بينما طالب المدونون الموريتانيون بالاستفادة من الدرس الجزائري الماثل للعيان، ازداد المشهد السياسي الموريتاني سخونة أمس بعد أن رفضت الحكومة الموريتانية الاستجابة لطلب المعارضة المتعلق بإعادة تشكيل تناصفي لأعضاء لجنة الإشراف على الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو المقبل وتمسكها بعرضها الأخير الذي ينص على إضافة عضوين اثنين من المعارضة لهذه اللجنة مع الاحتفاظ بتشكيلتها الحالية التي يهيمن عليها أنصار الأغلبية الداعمة للجنرال غزواني مرشح السلطة القائمة.
وجددت المعارضة الموريتانية التي تجمعت بأحزابها وشخصياتها وحركاتها الشبابية خلف مرشحها الدكتور محمد ولد مولود، العرض الحكومي، وأعلنت عن التعبئة لمسيرة احتجاج ستنظم مساء اليوم الخميس.
وردت المعارضة على العرض الحكومي بأنها لا تقبل بأقل من النصف وفق ما تنص عليه المادة رقم 6 من القانون 05/2018 المعدل لبعض أحكام القانون النظامي 07/ 2012، الخاص باللجنة الانتخابية والذي ينص على أن اللجنة المستقلة للانتخابات يتم تعيين أعضائها بشكل توافقي من لائحة مكونة من 22 شخصية يجري إعدادها بناء على اقتراح مقدم من طرف الأغلبية والمعارضة بواقع 11 عضواً يقترحهم كل فريق.
وأعلنت المعارضة عن نفير عام لمسيرة مشتركة تحتج اليوم على الموقف الحكومي وتطالب بالشفافية.
واجتمع أربعة مرشحين أمس من أجل تنسيق المواقف في مسيرة الاحتجاج هم: سيدي محمد ولد بوبكر المدعوم من طرف الإسلاميين، وكان حامدو بابا مرشح الأقليات الزنجية، ومحمد ولد مولود مرشح المعارضة المتشددة، وبيرام ولد الداه المدعوم من البعثيين ومن متشددي مجموعة الأرقاء السابقين. وأكد ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي الذي يضم قوى المعارضة في بيان وزعه أمس «أنه بعد عدة أشهر من الجهود المُتواصلة مع جميع أحزاب المعارضة الديمقراطية من أجل الاتفاق على مرشح موحد أو رئيسي، بُغية توفير أعلى حظ ممكن لنجاح المعسكر الوطني والديمقراطي في مواجهة مرشح السلطة الديكتاتورية التي تسعى سعياً محموماً لإعادة إنتاج نفسها، تلك الجهود التي لم تُفض إلى الغاية المنشودة، قررت أحزاب تكتل القوى الديمقراطية والاتحاد الوطني من أجل التناوب الديمقراطي واتحاد قوى التقدم وحركة «نستطيع»، إقامة تحالف انتخابي واسع يتسمى «ائتلاف قوى التغيير الديمقراطي»، وهو الذي يُرشح للانتخابات الرئاسية القادمة رئيس حزب اتحاد قوى التقدم، محمد ولد مولود».
«ويضم هذا الائتلاف، يضيف البيان، مناضلي ومناضلات الهيئات المؤسِسة له، والمواطنين والمواطنات الذين ما فتئوا يكرسون طاقاتهم ومؤهلاتهم بإيمان وتصميم لمواجهة دكتاتورية زمرة العسكريين – المُتاجرين، التي جاءت على الأخضر واليابس واستحوذت على كافة مقدرات البلد، والتي تطمح للخلود في السلطة عبر مسرحيات انتخابية رديئة الإعداد والأداء، ومناورات دنيئة، وكل أنواع الاحتيال والفساد والابتزاز واستغلال وسائل الدولة دونما استحياء».
وتابع الائتلاف بيانه قائلاً: «إن موريتانيا اليوم ترزح تحت دكتاتورية نظام العسكريين المُتاجرين وتعيش وضعاً لا يُطاق على جميع الأصعدة بالنسبة للغالبية العظمى من شعبنا، ما يهدد الوحدة الوطنية واللحمة الاجتماعية في البلاد جراء ما يتعمده النظام من ممارسات تفريقية آثمة، لا سيما أنها تُحاكُ في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية تُدني البلد من الإفلاس يوماً بعد يوم، وتحت حكامة كارثية تُقوّض الحريات الديمقراطية الأساسية وتدوس أبسط حقوق البشر».
وأضاف: «إن متطلبات الحفاظ على بقاء وطننا، والشروع الجاد في تطبيع حقيقي للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وضمان وحدة جميع مكونات هذا الشعب، متطلبات تجعل من التغيير ضرورة ملحّة لا يمكن تحاشيها، فقد آن الأوان لانبثاق العهد الجديد الذي ما فتئ الشعب الموريتاني يطمح له ويصبو إليه، إلى حد أن النظام نفسه وبطانته ومن حوله من المُتملقين وجدوا أنفسهم مُجبرين على التلويح والتلميح إلى ذلك، في محاولات لا يخفى على أحد أنها مجرد ديماغوجية وتمويه».
«إن تحالف قوى التغيير الديمقراطي، يضيف الائتلاف المعارض، بناءً على ما لدى أعضائه من تجربة، وثقة منه بإرادة شعبنا، عاقد العزم على خوض المعركة الانتخابية القادمة بإذن الله تعالى، على أساس برنامج مشترك لإنجاح قضية شعبنا، والحيلولة دون استمرار نظام العسكريين المُتاجرين وإعادته لإنتاج نفسه، وبناء علي ما تقدم، فإن تحالف قوى التغيير الديمقراطي «من أجل عهد جديد» يدعو كافة أفراد الشعب، وبخاصة النساء والشباب، سواء في داخل البلاد أو في المهجر، إلى التعبئة والتنظيم في كل مكان وبكل فعالية، لفرض احترام الشروط اللازمة لضمان الحرية والشفافية في هذه الانتخابات، والتي ستؤدي دون أدنى شك إلى نصر مبين لمرشح الوحدة الوطنية والديمقراطية الحقيقية والتقدم، محمد ولد مولود، وإلى ولوج حكم تشاركي للبلاد». ووقع هذا البيان كل من رؤساء أحزاب تكتل القوى الديمقراطية، والاتحاد الوطني من أجل التناوب الديمقراطية، واتحاد قوى التقدم وحركة «نستطيع» الشبابية.
وبالتوازي مع هذا الاحتشاد، طالب المدونون الموريتانيون السلطات «بالاتعاظ من الدرس الجزائري الماثل للعيان.
وأكد المدون الأبرز محمد سالم ولد جدو «أن إن لم يتعظ النظام، ويبادر بتنظيم انتخابات حرة نزيهة وشفافة، ويتخذ لذلك آلياته، فنحن في أحسن الأحوال سائرون نحو النموذج الجزائري».
وأوضح المدون النشط إسماعيل يعقوب «أن تظاهر المعارضة الموريتانية من أجل نزاهة الانتخابات في القرن الحادي والعشرين، يضع العملية الانتخابية في موريتانيا في مهب الشك».
وقال: «عدم الثقة في النظام الانتخابي الموريتاني دليل على وجود أكبر عملية فساد سياسي في الدولة الوطنية».
وفي تدوينة تابعها الكثيرون، كتب المحامي عبد السلام حرمه، رئيس حزب الصواب المعارض وزعيم بعثييي موريتانيا: «هل تملك جهات القرار العليا في بلادنا حداً أدنى من متابعة أصداء شوارع الشقيقتين: الجزاير والسودان في ساحتنا؟ وهل أدركت أنه ليس من المفيد الاستمرار في سبر مدى صبر وتحمل المجتمعات، فلم يقدم عليه في الماضي والحاضر إلا فاقدو البصيرة أو من أفقدتهم الأنانية كل ذرة حس وطني».
«القدس العربي»