لم تضع الحرب أوزارها بعد بين الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز وخلفه الرئيس محمد الشيخ الغزواني، فما يزال غبار معركة التداول رغم مضي أكثر من ستة أشهر على بدايته، مرئياً على أكثر من صعيد، وإن كانت طرق ووسائل هذه الحرب متنوعة.
فبينما يخوض الرئيس الغزواني هذه الحرب بصمت وهدوء، فضل الرئيس السابق، حسب تأكيدات متابعين له، خوض هذه عبر وسائل التواصل بتجنيد مدونين ينافحون عنه، وباستخدام قدرات منتجين ومخرجين لمقاطع فيديو تتضمن قصفاً لنظام خلفه الرئيس الغزواني ولكبار معاونيه.
وأوقفت السلطات الأمنية المدون علي ولد عبد العزيز، منتج فيديوهات «نهج»، بعد نشره لهذه السلسلة المنتقدة لعدد من أعوان الرئيس الغزواني، حيث أدرجت الداخلية الموريتانية توقيفه ضمن «استخدامه لنظام معلوماتي لإنتاج ونشر تسجيلات تتضمن شتم النسب والتحريض على العنصرية والكراهية»، والقيام بأعمال يجرمها قانون الجريمة السبرانية.
ونظم أنصار المدون ولد عبد العزيز، بتدبير من الرئيس السابق، حسب مصدر أمني، وقفات احتجاج أمام الرئاسة مطالبين بإطلاق سراحه، مع رفع شعارات تتهم الحكومة بالمس من حرية التعبير.
وأوقف ضباط أمن الدولة، الأربعاء، ضمن هذه الحرب، المصور والمخرج التلفزيوني عبده ولد تاج الدين، على أساس ما أكدت وكالة «الأخبار» المستقلة، أن له «علاقة تربط تاج الدين بمقاطع الفيديو التي تم تداولها على نطاق واسع خلال الأيام الأخيرة، وحملت هجوماً على الرئيس محمد ولد الغزواني ومقربين منه». ورصدت أسبوعية «جون أفريك» الصادرة بالفرنسية والمهتمة بالشأن الإفريقي، أبرز معالم الحرب الدائرة بين أنصار الرئيسين، حيث نقلت عن النقيب علي اكرمبلي، وهو صديق طفولة للرئيس السابق، قوله: «إن طبيعة الرئيس السابق هي خوض الصراعات، فإن لم يكن له عدو تحول ليظهر نفسه كضحية، وهو ما قام به خلال مؤتمره الصحافي الأخير، حيث تحدث عن الصعوبات التي واجهها في تنظيم لقائه مع الصحافة. وأكد أحد المعاونين السابقين للرئيس السابق «أن على الرئيس السابق أن يفهم بأنه يواجه رجلاً صامتاً وهادئاً، لكنه في غاية الخطورة».
وتؤكد المعلومات من أوساط مقربة من الرئيسين الغزواني وعزيز «أن الرجلين لم يوقعا اتفاقاً محدداً قبل انتخابات يونيو 2019 الرئاسية، وإنما اتفقا بشكل غير مفصل على تقاسم السلطة خلال مرحلة ما بعد التداول على الحكم».
وتؤكد «جون أفريك»، نقلاً مصادرها، أن «الرئيس الغزواني كان مستعداً لمنح صديقه ولد عبد العزيز بعض الامتيازات، لكن لم يرد على خاطره ألا يكون هو نفسه رئيس أغلبيته الخاصة به؛ وفي المقابل، حسب المصادر نفسها ، فإن ولد عبد العزيز كان مقتنعاً، اعتماداً على تحليلاته وتصوراته، أن الباب مفتوح أمامه ليكون المرجعية السياسية الوحيدة للحزب الحاكم، حزب الاتحاد من أجل الجمهورية». ومما يجمع عليه مراقبو الشأن الموريتاني «أن ولد عبد العزيز لم يكن يدرك الاهتمام الكبير الذي يوليه ولد الغزواني لليمين الدستورية التي أقسم بها عندما تسلم الحكم». ويقول مقرب من الرئيس الغزواني: «إن الرئيس الغزواني عكساً لسلفه ولد عبد العزيز، خصص السنوات الماضية التي اشتغل خلالها مع الرئيس السابق، لدراسة شخصية الرئيس السابق ومعرفة نزعاته ومكامن ضعفه، وهو الأمر الذي سيساعده على الحرب التي فرض عليه سلفه خوضها».
ويؤكد مقربون من الرئيس السابق «أنه لن ينهزم ولن يتراجع، حيث تابع دروساً في اللغة الإنجليزية وأعد لتأسيس حزب سياسي، وهو على أبواب شد الأحزمة لمعركة سياسية طويلة تتطلب الكثير والكثير من الصبر».
«القدس العربي»