«القدس العربي»: واحد وعشرون يوماً هي الفترة القصيرة جداً التي حكمها حتى اليوم الرئيس الموريتاني المنتخب، محمد الشيخ الغزواني.
ومع أن الرئيس المنتخب تمكن خلال الأسابيع الثلاثة التي مضت على تسلمه السلطة، من تعيين حكومة جديدة، فإن الرأي العام المحلي والرأي العام المهتم بالشأن الموريتاني يواصلان انشغالهما بتحرر أو ارتهان الرئيس غزواني للرئيس السابق ولد عبد العزيز، بحيث لا يمكنه الحكم إلا بسياسات ورجال سلفه، أو سيتمكن من التخلص من ذلك.
ورصدت أوساط المعارضة السابقة وأوساط مؤملي التغيير من المدونين حملات ومواقف اعتبروها تشويشاً من شخصيات النظام السابق على النظام الجديد.
وتابع بنجامين أوغي، الباحث المشارك في برامج إفريقيا والطاقة في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، في تحليل نشرته للتو صحيفة «موندافريك الآنية»، مسارات وسير أعوان الرئيس الجديد، مؤكداً «أن الرئيس الغزواني يسير ببطء نحو تغيير الوجوه التي حكم بها سلفه».
وجزم المحلل في معالجته «بأن الرئيس الغزواني يريد أن يظهر أنه ليس بيدقاً بيد النظام الذي سبقه»؛ واعتمد المحلل على استقراءات لسير الشخصيات التي عينها الرئيس غزواني، حيث أكد «أنه إذا كانت هناك شخصيات احتفظت بمواقعها في الحكومة الجديدة، فإن غالبية من عينوا فيها هم من خلصان الرئيس الجديد، كما أن الرئيس السابق غير راض عن الكثيرين منهم».
وقال: «إذا كان رئيس الوزراء إسماعيل الشيخ سيديا قد عمل في حكومات للرئيس السابق وزيراً للإسكان عام 2009 ووزيراً للشغل عام 2004، فإنه مبعد عن وظائف الدولة منذ أربع سنوات، حيث عمل خبيراً في الخارج، وقد لوحظ أن الرئيس عزيز عارض بشدة توليه مواقع أمامية في حملة الرئيس غزواني الخاصة بانتخابات الرئاسة».
وأضاف المحلل: «هناك شخص آخر هو محمد أحمد ولد محمد الأمين الذي عين مديراً لديوان الرئيس الجديد، فهذا الشخص كان وزير الداخلية في نظام المرحلة الانتقالية التي قادها الرئيس الراحل، العقيد علي ولد محمد فال، وهو خصم لدود للرئيس السابق، ولد عبد العزيز».
ولفت المحلل النظر إلى «أن مدير الديوان ولد محمد الأمين ظل طيلة حكم الرئيس السابق مبعداً عن نواكشوط متنقلاً بين سفارات أنقره وباماكو، وقد أعاده الرئيس غزواني بسبب علاقة قوية بين والديهما».
وتوقف المحلل بنجامين أوغي أمام تعيين الجنرال حننه ولد سيدي القائد السابق للقوة العسكرية المشتركة لمجموعة الساحل وزيراً للدفاع في الحكومة الجديدة وهو الذي كان مقرباً من الرئيس أعل ولد محمد فال، حيث تولى في عهده الإدارة العامة للأمن الخارجي عام 2005 قبل أن يعزله الرئيس عزيز ويعينه مفتشاً عاماً للدفاع».
وأضاف: «من التعيينات الدالة على حضور نيات التغيير لدى الرئيس غزواني، قيامه بتعيين الدكتور نذير ولد حامد وزيراً للصحة وهو صهر الرئيس الأسبق سيدي ولد الشيخ عبد الله الذي أطاح به الرئيس عزيز في انقلاب عسكري عام 2008». واعتبر المحلل المتخصص «أن جميع هذه التعيينات لا بد أن تغضب الرئيس المنصرف، كما أن الرئيس غزواني أضفى على الحكومة الجديدة الطابع التكنوقراطي، حيث عين على رأسها ولد الشيخ سيديا خريج المدرسة المركزية «سانترال دي باري» في باريس».
وزاد: «المحلل لهذه التعيينات ولسير هؤلاء الأشخاص ولإبعاد أعوان الرئيس السابق الذين يشكلون النواة الصلبة لنظامه، لا بد أن يستخلص بأن الرئيس غزواني يريد من خلالها أن يؤكد للموريتانيين بأنه ليس بيدقاً بيد سلفه الرئيس عزيز».
وأكد «أن الرئيس غزواني قام بلعب الشطرنج من خلال الإبقاء على بعض المقربين من سلفه الرئيس عزيز ومن أبرزهم محمد عبد الفتاح الذي احتفظ بوزارة النفط والطاقة وهو صديق شخصي لأحمد بن محمد عبد العزيز الذي توفي عام 2015، وسيتولى الوزير عبد الفتاح تسيير مشاريع بالغة الأهمية في مقدمتها مشروع استغلال الغاز المسال بالاشتراك ما بين موريتانيا والسنغال». «ومن الوزراء الذين احتفظوا بمواقعهم وزير الخارجية، يضيف المحلل، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى اليمن، والسبب في إبقائه أنه صلة الوصل القوية بين موريتانيا والنظام السعودي الذي يعتبر حليفاً بارزاً للنظام الموريتاني، حسب ما تؤكده العلاقات القائمة حتى الآن».
وضمن الرصد النشط والمتواصل لأولى خطوات الرئيس الموريتاني المنتخب في الحكم، تحدث المدون الموريتاني محمد الأمين الفاضل عن حملة تشويش تستهدف إرباك نظام الرئيس غزواني من طرف أنصار الرئيس السابق.
ومن القضايا الداخلية في هذه الحملة والتي ساقها الفاضل في مقاله «غياب رئيس الجمعية الوطنية ونائبه الأول عن أول صلاة عيد تقام في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، ومنها انتقاد رئيس الجمعية الوطنية ونائبه للحكومة الجديدة، ومنها التسريب الأكثر خطورة، والأكثر تشويشاً، الذي نشره موقع «الأخبار إنفو» عن تسلل مسلحين من القاعدة إلى موريتانيا».
وقال: «لستُ في موقع يمكنني من أن أجزم بفرضية وجود حملة تشويش منظمة تحاك ضد الحكومة الجديدة، وليس بإمكاني نفي وجود تلك الفرضية، خاصة وأن الشفيق بسوء الظن مولع، ومهما يكن من أمر، وفي انتظار أن تنجلي الحقيقة، فسيبقى من الضروري التنبيه في هذا المقام إلى جملة من ملاحظات أهمها أنه على رئيس البرلمان ونائبه، وعلى كل نواب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، أن يتذكروا دائماً بأن رئيس الجمهورية بإمكانه أن يحل البرلمان، وأنه في حالة حله فإن 80% أو أكثر من نواب الحزب». وأكد المدون «أنه على السياسيين أن يأخذوا بعين الاعتبار جملة من الأمور، أولها أن أداء حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لم يكن جيداً خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، والكثير من نواب هذا الحزب كانوا من داعمي مبادرة التمديد، أي أنهم كانوا من معارضي ترشيح محمد ولد الشيخ الغزواني، ومنها أنه من حق الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن يبعد السياسيين من حكومته، ومن حقه أن يبحث في هذا الوقت بالذات عن وزراء غير سياسيين يتحلون بالكفاءة».