«القدس العربي»: أكد تنظيم «الوحدويون الناصريون في موريتانيا»، أمس، على «ضرورة تجديد وتفعيل آليات دعم القضية الفلسطينية مع الوقوف في وجه المخططات الهادفة إلى تصفيتها وتهويد القدس الشريف، ومع العمل الحازم لكسر الحصار الجائر على الشعب الفلسطيني».
ودعا ناصريو موريتانيا، في بيان أصدروه أمس ضمن استذكارهم وتخليدهم لثورة الثالث والعشرين يوليو الناصرية، إلى «الوقوف ضد تغلغل العدو الصهيوني في المنطقة العربية والقارة الإفريقية والتشديد على استمرار قطع جميع العلاقات معه، وتفادي كل ما يمكن أن يفهم منه تراجع موريتانيا عن خياراتها التحررية الوطنية والقومية مهما كلف ذلك من ثمن».
وأكد البيان «أنه إذا كانت الثورة الناصرية قد نجحت في تحقيق كثير من أهدافها في هذا الاتجاه، فإن أمتنا تعود من جديد، للأسف، إلى مستنقع الحروب والعصبيات الإثنية والمذهبية بفعل السياسة الاستعمارية الجديدة المعروفة بـ (الفوضى الخلاقة) التي أنتجت صيف الوطن العربي الذي أسس لما تعانيه الأمة اليوم من تشظ وارتكاس وترد في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واستباحة للثوابت والخيارات الكبرى وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والوحدة العربية».
«لقد استخدم الاستعمار الجديد، يضيف البيان، أدوات التدمير الداخلي والصراعات البينية للوصول إلى أهدافه، ومنها السعي إلى شرعنة الكيان الصهيوني وتمزيق الأمة عبر مخططات متجددة من تجلياتها صفقة القرن وغيرها، وهذا الواقع المرير ينسحب على قارتنا الإفريقية وعالمنا الإسلامي في سياق نظام عالمي جائر قائم على الغطرسة والإلغاء ومصادرة حقوق الشعوب المستضعفة في أرجاء المعمورة كافة».
وفي الحديث عن الشأن المحلي، أكد الوحدويون الناصريون «أن موريتانيا نجحت مؤخراً في إنجاز أول تداول سلمي على السلطة بين رئيسين منتخبين، وهو ما يجعل ثقتنا كبيرة في أن عهداً جديداً قد بدأ إيذاناً بسيادة الإرادة الشعبية ومن يمثلها ويتناغم معها»، و»نحن مطمئنون، يضيف البيان، إلى أننا نعيش اللحظة التاريخية المناسبة للتطلع إلى تحقيق أثمن المطالب والآمال الوطنية».
وقدم البيان مجموعة مطالب، من أبرزها حماية الحريات العامة والخاصة، في حدود الضوابط المرتبطة باحترام الثوابت الوطنية، وتعزيز مسؤولية الدولة عن الثروات الناضبة والمتجددة والتحكم في شروط استغلالها، وترسيخ مبدأ التناوب السلمي على السلطة».
ودعا البيان إلى «نبذ الصراع الطائفي والمذهبي داخل العالم العربي والإسلامي باعتباره عامل هدم لصالح قوى الهيمنة والاستعمار ومعيقاً للتنمية والتقدم، كما دعا للتدخل العاجل لمكافحة الرق بكافة أشكاله وآثاره، واتخاذ خطوات سريعة، تجعله ملفاً وطنياً، بعيداً عن أي استغلال سياسي».
وأضاف البيان: «لقد استطاع بلدنا بوعي شعبه الإفلات من مخطط الفوضى الذي ساد الأمة العربية، بيد أن تحديات أخرى ما زالت تطرح نفسها بإلحاح وتتحتم مواجهتها بشجاعة وصرامة، وفي مقدمتها تدني أداء الطبقة السياسية الذي قاد إلى تنامي الدعوات الفئوية والعرقية وتفشي الانتهازية، ورداءة المنظومة التعليمية وانتشار الأمية وضعف القدرة الشرائية في الأوساط الشعبية، وهي تحديات يمكن مواجهتها من خلال المقاربة الفكرية للتجربة الناصرية عبر تكريس حرية الوطن والمواطن والتوزيع المنصف للثروة، تحقيقاً لمبدأ الكفاية في الإنتاج والعدالة في التوزيع، وهو ما يسمح بالتمكين للمواطن من الممارسة الديمقراطية السليمة التي تظل متمنعة في غياب منظومة تعليمية تستجيب لاحتياجات المجتمع الثقافية والاقتصادية، وتعتمد خيار المدرسة العمومية المكتملة الأركان، ويأتي في مقدمة ذلك تدريس كافة مراحل التعليم الابتدائي والثانوي باللغة العربية، وترقية اللغات الوطنية الأخرى، والانفتاح على اللغات الأجنبية بصفتها لغات ثانوية، وتعريب الإدارة، تطبيقاً لمقتضيات الدستور، وتقريباً لها من المواطنين، خدمة للتنمية وحفاظاً على الهوية العربية الإسلامية الجامعة لشعبنا».
وأكد الناصريون الموريتانيون «أن الحفاظ على الهوية الحضارية لموريتانيا والتمسك بكل ما يرمز إليها من مرجعيات فكرية وسياسية، ليس قيمة أخلاقية فحسب، وإنما هو ضمانة للصلة التفاعلية بين الماضي والمستقبل، ومن هذا المنطلق يتعين عدم المساس بمكانة رموز التحرر والانعتاق الوطني والعربي والإفريقي، وفي مقدمتهم القائد الكبير جمال عبد الناصر، وذلك بإزالة ما حصل من لبس ناجم عن تغيير اسم شارعه الذي يشكل جزءاً من الذاكرة التاريخية لشعبنا وأمتنا».
وفيما عدا هذا البيان الذي يصدر في هذه المناسبة من كل سنة، ليس لتنظيم «الوحدويون الناصريون في موريتانيا» نشاط سياسي في الساحة الموريتانية منذ أن تفرق أعضاء تنظيم التيار الناصري في موريتانيا عام 1992 بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة.
وفيما أسس شباب التيار الناصري عام 1992 حزب التحالف الشعبي التقدمي، ساهم شيوخ التيار في تأسيس الحزب الجمهوري الذي حكم به الرئيس الأسبق معاوية، قبل أن ينفصلوا عن نظام الرئيس معاوية، بعد أن بدأت حكومته عام 1997 خطوات تطبيعية مع إسرائيل.
واجتاز التيار الناصري الذي نشأ بداية الستينيات تحت التأثر بالشعارات العروبية والوحدوية للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، بعدة مسارات، حيث استمر نشاطه المركز على الساحة الطلابية على حركة سرية طيلة عهد الرئيس الأسبق مختار ولد داداه وخلال فترة النظام العسكري.
وعانت قيادات التيار الناصري من القمع والسجن في ظل نظام الرئيس الأسبق العقيد محمد خونا ولد هيدالة، الذي حكم موريتانيا ما بين عامي 1980 و1984 قبل أن تنضم هذه القيادات إلى نظام الرئيس معاوية بعد وصوله للسلطة في انقلاب عسكري عام 1984.