أكدت صحيفة “موندافريك” الفرنسية المهتمة بالشأن الإفريقي أن “العلاقات بين موريتانيا وجبهة بوليساريو لم تعد اليوم في عهد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على ما كانت عليه من حميمية وتفاعل أثناء حكم سلفه محمد ولد عبد العزيز”.
وأوضحت الصحيفة في تحليل سياسي على خطها الآني أن “جبهة البوليساريو المحمية من الجزائر ليست مرتاحة لمغادرة محمد ولد عبد العزيز، حليفها القوي خلال الفترة من 2008 إلى 2019، للحكم”.
وفي سرد لعلامات التغير في العلاقات الموريتانية الصحراوية، ذكرت الصحيفة “إرسال موريتانيا لوفد من مستوى منخفض للمؤتمر الخامس عشر لجبهة بوليساريو الذي عقد من 19 حتى 23 ديسمبر المنصرم”، مذكرة بأن “التنافس التاريخي الشديد بين المغرب والجزائر أبرز قوتين اقتصاديتين وسياسيتين في المنطقة المغاربية ظل يؤثر على علاقات كل منهما بموريتانيا”.
وأوضحت أن “علاقات موريتانيا بجبهة بوليساريو ظلت دائما المقياس الذي تقاس به الخيارات الديبلوماسية الموريتانية تجاه المغرب والجزائر، فكلما توطدت العلاقات الموريتانية الصحراوية كلما كانت علاقات موريتانيا بالمغرب متوترة ومع الجزائر في غاية الجودة”، حسب تحليلات الصحيفة.
وأعادت الصحيفة للأذهان أن “علاقات موريتانيا بجبهة بوليساريو كانت قوية خلال حكم ولد عبد العزيز الذي دعا الرئيس الصحراوي للقمة الإفريقية الـ31 التي استضافتها موريتانيا عام 2018، وأعطى الجمهورية الصحراوية موقعا مشرفا في هذه القمة بتحفيز من إسماعيل الشرقي الديبلوماسي الجزائري النشط الذي يرأس لجنة السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي”.
واعتبرت الصحيفة أن “مغادرة ولد عبد العزيز للسلطة في موريتانيا مثل ضربة قوية للبوليساريو ولأمينها العام إبراهيم غالي الذي ربط علاقات شخصية قوية مع الرئيس الموريتاني السابق، بينما شكل وصول الرئيس الغزواني للسلطة خيبة أمل لدى القيادة الصحراوية التي لم ترتح لعدم العناية التي قوبل بها وفدها خلال حفل تنصيب الرئيس الموريتاني المنتخب”.
الجبهة غير مرتاحة لمغادرة حليفها ولد عبد العزيز للحكم
وتوقفت الصحيفة عند علامات أخرى لبرودة العلاقات الموريتانية مع الصحراويين وهي “إغفال الرئيس الغزواني في خطابه أمام الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة ذكر النزاع الصحراوي رغم أنه تطرق لجميع بؤر التوتر التي تشهدها القارة الإفريقية”.
“وإذا كان مؤتمر جبهة بوليساريو الأخير قد شهد حضور عدد من النواب الموريتانيين، فإن موريتانيا الرسمية قد مثلت في هذا المؤتمر بشخص سيدي ولد الزين وهو وزير عدل سابق في نظام الرئيس السابق، وهو أمر لم يرتح له الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي”، حسب الصحيفة.
ويشكل جوار موريتانيا للصحراء الغربية ثقلا سياسيا وديبلوماسيا وعسكريا عليها، كما أنه يشكل عامل توتر دائما مع جاريها الآخرين الكبيرين الجزائر والمملكة المغربية.
وتعترف موريتانيا رسمياً، منذ عام 1984، بالجمهورية الصحراوية وهو الاعتراف الذي جاء بعد خمس سنوات من توقيعها اتفاق سلام مع جبهة بوليساريو ينهي حالة القتال بينهما وتنسحب بموجبه موريتانيا من جزء كانت تسيطر عليه في الصحراء الغربية.
غير أن هذا الاعتراف الرسمي لم يتطوّر إلى سفارة أو تمثيلية ديبلوماسية قارة للبوليساريو في موريتانيا، فقد شهدت علاقات الطرفين الكثير من المد والجزر وصلت حتى انقطاعها في فترات معيّنة، حسب الظروف الدولية وتغيّر أنظمة الحكم في موريتانيا، وكذا حسب مؤشر العلاقات مع الجزائر أو المغرب، لكن موريتانيا مع ذلك أبقت على شعرة معاوية مع جبهة بوليساريو، وهي الشعرة التي تطول أحيانًا، وتقصر أحيانًا أخرى.