أجمع رموز وقادة المعارضة الموريتانية، الذين التقوا الرئيس ولد الغزواني ضمن المشاورات المتواصلة للأسبوع الثالث، على أنهم ناقشوا مع الرئيس مجموعة من النقاط المهمة، أبرزها فك الحصار عن معارضي المهجر الخاضعين لمذكرات متابعة قضائية دولية، وتهدئة المخاوف من استمرار تحكم الرئيس المنصرف في إدارة الشأن العام، وضرورة البدء في حوار وطني شامل يعالج القضايا الملحة ويضع لها الحلول المجمع عليها.
وأجرى الرئيس الموريتاني المنتخب، محمد ولد الشيخ الغزواني، سبعة لقاءات تشاورية مطولة مع قادة المعارضة ومع منافسيه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وذلك تحت رقابة وترقب وتفاؤل أطراف المشهد السياسي الموريتاني، وفي إطار خطوات وصفها مقربون من الرئيس بأنها تستهدف «تهدئة المشهد السياسي الوطني المتأزم منذ سنوات عدة، وإظهار الأسلوب القائم على التشاور الذي يفضله الرئيس في ممارسة الحكم».
لكن ما استغربته الشخصيات التي قابلت الرئيس وتوقف أمامه المراقبون هو «أن الرئيس الغزواني المتقن لفن الاستماع للآخر، لم يظهر لمحاوريه أي موقف من القضايا التي عرضت عليه، فلم يخرج أي منهم من عنده بموقف رافض أو موافق على أي شيء.
وأجرى الغزواني العديد من الاجتماعات مع رؤساء الأحزاب وقادة الكتل السياسية من الأغلبية والمعارضة بشكل تتواصل خلال الأسابيع الماضية.
والتقى الرئيس الموريتاني، أمس، سيدي محمد ولد ببكر، وهو مرشح الإسلاميين في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وأحد أبرز من نافسوا غزواني في هذا الاقتراع.
ويأتي هذا اللقاء تالياً للقاء مهم آخر مع المرشح بيرام ولد الداه الثاني في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وأكد ولد الداه في تصريح له أمس أن «المواضيع التي ناقشها مع الرئيس ولد الغزواني هي المواضيع نفسها التي كانت محل نقاش مع رئيس لجنة تسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية سيدنا عالي ولد محمد خونه قبل أشهر من الآن».
وقال: «طرحت على الرئيس موضوع الترخيص لحزب «راك» (مناهض للرق) ولحركة «إيرا» (ناشطة في محاربة الرق)، ورفع الحظر عن المنظمات التي تم إغلاقها مؤخراً ومنها جميعة يداً بيد، وغيرها، بالإضافة إلى وقف ملاحقات رجال الأعمال المعارضين ومن بينهم محمد ولد بوعماتو ومصطفى الإمام الشافعي، ومحمد ولد الدباغ».
وأكد ولد الداه أن «لقاءه مع الرئيس كان إيجابياً، وكان يهدف في الأساس لإيجاد توافق بين الطيف السياسي والحقوقي من أجل المساهمة في تنمية واستقرار البلد».
وقال: «أنا مستعد للوقوف مع ولد الغزواني ومساعدته، لكن وفق شروط، أبرزها النظر في المواضيع التي قدمتها له خلال لقائنا أول أمس».
وبخصوص موضوع الحوار السياسي، أكد ولد الداه أن «الرئيس ولد الغزواني أكد له أن تجارب الحوار السياسي الماضية لم تثمر، وأنه غير مقتنع بحوار سياسي في الفترة الحالية، لكن يمكن تنظيم منتديات عامة لنقاش كل القضايا المطروحة؛ «من أجل إيجاد توافق بين النخب السياسية بما يخدم مصلحة البلد».
وعبر كبار الكتاب والمدونين الموريتانيين عن كامل ارتياحهم لما سموه «كسر القطيعة بين النظام والمعارضة»، وهو ما أكده الكاتب القطب سيداتي في مقال أكد فيه أمس أن «النظام السياسي السابق لم يخل من هنات واختلالات، حيث بلغ انهيار الثقة بين القوى السياسية في الموالاة والمعارضة مداه، وأصبحت البلاد تعيش على حالة احتقان أو احتقار متبادل بين السلطة ممثلة في الحكومة ورئاسة الجمهورية، وقوى المعارضة ممثلة في أحزابها وشخصياتها الرئيسة وشبابها ومنتخبيها».
وقال متحدثاً عما استحدثه الرئيس الجديد من تواصل مع المعارضة: «كانت أولى خطوات المعالجة هي التصريح من خلال الأفعال الصريحة في وضح النهار أن عهد القطيعة قد ولى، ليس مما يلزم من هذا التصرف أن هناك إشراكاً في السلطة، أو تحويل القرار لقوى المعارضة، وإنما هو إعلام بأن عهد عدم الثقة وجدران القطيعة قد انتهى، وأن النظام السياسي جاد في رسم مشهد جديد لا يعني استيعاب كل القوى السياسية في جهاز السلطة، وإنما يعني أن الدولة مختلفة عن السلطة، وأن الدولة الموريتانية تسمع من الجميع وتخاطب الجميع، فيما يمارس السلطة من انتخب لذلك، ويمارس المعارض مهمته التي انتخبه الناس لها».
«القدس العربي»