لقاء رجل الأعمال الموريتاني المقيم في الخارج لتنسيق الموضوع، ونقاش حيثيات الترشح معه».
وكانت التشكيلات الحزبية والنقابية المؤلفة لمنتدى المعارضة قد أجازت اتفاقاً مبدئياً على ضوابط المرشح الموحد للمعارضة، حيث كان المفروض أن يعلن عن الاتفاق الأسبوع الماضي، قبل أن يعرقله تحفظ بعض مكونات منتدى المعارضة على بعض مضامينه.
وفي إطار الحديث النشط حالياً عن ترشيح محمد بوعماتو، ذكرت صحيفة «تقدمي» «أن أحمد ولد داداه الموجود حالياً في مدينة دايتون بأوهايو في الولايات المتحدة، تواصل بشكل مكثف مع محمد فال ولد عينين الأستاذ الجامعي والصديق الشخصي لرجل الأعمال محمد ولد بوعماتو».
وحسب الصحيفة، فإن «أحمد ولد داداه وولد عينين كانا يرتبان مع ولد بوعماتو لإعداد “طبخة سياسية” لها علاقة بالانتخابات الرئاسية القادمة، والوضع السياسي في موريتانيا».
واستبعد قيادي في منتدى المعارضة إشاعة ترشيح ولد بوعماتو باسم المعارضة شأنه شأن ما سبق بخصوص احتمال ترشيح المعارضة لمولاي ولد محمد الأغظف، مؤكداً «أن هذه الترشيحات مجرد مغالطات يسربها أحد أجنحة نظام ولد عبد العزيز للطعن في مصداقية اختيارات المعارضة الموريتانية وتصويرها مفلسةً، حيث لا تتعدى في اختياراتها رجلين من فريق ولد عبد العزيز، أحدهما مغاضب وهو ولد بوعماتو، والثاني مقال من وظيفته، وهو مولاي ولد محمد الأغظف».
وأضاف القيادي المعارض «أن ملف ولد بوعماتو الموجود حالياً في القضاء الموريتاني، والذي أصدرت بحقه مذكرة اعتقال دولية، لا يخدم ترشح المعارض بوعماتو، إذ من المحقق أنه سيتم الطعن في أهليته للترشح قانونياً».
وأضاف المتحدث «أن هنالك أيضاً موانع اجتماعية لوجاهة هذه الشائعة، حيث إن انتماء الرئيسين اعل ولد محمد فال، ومحمد ولد عبد العزيز لذات المجموعة القبلية التي ينتمي إليها ولد بوعماتو تقلل من فرص قبوله في مجتمع لا تزال تتجذر فيه الاعتبارات القبلية».
«القدس العربي»