أمام افتقاد علاج واقٍ وشافٍ من فيروس كورونا، اضطر كثيرون من الموريتانيين للعودة إلى صيدلية الجدّات بما تحويه من تجارب وأعشاب وخلطات قادرة على تدمير أي مرض بحسب اعتقادهم.
وقد أعاد هذا الفيروس الكثيرين للأدعية المأثورة التي يتداولها الناس عبر “واتساب” وينشرونها تقربا إلى الله على صفحاتهم في فيسبوك وتويتر.
لا يشكل فيروس “كوفيد 19″ أي خطر لدى من يعتقدون في المحتوى الموروث لصيدلية الجدة، ففي هذه الصيدليات تجارب عجيبة: هذا مرق مصنوع من الدجاج مع قليل من الفلفل وحبات من القرظ تقرأ عليه آيات الشفاء فيملأ الخياشيم بمادة تقتل أخطر فيروس ولو كان كوفيد 19، بقرونه اللاصقة وتكاثره المريع”.
وفيما يتفاعل كل ذلك، واصل الشيخ الروحاني الموريتاني “يحظيه ولد داهي” عرض خدماته الأكيدة على وزارة الصحة الموريتانية وعلى منظمة الصحة العالمية من أجل معالجة المصابين بالفيروس، بل وتحصين المجتمع البشري من خطره.
آخر ما دونه الشيخ الروحاني في هذا الصدد، كان سلسلة ومضات غريبة منها “فيروس كورونا جند من جنود الله يرسله على من تجبر وعصاه انتقاما، وعلاجه الوحيد كلام الله، والفيروسات أغلبها من الجن”.
ومن هذه التدوينات أيضا: “بشرى للجميع؛ حسب دراستنا المعمقة، فالوضوء خمس مرات يوميا يخفض حرارة الكورو(نا)هم”.
وسبق للشيخ الروحاني المثير للجدل، أن أعلن أن “كورونا تعالج بالرقية الشرعية عند أحباب الرسول في تنسويلم (حي يقع شرق العاصمة نواكشوط) ولا داعي للقلق ومستعدون للذهاب للصين”.
وحول طبيعة العلاج الذي تضمنته التدوينة، قال الشيخ يحظيه ولد داهي: “نعم نعالجه بإذن الله تعالى بالقرآن الكريم وعشبة أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنها تعالج عدة أمراض مستعصية”.
وفي سياق هذا الجدل، يقول المدون البارز محمد محفوظ ولد أحمد، المهتم بالوقاية من فيروس كوفيد 19: “الرقية الشرعية، والتداوي بالقرآن، عناوين لمقامات ربانية سامية خيرية، باتت موضع استغلال بشع ودجل خطيرين على الدين والدنيا”.
وأضاف: “اليوم مع هلع الناس من وباء كورونا العالمي، يزدهر موسم هؤلاء المدعين المشعوذين، وتعمل قناة ترويج الشعوذة، وهي تلفزيون محلي، بكل طاقتها لترويج هذه الدعاوى الاحتيالية بدون رقيب ولا حسيب”.
وزاد: “لقد بلغت هذه الممارسات من الانتشار والتحدي والتبجح حداً لا يطاق، ويبدو أن لها روافد اجنبية كثيرة، بعضها مستمد من بلاد السلفية والانكار، وقد باتت صناعة عابرة للحدود”.
وأضاف المدون ولد أحمد: “بذلك يتضح أنها تختلف كلية عن ممارسات الحجاب وقلع النظرة، التي كانت معروفة في مجتمعنا على نحو فردي محتشم وأحيانا خفي ،لا يحركه الجشع ولا يتمسح بالمقدسات الدينية لاستغلالها بهذا الحجم المكثف الخبيث”.
وأمام هجمة الفيروس، رخصت الهيئات الدينية في عدم حضور المسلمين لصلاة الجماعة رغم أنها سنة مؤكدة يتزاحم الجميع على صفوفها الأمامية، فقد أصدر اتحاد أئمة موريتانيا بيانا أكد أنه “يَحْرُمُ شرعا على كل من أصيب بمرض كوفيد- 19 أو يشتبه بإصابته به؛ الوجود في الأماكن العامة، أو الذهاب إلى المسجد لحضور صلاة الجماعة، ويجب عليه الأخذ بجميع الاحتياطات اللازمة بدخوله في الحجر الصحي، والتزامه بالعلاج الذي تقرره الجهات الصحية في الدولة”.
عبد الله مولود
نواكشوط- “القدس العربي”