تابع الرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني لقاءاته ومشاوراته مع أبرز معارضي سلفه في خطوة ذكر مقربون منه أنها “تستهدف تهدئة الساحة وتحضيرها لمصالحة وطنية تنزع فتيل الأزمة التي عاشتها موريتانيا خلال العشرية الأخيرة”.
وارتاحت الأوساط السياسية الموريتانية المهتمة بهذا التوجه الجديد، بلقاء مطول أجراه الرئيس الغزواني مساء الإثنين بمبادرة منه، مع الناشط الحقوقي بيرام ولد الداه الذي احتل الموقع الثاني في انتخابات الرئاسة.
ومع أن مجريات هذا اللقاء لم ينشر عنها شيء رسمي لا من جانب الرئاسة ولا من جانب ولد الداه، فقد أكد مصدر مقرب من هذا الأخير “أن الرئيس الغزواني استمع بشكل مطول وهادئ للحقوقي الناشط في مجال مكافحة الرق بيرام الداه الذي قدم للرئيس رؤيته للوضع العام في موريتانيا، كما قدم للرئيس اقتراحاته لحلول المشكلات ذات الأولوية ومن أبرزها، حسب المصدر، الذود عن الوحدة الوطنية عبر القضاء الكامل على الرق ومخلفاته”.
وقد أكد هذا اللقاء الذي ستتلوه لقاءات مع قادة معارضين آخرين بينهم حسب توقعات متابعي هذا الشأن، معارضون في المكونة الزنجية الموريتانية، والذي سبقته لقاءات مع قياديين معارضين بينهم الرئيس الدوري للمعارضة محمد ولد مولود، وزعيم المعارضة الديموقراطية إبراهيم البكاي، أن الرئيس الغزواني يتوجه نحو تنظيم حوار وطني شامل تعرض خلاله مشاكل البلد وتفصل فيه الحلول التي يتضمنها برنامج الرئيس الذي نال الثقة في الانتخابات الأخيرة.
ويلتقي هذا التوجه مع مطالب وجهها في وقت سابق إلى الرئيس الغزواني، مرشحو الرئاسة المهزومون في الانتخابات الأخيرة، وأكدوا فيها على ضرورة فتح حوار وطني حول شؤون البلد وقضاياه الملحة التي تهدد مستقبله.
وسبق للحقوقي بيرام الداه اعبيد الثاني، في سباق الرئاسي الأخير، أن دعا أواخر يوليو/تموز الماضي للحوار بين المعارضة الموريتانية والنظام والرئيس المنتخب محمد الشيخ الغزواني.
وأكد ولد الداه “أن موريتانيا بحاجة لأن يتنازل أبناؤها من أجل مصلحتها، وأن يجلس الجميع على طاولة الحوار لاستعراض جميع الخلافات ومناقشتها والسعي لحلها عبر الحوار”.
وقال: “إن موريتانيا بحاجة لجو التقارب والتفاهم”، مؤكداً “انه مع تعبيره عن هذا الرأي فإنه متمسك بقوته وعزمه على النضال إلى جانب حرصه الشديد على التفاهم وجمع الأطراف على مائدة الحوار”.
وقال “إن الديمقراطية ليست القانون فقط وليست اللجنة المستقلة للانتخابات ولا هي المجلس الدستوري”؛ فالديموقراطية حسب قوله، “أشمل من ذلك، فهي التعايش بين أفراد الشعب وهي إرساء العدل والإنصاف”.
هذا وتواصل أوساط المعارضة الموريتانية بشقيها المتحزب وغير المصنف تعبيرها عن الارتياح للانفراج الكبير الذي تشهده الساحة السياسية الموريتانية هذه الأيام ضمن الانفتاح الذي استحدثه الرئيس محمد الغزواني على معارضة سلفه من خلال سلسلة لقاءات مفتوحة وشاملة.
والتقى الرئيس الغزواني حتى الآن كلا من محمد ولد مولود رئيس حزب اتحاد قوى التقدم وعبد السلام حرمه رئيس حزب الصواب (البعث الموريتاني)، والرئيس أحمد ولد داداه رئيس حزب التكتل ويحي ولد الوقف رئيس حزب العهد، وإبراهيم بكاي زعيم مؤسسة المعارضة.
ويطرح مراقبو المشهد السياسي الموريتاني حاليا أسئلة كثيرة حول ما ستتمخض عنه لقاءات الرئيس الغزواني ومشاوراته مع المعارضة: فهل هذه المشاورات مجرد تهدئة لساحة متأزمة، حسب رأيهم؟ أم أنها توجه جاد وجديد لإشراك المعارضين في تسيير الشأن العام وتغيير طرق التعامل والتعاطي بين الحاكم والمعارضة التي اتسمت بالتوتر والصدام طيلة العقد المنصرم؟
أمام هذه الأسئلة، ينتظر الجميع من معارضي النظام السابق ومن موالاته وممن هم خارج هذا التصنيف، ما ستتمخض عنه هذه اللقاءات في قابل الأيام.
“القدس العربي”