أكد المفوض المساعد المكلف بالحماية لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فولكر تيرك في نهاية زيارة أنهتها الأحد لموريتانيا بعثة من المفوضية “ارتياح هيئته للاستضافة التي توفرها موريتانيا للاجئي الطوارق الماليين“.
ويقيم ستون ألف لاجئ من قبائل أزواد المالية منذ عدة سنوات في مخيم “أمبره” شرق موريتانيا، حيث توفر لهم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي المؤونة وفرص التعليم، بينما توفر لهم السلطات الموريتانية الحماية والأمن.
وأكد فولكر تيرك “أن بعثة المفوضية زارت خلال الأيام الثلاثة الماضية، مخيم “امبره” حيث يقيم اللاجئون، واطلعت على ظروف اقامتهم وما يتوفر لديهم من مقومات تعكس بجلاء، حسب تعبيره، مستوى تضامن الحكومة الموريتانية مع هؤلاء وادراكها لما تتطلبه وضعيتهم الراهنة من مؤازرة ومساعدة”.
وأضاف “نحن في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين نعمل بالدوام مع موريتانيا من أجل إيجاد حل لمعضلة هؤلاء اللاجئين وتمكينهم من العودة إلى أراضيهم والاستفادة من كافة حقوقهم”.
وأوضح فولكر تيرك “أن موريتانيا استقبلت، منذ شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، أكثر من 5400 لاجئ مالي، انضموا لمخيم” أمبره“ للاجئين الماليين الموجود بضاحية مدينة باسكنو شرق موريتانيا والذي يزيد اللاجئون المقيمون فيه على خمسين ألف شخص”.
وأكد مفوض الحماية “أن مخيم أمبره يؤوي أكثر من 50 ألف لاجئ وطالب للجوء، قدموا إلى موريتانيا منذ عام 2013، بفعل الحرب التي اندلعت آنذاك في شمال مالي الذي سيطرت عليه لبعض الوقت الجماعات المسلحة الناشطة في المنطقة”.
ستون ألفا تمنعهم الحرب من العودة إلى قراهم شمال مالي
ووقعت موريتانيا ومالي، بنواكشوط في شهر يونيو/ حزيران 2016 اتفاقًا بإشراف من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، ينص على العودة الطوعية للاجئين الماليين إلى أراضيهم، كما ينص على تشكيل لجنة ثلاثية تعنى بتحديد الإجراءات العملية لضمان عودة هؤلاء اللاجئين”.
وأكد وزير الداخلية الموريتاني أحمدو ولد عبد الله “أن موريتانيا سعت بجد إلى مؤازرة الحكومة والشعب الماليين في سبيل مواجهة عدم الاستقرار الناجم عن تداعيات الحرب شمال مالي، والمساهمة في إعادة الاستقرار والسلم للمنطقة”.
وأضاف “أن موريتانيا توفر على أرضها الأمن والسكينة لأكثر من 50 ألف لاجئ مالي، بانتظار عودة السلم لقراهم ومدنهم شمال مالي، رغم الضغط الكبير الذي يسببه وجود هذا العدد الكبير من اللاجئين على سكان البلد بعامة، وساكني الحوض الشرقي بصفة خاصة”.
وينص الاتفاق الثلاثي بين موريتانيا ومالي ومفوضية اللاجئين على وضع إطار قانوني لعودة أكثر من خمسين ألف لاجئ مالي لا يزالون يقيمون في مخيم امبره شرقي موريتانيا، تنتمي غالبيتهم إلى ولاية تمبكتو في الشمال وإقليم موبتي وسط مالي، كما يقضي بتشكيل لجنة ثلاثية من البلدين والمفوضية لتحديد الإجراءات العملية لعودة طوعية لهؤلاء.
وتضمن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بموجب الاتفاق توفير الظروف الملائمة للراغبين في العودة من خلال تقديم الدعم المالي لهم، والعمل على تحسين أوضاعهم المعيشية في مناطقهم الأصلية، بالتعاون مع السلطات المالية والمجتمع الدولي.
ويلزم الاتفاق الأطراف الثلاثة باحترام الطابع الطوعي لعودة اللاجئين إلى بلادهم في ظروف تضمن أمنهم وكرامتهم، ويفرض عليها كذلك ضمان حقوقهم في اللجوء إذا أرادوا ذلك، حسبما ورد في بيان لمكتب المفوضية بنواكشوط.
وتحتضن موريتانيا أعدادا كبيرة من اللاجئين الماليين الذين فروا إليها من ولاية تمبكتو وإقليم موبتي، وبعض المناطق المحاذية للحدود المشتركة بين البلدين، إثر الأحداث الدامية التي شهدها شمال مالي سنة 2012 وما بعدها.
وبحسب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فإن حوالي ستة آلاف من هؤلاء عادوا إلى بلادهم منذ سنة 2013، إلا أن أكثر من أربعين ألفا منهم لا يزالون يعيشون في مخيم امبره، في أوضاع تصفها المنظمات الإنسانية بالصعبة، بسبب شح الموارد.
ورغم ظروفهم الصعبة فمن غير المتوقع أن ينهي هذا الاتفاق رحلة لجوئهم، لأن نسبة عالية منهم لا تزال ترفض العودة الطوعية، حسب تأكيدات لمكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في موريتانيا.
ورغم مضي ثلاث سنوات على توقيع الحكومة المالية والحركات المسلحة في الشمال اتفاقية سلام برعاية دولية وإقليمية، فإن الأوضاع في مالي لا تزال غير مستقرة، حيث يتعرض الجيش المالي وقوات حفظ السلام الأممية لهجمات مستمرة، كما تشهد مدن الشمال المالي بين الفينة والأخرى هجمات مسلحة، تلقي بظلالها على واقع الحياة في هذه المدن، وتمنع عودة اللاجئين إليها.
ولم يغير تشكيل القوة المشتركة لمجموعة الدول الساحل الخمس حتى الآن من الأوضاع الأمنية حيث لا تزال المنطقة مهددة بالمنظمات الجهادية المسلحة.
وتؤكد إحصائيات لمفوضية اللاجئين اطلعت عليها “القدس العربي” أن نسبة بالمئة من اللاجئين المقنب في مخيم امبره شرق موريتانيا هم من فئة الأطفال.
وطرح تقرير للمفوضية الأممية حول اللاجئين أسئلة كثيرة عن طرق حماية هؤلاء الأطفال من الإساءات والاعتداءات مثل الزواج المبكر للقاصرات، ومثل اكتتاب وتجنيد المراهقين من طرف المنظمات الجهادية.
وتوصل التقرير إلى أن توفير التعليم لهؤلاء الأطفال هو الوسيلة الوحيدة لحماية مستقبلهم.
ويتابع 300 طفل لاجئ دراستهم الإعدادية والثانوية في خيم منصوبة لهذا الغرض بمخيم امبره منتظرين إكمال بنايات مدرسية يمولها الاتحاد الأوروبي.
وتعاني مدارس المخيم من نقص حاد في الأساتذة والمدرسين الأكفاء وهي مشكلة تتعاون منظمات اليونسيف ومفوضية اللاجئين لإيجاد حلول لها.
عبد الله مولود
نواكشوط- “القدس العربي”