حث كتاب موريتانيون بارزون الجمعة الرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني على الإسراع باستكمال إبعاد سلفه محمد ولد عبد العزيز عن التأثير في الساحة السياسية الموريتانية وعلى العمل من أجل طي سريع لصفحة سلفه.
وجاء هذا الحث تاليا لمقابلة صحافية أجراها الرئيس الأسبق مع صحيفة “تقدمي” الإلكترونية الموريتانية، ووجه فيها انتقادات لنظام الرئيس غزواني، وأكد فيها ثراءه وأبعد عن نفسه في هذه المقابلة، تهم الفساد وتهم نهب المال العام التي لاحقته خلال سنوات حكمه، وما تزال تلاحقه إلى اليوم.
وتحت عنوان “نظام السلاحف”، خصص الإعلامي المعارض الشرس للرئيس السابق حنفي دهاه صحيفة “تقدمي” المقالة الافتتاحية لحث الرئيس غزواني على حسم الأمور، مضيفا تأكيده بأن “الرئيس محمد ولد الغزواني ووزيره الأول أشبه بمن يطارد قطارا بدراجة هوائية، فمن يطمح لأن يرأَبَ ما أثأته اثنتان وأربعون حولاً لا يمكنه أن يكون بهذا الضعف والخنوع”.
“يقولون إن ولد الغزواني رجل شديد الحيطة والحذر، تضيف الصحيفة، لا يُقدِم في مواطن الإحجام، ولا يتخذ خطوة لم يقلّبها على وجوهها ويفتل مَرِيرتها بسحيل ومبرم، قد يكون الرجل حازماً.. وقد يكون حليماً، ذا أناة وتؤدة.. معقول؛ غير أنه لا ينفع في ممارسة السلطة كل اللين ولا كل الشدة”.
وتابعت الصحيفة حثها للرئيس مضيفة “المشكلة أن ولد الغزواني الواجم أمام الصعاب لم يستعن بجريء في اقتحامها، فوزيره الأول لا يختلف عنه في بطئه وتوانيه، فهو إسناد ضعيف على ضعيف، واقتداء كفيف بكفيف”.
وتساءلت “لماذا كل هذا التباطؤ في كفّ ضرر الرئيس السابق الذي لا يفتأ يتحدى الدولة ويتطاول على رئيسها، ويهدّد تلويحاً وتصريحاً بأن يشرط الحَلَمَة؛ لقد بدأت العامة تشك في أن لولد عبد العزيز ما يأخذه على ولد الغزواني، وأن الرئيس الحالي إنما يقدم رجلا ويؤخر أخرى، خوفاً من أن يهدّ المتهور أركان المعبد عليه وعلى أعدائه”.
وزادت “إن الضرب على يد ولد عبد العزيز أسهل من فقس بيضة بحذاء رياضي، ولكنه كلما تأخر الوقت كلما كان الإجهاز عليه أصعب، إذ سيمنح وقتاً لترتيب أوراقه، فيخفي مسروقاته، ويخطط على نار هادئة لقلب نظام الحكم، فالرئيس السابق لن يستسلم للأمر الواقع بسهولة، وكل الاحتمالات التي تمنحها إياه ثروته الطائلة مطروحة، وليس كبيراً على الرئيس السابق ولد عبد العزيز ما مُكّنَ من تحقيقه سائق التاكسي السابق”.
وأضافت “إن الرجل شهير باستداراته السريعة الماكرة، لا تؤمن بوائقه، ولا تسدّ طرائقه.. فهل سيظلون متسمرين، على رؤوسهم الطير، إلى أن تعاجلهم منه قاصمة ظهر.؟! فالمؤكد أن ولد عبد العزيز يتكلم غير هيّاب لخلفه، ممعنا في ازدرائه والاستخفاف به.. فعلى أي عصا إذن يتوكأ في ذلك؟!؛ ولماذا أيضا كل هذا الانتظار للسماح بعودة ولد بوعماتو وولد الشافعي، اللذين ظلما فاستهدفا في كرامتهما وسمعتهما ومصالحهما، وشُردا ونُفيا من وطنهما؟، لماذا كل هذا التباطؤ في إنصاف المظلوم ؟.. والواقع أن التأخر رفةَ جفن عن رفع المظلمة عند القدرة عليها جريمة لا تغتفر في كل الشرائع والقوانين السماوية والأرضية”.
وتابعت الصحيفة مقالتها “يحتاج ولد الغزواني لأن يكون بمضاء الصمصامة الذكر، حتى يقطع في أمور لا تقبل الانتظار، فالرئيس السابق يتربص به الدوائر، والرئاسة والوزارة الأولى حبلى بمستشارين ومكلفين بمهام ضرهم أكثر من نفعهم، والوزارات الجديدة التي يوّقع عنها أمناء عامون من وزارات أخرى تجاوز قانوني، والدولة عاجزة عن معاقبة من ثبت فسادهم في تقارير محكمة الحسابات؛ فالغريب أن يثبت فسادهم بموجب تقارير رسمية ثم لا يعاقبون، بل أكثر من ذلك يبقون في مناصبهم، لا ينغص لهم عيش ولا يوقظ منهم نائم.. إنها خاصية غزوانية”، حسب تعبير الصحيفة.
وخلصت الصحيفة للقول “بأنه حين تحكمك السلاحف فلا تطمح للمشاركة في مارتون التنمية والازدهار، وحين تمتطي ظهر طائر الكاي فلا تسابق الشاهين، وحين تكون مطيتك قُراداً فلا تفرَّ من فهود الشيتا، وهكذا نحن، مع الأسف، دولة تسوسها السلاحف”.
وكتب الدكتور موسى ولد ابنو أبرز كتاب الرواية في موريتانيا “أطلع وزير المالية الحالي، محمد الأمين ولد الذهبي، المدير العام للخزينة والمحاسبة العامة بوزارة الاقتصاد والمالية سابقا، أبلغ الرئيس محمد ولد الغزواني بأن محمد ولد عبد العزيز سحب من الخزينة العامة، خلال الأيام الأخيرة من حكمه، ثلاثة شيكات تبلغ قيمتها أربع مليارات ونصف المليار أوقية؛ هكذا توج رئيس الفساد عزيز عشريته المشؤومة من النهب المنظم لموريتانيا”.
وأضاف “إن عزيز، مستبد الأمة الأعظم، أمضى كل وقته في بناء ثروته الشخصية بدل الاهتمام بالمصلحة العامة؛ ورغم كل ما بذله من وعود، فإنه كرس حكمه لبناء ثروته الشخصية وتمكن من وضع يديه على الاقتصاد الموريتاني، بدء باستغلال المصادر الطبيعية، مرورا بالمصارف وانتهاء بالصيد ومشاريع البنى التحتية”.
وأضاف الدكتور موسى أبنو “يقول الكواكبي إن تراكم الثروات المفرطة، مولد للاستبداد، ومضر بأخلاق الأفراد، وأن الاستبداد أصل لكل فساد، والشورى الدستورية هي دواؤه.”
وقال “وضع الكواكبي ثلاث قواعد لرفع الاستبداد، هي الأمة التي لا يشعر كلها أو أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية، والاستبداد لا يقاوم بالشدة إنما يقاوم باللين والتدرج، ويجب قبل مقاومة الاستبداد، تهيئة ماذا يستبدل به الاستبداد”.
وتساءل الكاتب قائلا “هل كان الكواكبي يتحدث عن العالم العربي في نهايات القرن التاسع عشر؟ أم عنا بعد تولي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الحكم؟؛ لقد أصبح عزيز فردا عاجزا، لا حول له ولا قوة، فأعوانه، أعداء العدل وأنصار الجور، تخلوا عنه”.
“القدس العربي”