“القدس العربي”: بدأت أطراف المشهد السياسي والانتخابي في موريتانيا شد أحزمتها لخوض انتخابات تؤكد الأدلة السياسية أنها ستكون غير مسبوقة في سخونتها وشراسة حملاتها الدعائية.
وبينما استقبل المجلس الدستوري ملفين لترشح كل من سيدي محمد بوبكر أبرز منافسي مرشح الأغلبية الجنرال غزواني، وبيرام ولد الداه المرشح الحقوقي المثير للجدل، تستمر حالة حوار الطرشان بين الحكومة والمعارضة حول تشكيلة لجنة الإشراف على الانتخابات وهو ما يضع أشواكا على طريق انتخابات تخوضها أطراف متنافرة لا ثقة لها فيما بينها.
ولد بوبكر أبرز منافس لمرشح الأغلبية الجنرال غزواني يودع ملف ترشحه
وفي هذه الأثناء، تواصل اللجنة المستقلة للانتخابات تحضيراتها لانتخابات يونيو وكأن الأمور طبيعية، حيث تابعت فرقها تنقيح القائمة الوطنية للناخبين بتسجيل الأشخاص غير المسجلين فيها، كما واصلت تدريب فرقها على تنظيم العمليات الانتخابية.
وأكدت لجنة الانتخابات على لسان رئيسها الوزير بلال “أنها أخذت دروسا من انتخابات سبتمبر الماضي حيث استطاعت تنظيم ثلاثة اقتراعات بلدية ونيابية وجهوية دفعة واحدة وهي عملية تعتبرها اللجنة أصعب بكثير من تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولم يعلن لحد يوم الثلاثاء عن أي اتفاق جديد بين الحكومة والمعارضة بخصوص إجراءات تتيح للمعارضة دخولا سريعا في مواقع أمامية داخل اللجنة المستقلة للانتخابات.
وتشترط المعارضة بكافة أطيافها المتشددة والمعتدلة إعادة تشكيل لجنة الانتخابات إلا أن الحكومة تتحجج بأن الوقت لم يعد يسمح بالدخول في عملية إعادة تشكيل اللجنة لطول مساراتها الإجرائية.
وأكد الجنرال غزواني مرشح الأغلبية حرصه هو الآخر على شفافية الانتخابات قائلا “أريد انتخابات لا طعن فيها لكي يكون فوزي واضحا إذا فزت في الانتخابات ولكي أهنئ غيري أيضا إذا كان هو الفائز، على أساس انتخابات واضحة”. ويضطر مرشحو المعارضة لخوض انتخابات يونيو 2019، بظروفها التي توفرها الحكومة الحالية لا بشروطهم التي تقدموا بها منذ أشهر للحكومة.
ومع أن الحوار الأخير بين الحكومة والمعارضة حول تشكيلة لجنة الانتخابات، يعتبر إيجابيا إلا أن المراقبين يتحدثون عن غياب إرادة حقيقية في التوصل لحل يرضي جميع الأطراف ويجعل من الانتخابات المقبلة انتخابات توافقية موثوق بنتائجها.
وكان مرشحو المعارضة محمد مولود وولد ببكر ويرام ولد الداه، قد اتفقوا أخيرا في مؤتمرهم الصحافي المشترك “أن مماطلة الحكومة وترددها في حسم تمثيل المعارضة المتشددة في لجنة الانتخابات، يؤكد سعيها للقيام بعمليات تزوير لصالح مرشح الأغلبية الجنرال غزواني الذي تبرأ في تصريحات عديدة من أي مساع لانتخابات غير قائمة على الشفافية وحرية الاختيار.
وتؤكد هذه التجاذبات كلها، أن موعد الانتخابات المنتظرة يقترب في ظل حوار طرشان بين نظام يدعم أكثر المترشحين حظا في النجاح، ومعارضة تسعى لفرض شروطها مع التمسك بخيار المشاركة.
وهكذا تتجه الأمور نحو “تنظيم الانتخابات الرئاسية، حسب تأكيدات صحيفة “القلم” المحسوبة على المعارضة، بتسخير كل شيء لمرشح السلطة بما في ذلك وسائل الدولة واللجنة انتخابية المشكلة من أنصاره، والإدارة غير المحايدة وولاء القوات المسلحة وقوات الأمن له”.
ويقول الإمام أحمد ولد محمدو مدير حملة المرشح محمد ولد مولود في مقابلة مع أسبوعية “لوكلام” الصادرة بالفرنسية “لقد أظهرت الحكومة كثيرا من الغموض وسوء النيات منذ أن كتبت لها المعارضة تطلب حصتها في اللجنة الانتخابية حيث تأخر الرد الحكومي عدة أشهر على هذا الطلب، ولم تستجب الحكومة لهذا الأمر إلا مؤخرا بإطلاق مفاوضات ماراتونية لم تلبث الحكومة أن أوقفتها”.
وقال “لا بد أن نسجل بأن اللجنة الانتخابية مؤلفة اليوم من الأحزاب المؤيدة لمرشح السلطة، فهل هذه اللجنة بشكلها الحالي محايدة؟”.
وأضاف “إننا نطالب بتطبيق القانون المؤسس لهذه اللجنة والذي ينص على أنها تشكل بالتناصف بين الموالاة والمعارضة وهو ما يرفضه وزير الداخلية حتى الآن”.
وأكد الإمام أحمد “أنه ليس أمام المعارضة في هذه الحالة سوى المطالبة بإعادة تشكيل اللجنة الانتخابية بالطرق السلمية، وإذا استمر النظام في تعنته ورفضه لإنصافنا فإننا سنتحمل مسئولياتنا، ونحن متأكدون من أن الشعب الموريتاني لن يقبل بأي حال من الأحوال سرقة أصواته والتحايل عليه”.
وأضاف الإمام أحمد “اننا لا نطالب فقط بحصتنا في قيادة اللجنة الانتخابية بل بحصتنا في الطواقم البشرية المشرفة على مكاتبها وفروعها حيثما وجدت، فنحن نشترط ذلك لأن فيه مصلحة موريتانيا”.
وسيدلي الناخبون الموريتانيون بأصواتهم يوم الجمعة 21 يونيو 2019 خلال الشوط الأول وفي حالة شوط ثان، فإنهم سيدلون بأصواتهم يوم الجمعة الخامس يوليو 2019.
وحدد مرسوم استدعاء الناخبين، يوم الأربعاء الثامن مايو/ أيار المقبل موعدا أخيرا لتقديم ملفات الترشح للانتخابات الرئاسية، حيث سينشر المجلس الدستوري القائمة المؤقتة للمترشحين يوم الخميس التاسع مايو المقبل، ليفسح المجال للاعتراضات يومي الجمعة والسبت 10 و11 مايو المواليين، قبل أن يصدر مداولة نهائية بقائمة الناخبين.
وستتولى الحكومة، على أساس مداولة المجلس الدستوري، نشر القائمة النهائية للمترشحين في أجل أقصاه يوم 22 مايو 2019.
وستفتتح الحملة السياسية والدعائية الممهدة لهذه الانتخابات يوم الجمعة السابع يونيو/ حزيران القادم عند منتصف الليل، حسبما نص عليه المرسوم، على أن تختتم يوم الخميس 20 يونيو 2019 عند منتصف الليل.