ضمن صراع يحتدم حالياً في موريتانيا بين الساعين للتغيير والمتمسكين بالنهج السياسي القائم، حذر الرئيس الموريتاني المنصرف محمد ولد عبد العزيز في تصريحات أدلى بها، حسب مواقع إخبارية محلية، أثناء مأدبة إفطار برئاسة الجمهورية، من «دخول موريتانيا في موجة من الفوضى العارمة إذا لم ينتخب المترشح محمد ولد الغزواني» الذي تدعمه الأغلبية الحاكمة.
وقال في تصريحات أمام منتخبي الأغلبية الحاضرين لمأدبة الإطار: «إذا هزم المترشح محمد ولد الغزواني في انتخابات حزيران / يونيو 2019، فإن موريتانيا ستغرق في مغامرة بالغة الخطورة».
ولم يوضح الرئيس ولد عبد العزيز، فيما نقلته عنه الصحافة المحلية، أية تفصيلات عن طبيعة المخاطر التي تتهدد موريتانيا إذا حدث أن فاز فيها مترشح آخر غير الجنرال السابق محمد ولد الغزواني.
وإضافة إلى وزير الدفاع السابق محمد ولد الغزواني، مرشح السلطة القائمة الذي انضمت لصفه شخصيات معارضة وازنة، فإن الانتخابات المنتظرة، ستشهد مشاركة خمسة مترشحين آخرين معارضين للنظام الحالي وخصوماً لمرشحه، هم الوزير الأول الأسبق سيدي محمد ولد ببكر الذي يدعمه الإسلاميون والسلفيون ومغاضبو نظام الرئيس ولد عبد العزيز، ومحمد ولد مولود الذي تدعمه المعارضة التقليدية وعلى رأسها حزب تكتل القوى الذي يرأسه أحمد ولد داده، والناشط الحقوقي والنائب البرلماني بيرام الداه الذي يدعمه البعثيون، والخبير الاقتصادي محمد الأمين المرتجي الوافي، ورئيس حزب الحركة من أجل إعادة التأسيس والبرلماني السابق كان حاميدو بابا الذي يدعمه نحالف الأحزاب الزنجية.
ويجدر هنا التذكير بمناسبة التحذير الذي أطلقه الرئيس الموريتاني والذي يشاركه فيه الكثيرون من داعمي مرشحه، بأن الانقلابات العسكرية ظلت منذ عام 1978، السبيل الوحيدة للتناوب على السلطة في موريتانيا؛ وسيكون التداول المرتقب على السلطة في انتخابات يونيو المقبل أول تداول تشهده البلاد بين رئيسين منتخبين. كما يجدر التذكير بأن متابعي هذا الشأن يرون أن ترشيح الرئيس ولد عبد العزيز لرفيق دربه محمد ولد الغزواني ودعمه له، في تصريحاته السابقة وأثناء حديثه الأخير أمام المنتخبين، أمر طبيعي لما يرتبط به الرجلان من علاقات متواصلة منذ أربعة عقود، حسب ما أكده كل منهما على حدة.
فقد قاد الجنرال محمد ولد عبد العزيز، بدعم من رفيق سلاحه الجنرال محمد ولد الغزواني، انقلابين عسكريين متتاليين، أحدهما أطاحا فيه بالرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع عام 2005، والثاني قلبا فيه عام 2008، نظام الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، أول رئيس منتخب.
وأثارت التصريحات المحذرة من الفوضى والمنسوبة للرئيس ولد عبد العزيز، استغراب معارضين كثيرين.
وفي هذا الإطار، أكد القيادي المعارض لو غورمو، في تدوينة علق فيها على تصريحات الرئيس: «الرئيس المنصرف لم يوضح طبيعة الفوضى التي حذر من وقوعها إذا لم يفز مرشحه، وما دام لم يوضح ذلك فإنه قال شيئاً ولم يقل شيئاً في الوقت ذاته».
وأضاف: «إن ما يهدد موريتانيا ليس هزيمة هذا المترشح، بل استمرار النظام الحاكم حالياً الذي إذا لم نتخلص منه فإنه سيدخل موريتانيا في خطر كبير».
ويرى الإعلامي موسى ولد حامد، المدير السابق للوكالة الموريتانية للأنباء، «أن ما يحذر منه الرئيس المنصرف واقع حالياً لأن جميع المؤشرات تظهر باللون الأحمر: فالأزمة السياسية متواصلة منذ 2008، والحالة الاقتصادية متدهورة بفعل مديونية تساوي الناتج الداخلي الخام، والإضرابات تعم قطاعات كبيرة بينها الصحة والتعليم ونقابات الحمالين».
وقال: «إن موريتانيا تحتاج إلى التغيير، وباختصار بحاجة إلى التغيير».
وعكس ما ذهب إليه المعارضون، يتابع وزراء الحكومة الحالية منذ أسابيع دفاعاتهم عن إنجازات نظام الرئيس ولد عبد العزيز عبر تقارير تتناول بالأرقام كافة المنجز خلال العشرية الأخيرة.
وفي آخر حصيلة تقدمها الحكومة عن إنجازات النظام خلال العقد الأخير، أكد المختار ولد اجاي، وزير الاقتصاد والمالية، أمس، «أن إصلاح المالية العمومية وخلق إطار اقتصادي كلي مستقر شكل أولوية لدى الرئيس محمد ولد عبد العزيز والحكومة منذ 2009، حيث كان من أهم الأهداف المنشودة تحسين تعبئة الموارد الداخلية وتحسين إطار التخصيص عبر عقلنة نفقات تمويل الإدارة وزيادة ميزانية وتمويل الاستثمار عبر الموارد الذاتية وعصرنة الإطار التنظيمي.
وقال: «إن تطبيق هذه السياسة مكن من زيادة معتبرة لموارد الميزانية الداخلية التي انتقلت من 198 مليار أوقية قديمة سنة 2009 إلى 567 مليار أوقية قديمة سنة 2018، أي بزيادة تربو على 200 بالمائة، مشيراً إلى أن الموارد الضريبية تضاعفت ثلاث مرات ونصف، منتقلة من 106 مليار أوقية قديمة سنة 2009 إلى 362 مليار أوقية سنة 2018، فيما انتقلت نسبة الضغط الضريبي من 9 بالمائة سنة 2009 إلى 19 بالمائة سنة 2018».
وأكد الوزير «أن مداخيل الصيد انتقلت من 41 مليار أوقية قديمة سنة 2009 إلى 72 مليار أوقية قديمة سنة 2018 ، أي بنسبة نمو بلغت 75 بالمائة، كما أن الموارد المتأتية من الولوج للثروات المنجمية انتقلت هي الأخرى من 5ر18 مليار أوقية قديمة سنة 2009 إلى 7ر68 مليار أوقية سنة 2018 أي بزيادة 271 بالمائة، وذلك رغم إغلاق حقل شنقيط النفطي سنة 2018».
«القدس العربي»