يواصل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ”تواصل“ المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، النزيف في ظل تواصل انسحابات قياداته قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها موريتانيا يوم 22 من شهر يونيو المقبل.
آخر تلك الانسحابات حدثت اليوم الأحد، بعد أن قرر السيناتور السابق ”عمر الفتح“ أحد الأعضاء المؤسسين لحزب تواصل الاستقالة من الحزب والالتحاق بالمرشح للرئاسة وزير الدفاع السابق محمد ولد الغزواني، الذي يحظي بدعم النظام الحالي.
موقف سبقته إليه قيادات عديدة في التيار الإسلامي أغلبها ينحدر من المناطق الشرقية حيث المخزون الانتخابي الكبير، الذي يراهن عليه أغلب المترشحين في جميع الاستحقاقات التي تشهدها موريتانيا.
المنسحبون من الحزب يبرر أغلبهم سبب قراره، بخيارات الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقرار دعمه المرشح سيدي محمد ولد بوبكر، الذي خالف به الحزب معظم خيارات أحزاب المعارضة الأخرى، التي دعم أغلبها النائب البرلماني محمد ولد مولود، باستثناء حزب ”عادل“ الذي دعم مرشح النظام، وهو الحزب الذي سبق له أن حكم البلاد عام 2007.
توالي الانسحابات والاستقالات في هذا الظرف الحساس، دفع رئيس الحزب السابق محمد جميل ولد منصور، إلى دعوة القائمين على الحزب لدراسة تلك الانسحابات قائلًا: ”المهم أن يدرس القائمون على تواصل حالات الانسحاب ويتوقفوا عند أسبابها، ويعالجوا ما أمكن علاجه فلا الحالات واحدة ولا كل مغادر دفعه الخوف من السلطة أو الرغبة فيها“.
وأضاف ولد منصور، في تدوينة له عقب انسحاب عمر الفتح، أحد مؤسسي الحزب الإسلامي، أن ”تواصل لم يعد – كما يحلو للبعض وصفه – حالة إيديولوجية مغلقة وأنه يستقبل عضوية من مختلف شرائح ومكونات ونوعيات المجتمع، ويغادره البعض ممن لم يقنعه مساره أو لم يجد فيه مبتغاه“.
نزيف يخدم مرشح النظام
ينظر بعض المراقبين لنزيف الانسحابات الذي يشهده حزب ”تواصل“ من زاوية أخرى بعيدًا عن توجهات الحزب ذي الميول الإسلامية، معتبرين أن مرشح النظام كان له دور كبير في خلط أوراق التيار الإخوانى قبيل الانتخابات، وإعادة توزيعها من جديد، ليكون له نصيب منها بعد جرها بعيدًا عن الحزب نفسه.
رغم أن ولد الغزواني سبق له أن رفض دعم حزب ”تواصل“ ذراع الإخوان المسلمين في موريتانيا، بحسب ما تداولت عدة وسائل إعلام موريتانية قبل مدة، ليؤكد سيره في هذه النقطة على خطى رفيقه الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، الذي هاجم التيار بعيد الانتخابات التشريعية الأخيرة، متهمًا إياها بـ“تدمير العديد من البلدان في المنطقة العربية“.
وحسب الصحفي الموريتاني، الشيخاني ولد سيدي، فإن ”مرشح النظام رغم رفضه دعم الإخوان، فإنه نجح في استمالة معظم القيادات الإخوانية المنسحبة من تواصل، والتي أعلن غالبيتها اعتراضه على خيارات الحزب أحيانًا، أو على نهجه أحيانًا أخرى“.
ويضيف ولد سيدي في تصريح لـ“إرم نيوز“: ”ولد الغزواني نجح في استغلال الخلافات الداخلية بين صقور الحزب الذين يتحكمون حاليًا، وحمائمه الذين تم إقصاؤهم عن الواجهة، في الآونة الأخيرة، مستخدمًا خطابًا مرنًا وجامعًا، كما أن نجاحه في أن يكون مرشحًا للنظام وليس الحزب الحاكم كان له دور في تحديد خيارات الشخصيات الإخوانية المتمردة على واقع حزبها، فلا هي ترغب منذ مدة في المواصلة مع الحزب، ولم تجد في الساحة ما يغريها بمغادرته، وقد وجدت ذلك في مرشح النظام“.
وقال رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ”تواصل“ السابق محمد جميل ولد منصور، إن ”مغادرة البعض لصفوف تواصل خصوصًا في المواسم الانتخابية ليست أمرًا جديدًا، بالضبط مثل التحاق آخرين به“.
لكن مراقبين يرون أن ارتفاع وتيرة الانسحابات من الحزب في الآونة الأخيرة، تعبر عن خلل معين في المنظومة التي يسير عليها، بدليل أن معظم المنسحبين هم في الغالب قيادات من مؤسسي الحزب أو نوابه البرلمانيين السابقين، أو مسؤولين في مختلف هيئات الحزب، وهو ما يعني أنهم على دراية كبيرة بما يجري داخل الحزب، نظرًا لمكانتهم الحزبية، وبالتالي فإن قرار الانسحاب أو الاستقالة لم يأت من فراغ.
يضاف إلى ذلك، أن غالبية المنسحبين هم من ولايات الشرق التي تصنف على أنها خزان موريتانيا الانتخابي، وقد حقق ”تواصل“ فيها نتائج جيدة خلال الاستحقاقات التي نافس فيها سابقًا، مما يدعو للتساؤل حول قدرة حزب الإخوان على الحفاظ على تلك المكاسب ـ في ظل هذه الانسحابات ـ لاستغلالها لصالح مرشحه للرئاسة سيدي محمد ولد بوبكر، أم أنه خسر خزانه الانتخابي؟.
المصدر: إرم