عمّ ارتياح عام الأوساط الشعبية والسياسية المعارضة للنظام السابق بعد أن أقرت اللجنة الاقتصادية في البرلمان الموريتاني تشكيل لجنة للتحقيق في تسيير نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لعدد من الملفات والصفقات الحساسة.
ومن بين هذه الملفات التي لف تسييرها غموض كبير، صندوق العائدات النفطية، وعقارات الدولة التي تم بيعها في العاصمة نواكشوط، ونشاطات شركة “بولي هونغ دونغ” الصينية المتخصصة في صيد الأعماق، وتسيير الهيئة الخيرية للشركة الوطنية للمناجم، وصفقة الإنارة العامة بالطاقة الشمسية، وصفقة تشغيل رصيف الحاويات بميناء نواكشوط المستقل، وظروف تصفية الشركة الوطنية للإيراد والتصدير.
وأحال مؤتمر الرؤساء في البرلمان الموريتاني يوم الاثنين، مقترح تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية في العشرية الأخيرة التي حكمها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، إلى اللجنة الاقتصادية التي سترسل التوصيات الخاصة بتشكيل لجنة برلمانية إلى نظر الجلسة العلنية المقررة الأربعاء.
ومن المفترض أن يعلن رئيس البرلمان عن وصول مقترح بتشكيل اللجنة البرلمانية للتحقيق في عشرية حكم ولد عبد العزيز، وهي لجنة مشكلة من سبعة نواب فما فوق، وإذا مضت 24 ساعة بعد الإعلان عنها دون اعتراض أي فريق برلماني عليها، فإن تشكيلها يصبح أمرا ساريا، ويمكنها طبقا للنظام الداخلي للجمعية الوطنية، أن تمارس عملها.
وفي حالة اعتراض أي كتلة برلمانية على تشكيلها في ظرف أقل من 24 ساعة، فسيجري عرض تشكيلة اللجنة على التصويت العلني، وسيرفض المقترح في حالة تصويت الثلثين ضده.
ونفى الرئيس الموريتاني السابق تهم الفساد الموجهة إليه من معارضيه، مرات عدة، آخرها خلال مؤتمره الصحافي الأخير، الذي أكد فيه “استعداده للتحقيق في فترة حكمه”، مع توجيهه تهديدا مبطنا بأن “التحقيق معه لن ينجو منه أحد”.
ووقّع طلب تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية منتصف ديسمبر الماضي، أربعة وعشرون نائبا جميعهم من المعارضة، باستثناء النائبين الدان ولد عثمان ومحمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل المنتميين للموالاة.
وأكد النائب المعارض محمد الأمين ولد سيدي مولود في تصريحات لـ”القدس العربي” الأربعاء “أنه ليس متأكدا من قيام اللجنة المؤلفة في غالبها من أنصار الرئيس السابق (الذين تفرقوا عنه)، بتحقيق جدي حال عدم رفض الطلب الخاص بإقرار تشكيل لجنة التحقيق وبخاصة أن اللجنة إن شكلت من تسعة نواب مثلا فسيكون خمسة منهم من الحزب الحاكم، واثنان من أحزاب الأغلبية الأخرى واثنان فقط من المعارضة، أي أن هذه اللجنة توجد في يد الأغلبية حالها حال كل البلد، وتلك معركة وعي صعبة وطويلة الأمد”.
وقال: “لقد واجهت الجمعية الوطنية والأغلبية المحكوم بها طلبَ التحقيق الذي تقدمنا به بمخالفة القانون في حقه، فماطلوا حتى آخر أسبوع في الدورة رغم أن الطلب أودع يوم 12/12/2019”.
وأضاف: “سيحال الطلب إلى الجلسة العلنية للإعلان عنه وانتظار أي طعن من اي فريق، وطبعا هناك فريق واحد من المحتمل طعنه في تشكيل اللجنة وهو فريق حزب الاتحاد الحاكم؛ لأن بقية الفرق ممثلة داخل قائمة موقّعي طلب تشكيل اللجنة، فإذا لم يُقدم أي طعن يعتبر الطلب مقبولا”.
وأشار سيدي مولود “إلى أن قبول الطلب يعني البدء في تشكيل اللجنة ولكنه إجراء قد يطول ما دامت الإرادة العامة هي المماطلة والتجاهل، ولذلك قد لا تشكل اللجنة إلا في الدورة المقبلة أي بعد شهرين، وقد يطول العهد قبل بدء عملها، وبحكم هيمنة الأغلبية المحكوم بها على اللجنة فإنها ستكون مجرد أداة في يدها”، حسب تعبيره.
وقال: “تشكيل اللجنة إن حصل رغم كل هذه المماطلة ومخالفة القانون، فسيكون جهدا إضافيا ولو توعويا على غرار نشر تقارير محكمة الحسابات التي كشفت عن خروقات كبيرة، رغم أن ذلك لم يترتب عليه أي ردع مع الأسف، بل نُطالع كل يوم بتعيينات وترقيات في صفوف أصحاب السوابق والشبه المالية، لذلك يجب ألا نتفاءل كثيرا حتى يثبت العكس”.
هذا وينشغل الرأي العام الموريتاني وبخاصة المدونين ورجال السياسة والمحامين بتشكيل لجنة التحقيق مع الرئيس السابق الذي ما زال يواجه هذه التحركات المضادة له بصمت كامل.
عبد الله مولود “القدس العربي”