انتهت المهلة المحددة من المجلس الدستوري في موريتانيا، لتقديم ملفات الترشح في الانتخابات الرئاسية المرتقبة خلال شهر يونيو/حزيران المقبل.
وقد نجح ستة مرشحين في تقديم ملفاتهم رسميا، في حين لم يستطع آخرون تقديم ملفاتهم بعدما أعلنوا عن ترشحهم في مهرجانات شعبية، لعدم حصولهم على التزكيات المطلوبة.
ويشترط المجلس الدستوري في ملف الترشح، شهادة تبريز وتزكية مئة مستشار بلدي منهم خمسة عمد بلديات (رؤساء المجالس المحلية). والمرشحون الذين أودعوا ملفات ترشحهم للرئاسيات المقبلة هم:
محمد ولد الغزواني
هو محمد ولد الشيخ محمد أحمد الغزواني، أول المتسابقين إعلانا للترشح، وأولهم تقديما لملفه لدى المجلس الدستوري المعنيّ باستقبال ملفات الترشح وإعلان القائمة الأولية ثم النهائية.
ولد الغزواني هو فريق وقائد للجيوش الموريتانية ووزير دفاع سابق، صديق مقرب للرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، وكان شريكه في الإطاحة بالرئيس المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله عام 2008، وكان أحد أفراد المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع قبل ذلك في 2005.
يعتمد ولد الغزواني في سباقه نحو الرئاسة، على قوى النظام وأحزاب الأغلبية وعدد من القوى التقليدية، وبعض الشخصيات المعارضة التي التحقت به، هذا بالإضافة إلى جمع من رجال الأعمال، ويعتبر من أبرز المرشحين للفوز في الانتخابات الرئاسية.
سيدي محمد ولد بوبكر
من الأسماء البارزة في قائمة المترشحين، عن أحزاب معارضة، سيدي محمد ولد بوبكر، وهو رئيس وزراء ودبلوماسي سابق، تولى مسؤولية رئاسة الوزراء لأول مرة في مطلع تسعينيات القرن الماضي خلال فترة حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، ثم عاد لشغل المنصب ذاته مرة أخرى، بعد الإطاحة بولد الطائع عام 2005، وظل في المنصب حتى انتهاء الفترة الانتقالية في 2007.
سيدي محمد ولد بوبكر تدعمه أطياف معارضة أبرزها تواصل الإسلامي
يعتمد في منافسة مرشح النظام على دعم حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) ذي الخلفية الإسلامية، وبعض الأطياف المعارضة الأخرى من بينها حزب حاتم الذي يقوده صالح ولد حننه، هذا فضلا عن شخصيات مستقلة وبعض الحركات الشبابية.
ويرى مراقبون أن ولد بوبكر بمقدوره أن يضيق الخناق على ولد الغزواني مرشح النظام، وقد يتمكن من الوصول معه إلى شوط ثان.
بيرام ولد اعبيدي
وكان رئيس حركة إيرا الحقوقية بيرام ولد الداه اعبيدي ثالث المرشحين تقديما لملفه للمجلس الدستوري، ينتمي ولد اعبيدي لشريحة لحراطين (الأرقاء السابقين)، وسبق أن ترشح عام 2014 ضد ولد عبد العزيز في انتخابات قاطعتها المعارضة، بحجة عدم توافر مناخ يضمن انتخابات بالحد الأدنى من الشفافية والنزاهة.
يشارك ولد اعبيدي في الانتخابات هذه المرة، عن تحالف بين حركته إيرا وحزب الصواب، صاحب الخلفية البعثية، وهو التحالف نفسه الذي وصل عن طريقه للبرلمان.
بيرام ولد اعبيدي المرشح الوحيد المنتمي لشريحة الأرقاء السابقين
خلال السنوات الماضية، سجن بيرام الداه ولد اعبيدي أكثر من مرة، على إثر قضايا يعتبرها هو بسبب دفاعه عن العبودية، بينما يرى النظام أن سببها حرق أمهات الكتب الفقهية مرة، ومحاولة زرع الفتنة بين مكونات الشعب الموريتاني مرة ثانية، ويقول أنصاره إن سجنه أكثر من مرة حوّله إلى رمز سياسي وزاد من حضوره خصوصا في أوساط شريحته.
محمد ولد مولود
رابع المرشحين هو الزعيم اليساري محمد ولد مولود، أستاذ جامعي، وسياسي معارض لكل الأنظمة التي تعاقبت على الحكم في موريتانيا، يترأس حزب قوى التقدم، ذا الخلفية اليسارية، ودعمه في الترشح ائتلافٌ معارض من أهم مكوناته حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يترأسه أحمد ولد داداه.
وليست هذه المرة الأولى التي يخوض فيها ولد مولود السباق الرئاسي، فقد ترشح للانتخابات الرئاسية التي نظمت في 2007 وحصل على أقل من 5% من أصوات الناخبين.
محمد ولد مولود أستاذ جامعي وزعيم يساري
المرتجي ولد الوافي
قدم الشاب المرتجي ولد الوافي، ملف ترشحه لرئاسة موريتانيا، وهو أصغر المترشحين للانتخابات، تخرج ولد الوافي في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء عام 2014 إداريا من السلك المالي، ويعمل في وزارة الاقتصاد والمالية حاليا، ويقدم نفسه مرشحا للشباب.
كان حاميدو بابا
قبل ساعات قليلة من انتهاء المهلة المحددة لتقديم ملفات الترشح، قدم كان حاميدو بابا ملف ترشحه، بصفته مرشحا عن ائتلاف التعايش المشترك، وهو ائتلاف يضم أحزابا ذات خلفية قومية زنجية.
وتحضر قضايا الزنوج بقوة في خطاب المرشح كان حاميدو بابا الذي سبق له أن كان نائبا في البرلمان، وسبق أن ترشح في انتخابات رئاسية ماضية، ويطمح إلى أن يحقق نتيجة جيدة بأصوات القوميات الزنجية.
تحالفات سياسية
حرص النظام أن تكون كل الأحزاب الداعمة له، في صف مرشحه محمد ولد الغزواني، هذا بالإضافة إلى القوى التقليدية، مثل شيوخ القبائل والطرق الصوفية، كما تحالفت أحزاب معارضة لدعم خمسة من المرشحين الستة.
ويرى الأستاذ الجامعي ديدي ولد السالك أن نتائج هذه التحالفات السياسية تظل غير مؤكدة، في ظل سيطرة داعمي النظام على اللجنة المستقلة للانتخابات، وفي ظل غياب تام لتمثيل المعارضة.
ويؤكد ولد السالك أنه إذا تحققت الشفافية في الانتخابات، ولم تعمد السلطات إلى التزوير، فإنه يمكن أن تكون هناك جولة ثانية، نظرا لوجود مرشحين جديين ويتمتعون بحضور سياسي وشعبي معتبر.
اعتبارات مجتمعية
وتختلف نظرة المجتمع الموريتاني، لأبرز المرشحين الستة للانتخابات، باختلاف آرائهم الفكرية والشرائحية والقبلية، وعلى هذا الأساس يصطف كل فريق خلف مرشح بعينه، دون الاهتمام بالبرامج.
يقول الكاتب الولي ولد سيدي هيبة للجزيرة نت، إن البعد الشرائحي حاضر في حملة المرشحين بيرام الداه اعبيدي وكان حاميدو بابا، ويعتبر أن ولد مولود مرشح له ماض في معارضة الأنظمة والانحياز للمهمشين، بينما ينظر كثيرون إلى المرشح ولد بوبكر على أنه يمكن أن يمثل خلاصا للوطن من الحكم الحالي، خاصة أنه سياسي وإداري سابق وكان جزءا من نظام سابق.
بيد أن كثيرين أيضا يميلون إلى مناصرة المرشح الذي يدعمه النظام وهو محمد ولد الغزواني.
ويرجع ولد السالك ولاء كثير من الشعب لمرشح النظام إلى عقلية الشعوب التي تعاني من الجهل والتي لا تنحاز للبرامج، ويصف ولد السالك هذه الحالة بالعبودية الطوعية للأنظمة، رغم معاناة الشعب من التهميش والفقر.
ومن المنتظر أن يعلن المجلس الدستوري، اللائحة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية، وهي انتخابات يفترض أن يسلم بعدها الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز السلطة لرئيس منتخب. ويرى محللون أن هذه الخطوة قد تكون بداية مسار ديمقراطي في البلد، بعيدا عن الانقلابات التي عانت منها موريتانيا.
المصدر : الجزيرة