نشر نجل الداعية السعودي البارز المعتقل سلمان العودة، عبد الله، مقالا في صحيفة “نيويورك تايمز”، تحت عنوان “والدي يواجه عقوبة الإعدام.. هذا هو العدل في المملكة العربية السعودية”.
وقال العودة إن السعودية لم تتبعد عن المؤسسة الدينية المتشددة بعكس ما يزعمه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بل إنها تقوم بإسكات أصوات الاعتدال التي قاومت التطرف تاريخياً، مشيرا إلى اعتقال العديد من النشطاء السعوديين والعلماء والمفكرين الذين سعوا للإصلاح ومعارضة قوى التطرف، والذين يواجه كثير منهم عقوبة الإعدام.
وأضاف نجل العودة “والدي باحث في القانون الإسلامي يبلغ من العمر 61 عاما، وهو إصلاحي طالب بمزيد من الاحترام لحقوق الإنسان في إطار الشريعة الإسلامية، وهو القانون الشرعي في الإسلام المستند إلى القرآن. سُمع صوته على نطاق واسع، وهو شخصية عامة لديه 14 مليون متابع على تويتر”.
وتابع عبد الله قائلا “في العاشر من سبتمبر/ أيلول عام 2017، تحدث والدي، الذي أزعجته التوترات الإقليمية إثر فرض السعودية والبحرين والإمارات حصارا على قطر، بشكل غير مباشر عن النزاع القائم، وأعرب عن رغبته في المصالحة. إذ كتب على تويتر: “أتمنى أن يصلح الله قلوبهم لما فيه خير لشعوبهم” . بعد هذه التغريدة بساعات، جاء فريق من الأجهزة الأمنية السعودية إلى منزلنا في الرياض وقام بتفتيش المنزل، وصادر بعض أجهزة الكمبيوتر المحمولة وأخذ أبي بعيدا”.
يرى العودة أن تغريدة والده قد تكون أغضبت الحكومة السعودية التي اعتبرتها “انتهاكا جنائيا” إذ إن المحققين قالوا لوالده إن اتخاذه موقفا محايدا بشأن الأزمة السعودية-القطرية وعدم وقوفه مع الحكومة السعودية كان جريمة
ويرى العودة أن تغريدة والده قد تكون أغضبت الحكومة السعودية التي اعتبرتها “انتهاكا جنائيا” إذ إن المحققين قالوا لوالده إن اتخاذه موقفا محايدا بشأن الأزمة السعودية-القطرية وعدم وقوفه مع الحكومة السعودية كان جريمة.
وأضاف عبد الله أن والده محتجز في الحبس الانفرادي في سجن ذهبان في جدة. وقد تم تقييده لأشهر داخل زنزانته، وحُرم من النوم والمساعدة الطبية، وتم استجوابه مراراً طوال النهار والليل مع تجاهل تدهور حالته الصحية إذ يعاني من ارتفاع ضغط الدم والكولسترول الذي ازداد سوءا في السجن ما أدى إلى دخوله المستشفى. وقال إنه حُرم من مقابلة محاميه لغاية المحاكمة، بعد مرور حوالي عام على اعتقاله.
وتابع العودة “في 4 سبتمبر/ أيلول، عقدت المحكمة الجنائية المتخصصة في الرياض جلسة سرية للنظر في الاتهامات العديدة الموجهة إلى والدي: إثارة الخلاف العام وتحريض الناس ضد الحاكم، والدعوة إلى التغيير في الحكومة، ودعم الثورات العربية من خلال التركيز على الاحتجاز التعسفي وحرية التعبير، وحيازة كتب محظورة، ووصف الحكومة السعودية بالطاغية. اتهامات قام على أساسها المدعي العام بطلب الإعدام (بحق الشيخ العودة)”.
وأضاف “لقد استغلت السعودية لامبالاة الغرب تجاه سياساتها الداخلية، وقدمت حملة القمع التي شنتها على شخصيات إصلاحية مثل والدي على أنها حملة على المؤسسة الدينية المتشددة. الحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك. والدي محبوب من قبل الشعب السعودي لأن سلطته وشرعيته كعالم مسلم مستقل جعلته بعيدا عن العلماء المعينين من قبل الدولة. فهو باستخدام المبادئ الإسلامية لدعم حججه، دافع عن الحريات المدنية والسياسات التشاركية وفصل السلطات واستقلال القضاء”.
واستطرد العودة قائلا “على مدار عقدين تقريبا، قاد والدي الحملة ضد الإرهاب في السعودية. ودعا إلى تجديد الخطاب الديني وجادل بالإسلام المعتدل. أتساءل ما إذا كان قد ألقي القبض عليه بسبب مواقفه الشعبية التقدمية، لأنه منذ صعود الأمير محمد بن سلمان، لا يُسمح لأي شخص آخر أن يُنظر إليه على أنه “مصلح”.
وتابع “بينما يجلس الإصلاحيون مثل والدي في السجون، احتضنت السعودية المتشددين مثل صالح الفوزان، وهو رجل دين ذو نفوذ ترعاه الدولة وعضو في مجلس كبار العلماء. في عام 2013، شجب الفوازان مستقبلًا ستقوم النساء فيه بقيادة السيارة، وادعى أن الشيعة وغيرهم من المسلمين الذين لا يتبعون المعتقدات الوهابية هم كفار وأن أي شخص لا يتفق مع هذا التفسير هو كافر. وقد أعلن أيضا أن مطاعم البوفيه الممنوعة يمكن تحريمها لأنها تشبه المقامرة، وهو أمر محظور في الإسلام”.
عبدالله العودة: على مدار عقدين تقريبا، قاد والدي الحملة ضد الإرهاب في السعودية. ودعا إلى تجديد الخطاب الديني وجادل بالإسلام المعتدل. أتساءل ما إذا كان قد ألقي القبض عليه بسبب مواقفه الشعبية التقدمية، لأنه منذ صعود الأمير محمد بن سلمان، لا يُسمح لأي شخص آخر أن يُنظر إليه على أنه “مصلح”
“في أغسطس/ آب، كان الفوزان يجلس بين الملك سلمان بن عبد العزيز والأمير محمد في البلاط الملكي للإشارة إلى سلطته وأهميته. قبل بضعة أشهر، خلال اجتماع، قال ولي العهد الفوزان “أنت مثل والدي”. في سبتمبر/ أيلول، أصدر الفوزان فتوى تحث الدولة على قتل المنشقين السياسيين الذين يشجعون الفتنة ضد الحاكم. بعد شهر، قتل صديقي جمال خاشقجي”.
وتابع العودة “في ثقافة الخوف هذه، هناك أمل ضئيل في تحقيق العدالة إذ يتم دفع السلطة القضائية بعيدا عن أي مظهر من مظاهر سيادة القانون ومراعاة الأصول القانونية. حتى بعض القضاة من المحكمة الجنائية المتخصصة تم احتجازهم بعد أن رفضوا فرض عقوبات صارمة أوصى بها المدعي العام في حالات معينة. قال لي قاض إن القضاة المعينين مؤخرا في المحكمة الجنائية المتخصصة يعيشون في خوف. ومع ذلك، هناك بعض القضاة ممن لم يخضعوا للسيطرة الكاملة. في عام 2013، وقع حوالي 200 قاضٍ على عريضة عامة تدعو إلى إصلاحات قانونية وقضائية حقيقية، وأدانت “القمع الساحق وقمع الأصوات الحقيقية والوطنية”. أرادوا استقلال القضاء. وقد تعرض هؤلاء القضاة للترهيب، وتم إحالة بعضهم للتحقيق من قبل وزارة العدل السعودية. وقد وعد محمد العيسى، وزير العدل في ذلك الوقت، “بحملة تصحيحية” تخلّص القضاء من هؤلاء “القضاة الفاسدين”. وأُطلق قاضيان واستأنف الباقون عملهم بهدوء”.
وأشار العودة إلى أنه وفي 3 فبراير/ شباط، أجلت الحكومة السعودية محاكمة والده للمرة الثالثة دون تفسير واستمر إبقاؤه في السجن. ولفت إلى تعرض عائلته لمضايقات مستمرة منذ اعتقال والده. إذ إن 17 فردا من أسرة العودة ممنوعون من السفر، بمن فيهم الأطفال. كما تم تفتيش منزل الأسرة ومكتبة عبدالله الشخصية دون مذكرة. بالإضافة إلى القبض على عمه بعد تغريدة عن الحادث، كما تم تجميد أموال عبدالله دون مبرر.
وختم عبدالله العودة بالقول إن مقتل جمال خاشقجي هدم “أسطورة ولي العهد الإصلاحي الذي يدير السعودية”. لكن العالم بحاجة إلى رفع صوته لدعم السعوديين الذين يكافحون بالفعل من أجل الإصلاح مثل سلمان العودة الذي يطالب المدعي العام السعودي بإعدامه.