منذ أيام وأوساطنا الاعلامية ونخبنا السياسية تصول وتجول في مواقف متباينة حول موقع موقف البرلمان الحالي من الحكومة الحالية.
طُرحت في الموضوع أسئلة وتحاليل كثيرة لمواقف مختلفة ومتباينة تبلور أكثرها في اجابات على أسئلة مفترضة من بينها:
هل سيصوت البرلمان على برنامج الوزير الأول، أم سيصوت ضده؟
هل هناك معسكر سياسي يقف ضد الحكومة ويحاول التشويش على مواقف البرلمانيين
ماهي الجهات التي يمكن أن توجه إليها اصابع الاتهام في محاولة شل إرادة الحكومة وما مستوى استفادتها من فشله في حال حصول ذلك لا قدر الله؟
ما مستوى القوة والقدرات لدى تلك الجهات التي تحاول مثل ذلك التشويش؟
ثم في الاخير هل سيقبل البرلمانيون أن يصبحوا العوبة في أيدي من لا علاقة لهم بمصالح الشعب الذي اختارهم كاختياره للرئيس المنتخب...
إن المتتبع لما يقال إنه حِيكَ من مؤامرات مما قيم به من طرف بعض داعمي الرئيس المنصرف وممن كانوا يدركون من خلال ما كانوا يقومون به من أساليب لا تتماشى مع اسلوب النظام الجديد أنه لا مكان لهم في الوضع المستقبلي الطبيعي –مما يجعلهم يبذلون قصارى جهدهم في محاولات يائسة لافشال الحملة السياسية لرأس النظام الجديد القائم، في محاولة لاسقاطه أو لتحقيق شوط ثان قد يؤدي إلى فوضى يتم بموجبها التدخل من أجل إلغاء الانتخابات لصالح أمن واستقرار البلد..
فالمتتبع لذلك يدرك أن ايادي خفية واضحة لا تريد الخير للبلاد ولا لهذا الشعب المسكين، وإنما تعمل من اجل مصلحة ذاتية فقط..
غير أن هناك من أدركوا هذه اللعبة وتحركوا سريعا وعاد القطار إلى سكته وتغلب المستوى العلمي والاخلاقي والرؤية الواضحة التي برهن عليها خطاب الرئيس محمد ولد الشيخ ولد الغزواني في مختلف مهرجاناته الانتخابية إبان الحملة والتي كانت بوصلة واضحة في أن موريتانيا تتجه اتجاها آخر غير ما عهدنا في الفترة الماضية بعدما تعرضت له من هدم لقيم الجمهورية وترسيخ لثقافة الزبونية، وابتزاز للمواطنين ونهب ثروات الشعب.
فقد جاءت خطابات وتعيينات الرئيس المنتخب ردًا واضحا لا لبس فيه على ما عانت منه موريتانيا خلال المرحلة السابقة تمثل ذلك في:
تأكيده على أنه لا يبحث من خلال الترشح للرئاسة عن امتيارات مادية أو معنوية
تأكيده خلال مختلف خطاباته على التمسك بالقيم الاخلاقية وثوابت الجمهورية الاسلامية الموريتانية والتي كانت غائبة غيابا لا تخطئه عين خلال المرحلة السابقة
ايمانه المطلق بالدولة وبنائها واضعا العدل والعدالة ميزانا واضحا لتحقيق رؤيته في تجسيد قيم الدولة ومبادئ الجمهورية.
تعيين وزير أول بميزات يتفق الجميع على ابتعادها عن الميزات التي دأب عليها سابقوه خلال المراحل السابقة، حيث ظل إلى يومنا هذا -وهو من تقلد تلك المناصب السابقة- نظيف اليد والوجه واللسان، بل إنه رفض –خلافا لغيره- أن يكون معول هدم للدولة وتبديد ثرواتها.
تعيين حكومة كفاءات عالية من ابناء الوطن ، نحت كل منهم مكانته بأظافره في صورة دلالية تؤكد قدرتهم جميعا على الاسهام الصادق في تحقيق الأهداف التي يسعى إليها الرئيس ووزيره الأول في بناء الدولة وتحقيق الرفاه للمواطنين.
فماذا يريد برلمانيونا غير هذا؛
إن التصويت السري بـ(نعم) أو (لا) على برنامج الحكومة الذي سيقدمه الوزير الأول يوم الأحد القادم فإذن الله سيكون امتحانا فاصلا لبرلمانيينا وسيعكس بصدق وجلاء مستوى إرادتهم في بناء دولة قوية وعادلة.
وحسب تصوري فسيكون هذا البرنامج أول برنامج على مدى تاريخ الديمقراطية يتفق عليه كافة أعضاء البرلمان من موالاة ومعارضة، وذلك أن جميعهم وبمختلف مشاربهم يتفقون على صدقية إرادة القائمين على النظام الحالي في بناء الدولة.
وستبقى ثلة قليلة من المشاغبين من محبي ذواتهم محشورين في زاوية مؤكدين قول الشاعر:
آمنت بالله إن الشر ما شُحذت
انيابه فإلى أصحابه يئلُ