نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أجزاء من مقال للصحفي السعودي الراحل جمال خاشقجي – لم يجد طريقه للنشر- وصاغه في وقت سابق من العام 2018.
وأوضح الموقع أن خاشقجي ناشد في مقاله كل من السعودية والإمارات عدم التدخل بشؤون بعضهما البعض.
وجاء في تقرير الموقع أن الصحفي السعودي كان يعمل على الدعوة إلى المصالحة بين الشعبين السعودي والإيراني، وذلك قبل مقتله داخل قنصلية بلاده في إسطنبول التركية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي ذلك المقال بحسب ما جاء في تقرير ميدل إيست آي، التمس الصحفي السعودي -الذي كان يعيش في منفاه الاختياري بالولايات المتحدة- من منظمات المجتمع المدني في كلا البلدين، أن تكون “صوت العقل والاعتدال” حتى لو كان سلوك حكومتيهما ينذر بدخولهما في صراع مفتوح.
واقتبس الموقع البريطاني من مقال خاشقجي غير المكتمل عبارات، جاء فيها: “حكومتانا تتشبثان بمواقفهما وتتربصان ببعضهما بعضا بشكل خطير، بما قد ينذر باندلاع ما هو أسوأ في وقت قريب. إن الأمر متروك لشعبينا لكي يكونا صوت العقل والاعتدال، وهو ما يفخر الشعبان بالقيام به… وعلى المجتمع المدني أن يقود هذا الجهد لإحداث تفاهم مشترك لدى شعبينا”.
ويقول موقع ميدل إيست آي إنه بصدد نشر المسودة النهائية للمقال بإذن من الناشط الحقوقي الإيراني، الذي “امتنع في نهاية المطاف عن وضع اسمه في مقال مشترك، لكنه أعطى موافقته لخاشقجي على نشره باسمه”.
وكشف الموقع نقلا عن صديق لخاشقجي شارك في صياغة المقال، أن الصحفي السعودي والناشط الإيراني اتفقا على مضمون المقال أثناء لقاء بينهما استغرق زهاء ثلاث ساعات، وتبادلا بعده رسائل عبر البريد الإلكتروني في ديسمبر/كانون الأول 2017 ويناير/كانون الثاني 2018.
ويناشد المقال غير المكتمل أيضا الحكومتين السعودية والإيرانية “البدء باحترام حقوق شعبيهما”، منبها إلى أن كلتا الدولتين شهدتا “احتجاجات خطيرة ضد قيادتيهما الفاشلتين”.
التدخل بشؤون المنطقة
ويورد التقرير أن النقد اللاذع في المقال تركز على وجه الخصوص على تدخل الرياض وطهران في شؤون دول المنطقة.
ففي سوريا -بحسب مؤلفي المقال- “أرسلت (إيران) قواتها وقدمت الدعم المالي لمساعدة طاغية قاتل مسؤول عن قتل مئات الألوف من أفراد شعبه”.
وفي اليمن، شنت السعودية “حملة من القصف المتهور والعشوائي، زادها حدة حصار قاسٍ على البلد برمته”.
وينسب موقع ميدل إيست آي إلى ذلك الصديق -الذي لم يكشف عن اسمه- القول إن المقال يعد خطوة أولى نحو تشجيع الاتصال والحوار بين الجاليات الإيرانية والسعودية في المنفى بالولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن الموقع البريطاني يرى أن مخاوف أمنية أربكت تلك الجهود، من بينها أن خاشقجي كان يعتبر حينها مقربا من الحكومة السعودية، مما جعل إيرانيين منفيين يشعرون أن التعاون معه في العلن ينطوي على مخاطر جمة.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني اطلع عليها الموقع، ذكر خاشقجي أنه ينوي إرسال المقال بعد التوسع فيه إلى صحيفة واشنطن بوست التي كانت تنشر له عمودا ثابتا.
لكن المقال لم يكتمل بعد أن اغتيل صاحبه في الحادثة الشهيرة التي لا تزال تداعياتها تتردد في وسائل الإعلام العالمية.