في خطوة فسرها الجميع بأنها اتجاه نحو التهدئة، أكد مصدر في المعارضة الموريتانية “أن وزير الداخلية الموريتاني أحمد ولد عبد الله ناقش الاثنين مع قادة أحزاب المنتدى المعارض شروطهم التي تضمنتها رسالة سلموها للحكومة مستهل شهر فبراير الجاري”.
وأكد المصدر لـ “القدس العربي”، أن الوزير أبدى لقادة المعارضة خلال الاجتماع الذي استمر ساعتين، استعداد الحكومة لنقاش مضامين رسالتهم التي وجهوها للحكومة يوم الثامن فبراير/شباط الجاري، والتي تضمنت مجموعة من الإجراءات التي ترى المعارضة أنها ضرورية لضمان شفافية وحرية الانتخابات”.
وأوضح المصدر “أن المعارضة تأمل في أن تبدأ الحكومة خطوات عملية تجسد الاستعداد الذي أعرب عنه وزير الداخلية خلال اجتماعه بقادة المعارضة”.
واجتمع وزير الداخلية مع رؤساء الأحزاب والتشكيلات الموقعين على رسالة الشروط وهم محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم والرئيس الدوري لمنتدى المعارضة، ومحمد محمود ولد أمات نائب رئيس حزب التكتل، وأحمد ولد عبيد نائب رئيس حزب الصواب، ومحفوظ ولد بتاح رئيس حزب اللقاء، وسيدي ولد الكوري الأمين العام لحزب التناوب.
وكانت أحزاب المعارضة قد وجهت رسالة لوزير الداخلية يوم 8 فبراير الجاري اطلعت “القدس العربي” اليوم على مضمونها، وفيها طالبت حكومة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بـ “العمل على خلق مناخ سياسي طبيعي عن طريق التخلي عن منطق المجابهة والصدام”.
وخاطبت المعارضة في رسالتها الوزير قائلة “إن الحكومة تدرك بلا شك الظرفية الدقيقة التي تمر بها البلاد، والتي تتطلب من الجميع التوجه نحو الاستحقاق الرئاسي المقبل بروح وطنية عالية ومسئولية حقيقية مع تغليب المصلحة العامة للبلد على المصالح والطموحات الضيقة من أجل تحقيق الأهداف المنشودة والتي من أهمها تعزيز الجبهة الداخلية في وجه المخاطر التي تهدد البلد”.
“إنه من أجل أن تكون هذه الانتخابات، تضيف المعارضة، حلا لا مشكلة، يجب أن يتم إعدادها في جو سياسي يبرهن على حسن النية ويطمئن كل الفرقاء، ويعيد الثقة بينهم؛ فمن أهم أسباب الأزمة السياسية التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية انفراد الحكومة بتسيير المسلسل الانتخابي وتجنيد الدولة وسلطتها ووسائلها لصالح معسكرها ضد الفرقاء السياسيين الآخرين، وقد تجلى ذلك بوضوح في الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية الأخيرة بما شابها من خروقات على مستوى الإعداد والتنظيم وتزوير النتائج”.
وتابع قادة المنتدى المعارض “ورغم أن المعارضة لها حزمة مطالب ما زالت عالقة بدون جواب، فإن بلوغ هدف التناوب الديموقراطي على السلطة يستلزم اتخاذ حد أدنى من الإجراءات بينها الشروع في تهدئة الأوضاع عن طريق التخلي عن منطق المجابهة والصدام، والكف عن شيطنة المعارضة وعن قمع الحركات السلمية ووقف المتابعات القضائية ضد المعارضين”.
وأضافت الرسالة “يلزم كذلك احترام الدستور والقوانين وقواعد الحكامة الراشدة وجعل الدولة في خدمة الجميع بدل تسخيرها لطرف سياسي واحد، مع العمل على تنظيم انتخابات توافقية حرة وديموقراطية ووضع الأسس السليمة لعملية انتخابية لا غبن فيها ولا تدليس تتم عبر التشاور والتشارك، يطمئن لها جميع الفرقاء ويعترفون بالنتائج التي ستسفر عنها”.
وشددت المعارضة على “أن حرية وشفافية الانتخابات تستلزمان إعادة تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات بصورة توافقية وتخويلها كامل الصلاحيات والاستقلالية ومنحها الوسائل المادية والتقنية والبشرية التي تمكنها من أداء مهمتها على أكمل وجه، مع مراجعة شاملة للسجل الانتخابي وللقائمة الانتخابية بصورة توافقية وشفافة بما يضمن للموريتانيين المقيمين في الخارج حقهم في التسجيل عليها وتمكينهم من أداء واجبهم الانتخابي”.
وطالبت المعارضة كذلك في رسالتها “بضمان الحياد التام للدولة بجميع أجهزتها واحترام قانون التعارض وعدم استخدام المال العام ووسائل الدولة وسلطتها وهيبتها، وضمان رقابة حقيقية ذات مصداقية وطنية ودولية تتابع المسلسل الانتخابي بجميع مراحله”.
ويأتي اجتماع وزير الداخلية الموريتاني بقادة المعارضة بينما كررت الحكومة الموريتانية رفضها لإجراء أي حوار مع المعارضة، وهو ما أكده قبل أيام رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا سيدي محمد ولد محم، ردا على تصريح لرئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض أحمد ولد داداه الذي دعا قبل أيام لحوار وطني شامل يؤسس لما ستقدم عليه البلاد، وتتم من خلاله التهيئة لانتخابات رئاسية منتصف 2019.
وأعتبر ولد داداه أنه “بدون حوار وطني شامل يخشى أن تتحول الانتخابات الرئاسية القادمة إلى مناسبة تعمق الانقسام، وتهدد كيان البلد ومستقبله”.
وأكد الوزير ولد محم “إن إجراء أي حوار سياسي جديد بين أحزاب الأغلبية، والمعارضة قبل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها منتصف 2019، أمر مرفوض، ولا إمكانية له في الوقت الحالي، وليس ضمن الأجندة المطروحة حاليا للحزب.
وقال “تنظيم حوار سياسي جديد مع المعارضة غير وارد، وعلى من يريد الحوار التوجه للبرلمان الذي يوجد فيه تمثيل للعديد من الأحزاب السياسية من الأغلبية الداعمة للنظام، والمعارضة له على حد سواء”.
واتهم رئيس حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” أطرافا معارضة “بإجهاض آخر محاولات لإجراء حوار سياسي بين الأغلبية والمعارضة، وذلك عبر تسريب وثيقة الحوار الذي بدأ بشكل سري، وانهار قبل أن يتبلور بشكل نهائي”.
وتواصل المعارضة الموريتانية التي لم تتفق بعد على مرشح موحد، تحضيراتها للانتخابات الرئاسية التي ستجري، حسب الدستور، ما بين شهري إبريل ويوليو 2019.
وتؤكد المعلومات المسربة من المنتدى المعارض أن قادة المعارضة يوجدون حاليا على وشك الاتفاق على تقديم رئيس الوزراء الأسبق سيدي محمد ولد ببكر مرشحا موحدا للمعارضة في الانتخابات القادمة.
عبد الله مولود
نواكشوط – “القدس العربي