«القدس العربي»: لم يطو الموريتانيون بعد صفحة نظام رئيسهم السابق، محمد ولد عبد العزيز، الذي يوجد منذ تسليمه للسلطة، مستهل الشهر الجاري، خارج البلاد.
فلم تنقطع لحد يوم أمس، وبعد ثلاثة أسابيع من مغادرة ولد عبد العزيز للسلطة، المطالبات بمحاسبة الرئيس السابق على تسييره الذي يعتبره خصومه «مطبوعاً بالفساد والمحسوبية ونهب المال العام»، مع التحقيق في فترة حكمه وإلغاء قراراته وسياساته غير الدستورية، حسب المطالبين.
وطالب أعضاء مجلس الشيوخ السابقون من الرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني «بإلغاء التعديلات الدستورية التي أجراها الرئيس السابق، محمد ولد عبد العزيز، عام 2017» والتي تضمنت حل مجلس الشيوخ، كما طالبوا، في بيان صادر يوم أمس، عن منسقيتهم «بإلغاء جميع القوانين المتعلقة بأعضاء مجموع الشيوخ السابقين والتي اتخذها الرئيس السابق».
ودعا أعضاء المجلس «لاحترام المؤسسات الدستورية والسماح لكل مؤسسة بممارسة صلاحياتها الكاملة دون تدخل من السلطة التنفيذية، كما ألحوا على «استقلال القضاء وتعزيز العدالة بين جميع المواطنين ومساواتهم أمام القانون، بالإضافة إلى «ضرورة الفصل بشكل لا لبس فيه بين السلطات، بحيث تمارس كل سلطة صلاحياتها وفقاً لأحكام نظامها الأساسي».
وأكد الشيوخ السابقون «أنهم ناقشوا الوضع السياسي في البلاد ولاحظوا أنه وضع مطمئن واعد لمستقبل سياسي مريح». وطالبت القيادة السياسية لحزب اتحاد قوى التقدم المعارض في ختام دورة لمكتبها التنفيذي «حكومة الرئيس الغزواني بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق والتدقيق حول الوضعية المزرية الناجمة عن تسيير نظام الرئيس السابق».
ودعت «القوى الديمقراطية والوطنية وكذلك الرأي العام الدولي لتسليط الضوء على تلك الوضعية المثيرة للقلق التي تركها نظام ولد عبد العزيز في الوقت الذي تجتاز فيه موريتانيا أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة».
وأكدت قيادة حزب اتحاد قوى التقدم (اليسار الموريتاني) «أنها بنت مطالبتها بالتحقيق في تسيير الرئيس السابق الذي حكم عشر سنوات، على المعلومات المتداولة على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي بشأن عمليات نهب منظمة لممتلكات الدولة والموارد الوطنية من قبل محمد ولد عبد العزيز عند مغادرته النهائية للسلطة». وأوضحت القيادة «أن هذا السلوك الإجرامي استمرار لنهج ممارسات الفساد والاختلاس والرشوة الذي عم البلاد منذ انقلاب 2008 (نفذه الرئيس السابق ضد الرئيس المنتخب ولد الشـــيخ عبد الله)، والذي أثار، حسب قولها، استياء كبيراً من التصرفات الكارثية للرئيس المنصرف في أيامه الأخيرة، التي تجسدت في عشرات التعيينات الزبونية والتوزيع المفضوح لرخص الصيد والقطع الأرضية، إضافة إلى عديد الإجراءات الإدارية والمالية غير المدرجة في ميزانية الدولة ولا في أي مشروع من مشاريعها لصالح بعض مقربيه وحلفائه السياسيين عشية تنصيب رئيس الجمهورية الجديد».
وتتواصل في موريتانيا الرسائل الصوتية وفوكالات «الوتساـــب» الداعية لمحاسبة الرئيس السابق والحاثة على محاسبته والتدقيق في الوضعية التي ترك فيها البلاد. وعمت منصات التواصل الاجتماعي التدوينات المطالبة بتحقيق شامل في تسيير السنوات العـــشر التي حكمها الرئيس السابق. واستغرب الكثير من المدونين والمحتجين عبر الرسائل الــصوتية من الطريقة التي سافر بها الرئيس السابق خارج البلاد، حيث إنه سافر -حسب معلومات متداولة على نطاق واسع- بجميع أفراد أسرته وأجر طائرة خاصة بمبلغ ناهز 75 مليون أوقـــية موريتانية (200 ألف أورو). وتناول الدكتور لو غورمو، نائب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم المعارض بالنقد، الأسابيع الأخيرة من حكم الرئيس الأسبق، مؤكداً أنها فترة اتســـمت «بعشرات التعيينات في العديد من المناصب المهمة، مع توزيع رخص الصيد على الأصدقاء والأقارب، وإهداء القطع الأرضية إضافة إلى قرارات عديدة اتخذت خارج قوانين التسيير المالي للدولة أي خارج ميزانيتها ومشاريعها». وأكد لو غورمو، وهو محام وأستاذ القانون بجامعة نواكشوط، «إنه من اللازم تسليط الضوء على الفترة الأخيرة من حكم ولد العزيز».
وأضاف: «ما قام به الرئيس السابق عشية استلام خلفه للحكم غريب وغير معقول؛ فالبلد يوجد في حالة صعبة وهذا ما يجعل تصرفات الرئيس السابق غير مقبولة لأنها استهزاء بالقانون واحتقار للشعب، فإما أن نكون دولة تحترم نفسها وتفرض على الجميع احترام القانون، وإما أن نظل صامتين نتفرج على سقوطنا في الهاوية».
وقال: «إما أن يلغي الرئيس الجديد كافة الإجراءات الخارجة عن القانون والتي كان على سلفه ألا يتخذها، وإما أن يقوم الشعب الموريتاني بصفته طرفاً مدنياً بخوض معركة إحقاق حقوقه أمام الهيئات القضائية المــختصة».