هناك ثلاثة تفسيرات -في نظري المتواضع- يمكن أن نفسر بكل واحد منها، أو بها مجتمعة، أسباب الظهور المتتالي والمفاجئ لحالات الإصابة المؤكدة بفيروس #كورونا في بلادنا بشكل سريع ومخيف؛ بحيث تضاعف العدد المعلن عنه رسمياً ثلاث مرات -إلى حد الساعة- خلال أقل من ثمانٍ وأربعين ساعة، بعدما ظننا -واهمين للأسف-أن بلادنا خالية من الفيروس؛
1. الخارجون من الحجر الصحي:
كلنا نتذكر أن الدفعتين الأولى والثانية من المحجور عليهم صحياً، قد أُعلن عن تسريحهم بدون إجراء أي فحوص لكشف إمكانية إصابتهم من عدمها، وبعضهم خرج بعد قضاء أسبوعين فقط في الحجر الصحي، رغم أن الدراسات أثبتت لاحقاً أن فترة احتضان الجسم للفيروس -قبل ظهور الأعراض- يمكن أن تصل إلى ثلاثة أسابيع!
ولا يغيب عنا هنا استحضار أن نسبة 85% من المصابين بالفيروس يمكن أن لا تظهر عليهم أية أعراض أصلاً، رغم أنه بإمكانهم نقل العدوى لغيرهم فتظهر عليه الأعراض، فهم إذن في هذه الحالة وسيلة نقل للفيروس من غير أن يتأثروا به!
فمن يضمن إذن أن عدداً من أولئك الخارجين في البداية من الحجر الصحي، قبل تنفيذ قرار فحص جميع المحجور عليهم، لم ينقلوا العدوى لغيرهم فنقلها بدوره لغيره.. وهكذا استمر الانتشار سراً، وبعيداً عن أعيينا، وعن إعلامنا، وعن الفحوص، حتى انكشف الأمر أخيراً فظهر بعض الحقيقة، ولم تظهر كلها بعدُ!؟
2. المتسللون!
صحيح أن الحدود قد أغلقت رسمياً، وصحيح أن الطريق مغلقة بين الولايات، ولكن مع ذلك ظل المتسللون ينتهكون حرمة منع التنقل، فمنهم من دخل البلاد في عتمة الليل، أو في وضح النهار بالتعاون مع جهة ما، وقد يكون من بين المتسللين من حمل معه الفيروس إلى هذا الشعب المسكين فأشعل ناره في صفوفه!
ونُلحق بهذا التفسير سائقي الشاحنات القادمين من دول الجوار مثل المغرب ومالي؛ حيث يمكن لبعضهم أن يأتي معه بالفيروس يحمله على ظهره، أو يأتي به في جسم متسلل معه، على شكل مساعد سائق بريء!
ونُلحق بهذا الأمر أيضاً المتسللين بين الولايات، الذين يمكن لهم أن ينقلوا الفيروس بدورهم ويساهموا في تفشيه، في حالة تعرضهم له في مناطق حدودية، وقد دخل نواكشوط كثير من المتسللين من داخل البلاد بشهادة كثير من الناس!
3. الانتشار القديم ونظرية مناعة القطيع!
في ضوء ما نكتشفه بشكل متلاحق من إصابات، تصعد إلى أذهاننا فرضية انتشار الفيروس عملياً في صفوف المواطنين منذ بداية ظهوره في العالم، ونطرح احتمالاً وارداً في هذه الحالة أن سبب عدم اكتشافنا له يعود ببساطة شديدة إلى عدم إجراء فحوصه للناس، أمَا وقد تم تكثيف إجراء الفحوص الآن فقد تبيّن أن الفيروس يعيش بيننا ومعنا منذ أمد بعيد!
وهنا يمكن أن يكون دخول الفيروس إلى بلادنا قد تم مع بداية انتشاره في الصين، عن طريق تجارنا الأبرار الذين يجلبون لنا البضاعة الرديئة من الصين، ويجلبون منها الفيروسات أحياناً، ومنها فيروس كورونا، فيكون الفيروس قد وصلنا أولاً، وربما قبل غيرنا، فصال وجال وعبث، وقتل من قتل، وشُفي منه من شُفي، ونحن لا نعلم عنه شيئاً كما لا نعلم شيئاً عن كثير من الأشياء التي تقتلنا!
ويدعم هذه الفرضية ظهور موجات حمى وسعال وزكام شديدة خلال الأشهر الماضية، وخاصة في الفترة ما قبل انتشار الفيروس رسمياً في معظم دول العالم!
وإذا كان هذا الاحتمال الأخير قد حدث بالفعل، فإن نظرية "مناعة القطيع" ربما تكون قد تجسدت بالفعل في بلادنا، ونحن إنما نعيش الآن مرحلة إصابة من لم يصب يومها فقط!
وعموماً، ومهما كان سبب هذه الموجة الأخيرة من المرض، فإن التزامنا بتتبع أقصى درجات الوقاية يظل ضرورياً، كما أن تكثيف وتيرة الفحوص، وتتبع المخالطين للمصابين وفحصهم، وحماية المسنين والأطفال، ودعم ومؤازرة الطواقم الطبية العاملة في الميدان، تظل إجراءات ضرورية وملحة، على الجميع أن يقوم بدوره فيها، كل من موقعه، مواطنين وحكومة.
حفظ الله الجميع.