أغلقت وزارة الصحة في موريتانيا نهاية الأسبوع الماضي ثلاث شركات لتوزيع الأدوية في البلاد، وهي "الأمل فارما"، و"أورجين فارما"، و "الميناء فارما"، وذلك بعد وجود أدوية مزورة تعود لها.
وقالت مصادر الأخبار إن أحد العاملين في المجال الصحي تقدم لوزير الصحة بعدد من الأدوية المزورة التي اشتراها من صيدليات في انواكشوط، وبينها مضادات حيوية تم استيرادها عن طريق شركات توزيع خاصة رغم أن القانون يحتكر للمركزية لشراء الأدوية "كاميك" استيرادها.
وقد اتخذت وزارة الصحة قرارا بإغلاق كل الصيدليات التي تم شراء الأدوية المزورة منها، وكذا شركات التوزيع التي كانت مصدرا لهذا الأدوية، وذلك اعتمادا على كشوف بيع هذه الصيدليات.
وتعود ملكية شركة "أمل فارما" لعدة شركاء من أبرزهم النائب البرلماني عن مدينة أكجوجت والقيادي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا محمد الإمام ولد ابنه.
فيما تعود ملكية "أورجين فارما"، لرجل الأعمال الدهاه ولد إسلم، أما "الميناء فارما" فتعود ملكيتها لرجل الأعمال مولود ولد اماه.
وكانت صحيفة الأخبار إنفو قد كشفت في سلسلة تحقيقات أعدتها عن "تجارة الموت" في موريتانيا أكدت فيها - اعتمادا على تقارير عديدة – أن موريتانيا أضحت مصدر توزيع للأدوية المزورة في غرب إفريقيا، مشيرة إلى أن عشرات الأطنان تصل السوق الموريتانية كل عام، ويتم توزيعا داخل البلاد وفي دول غرب إفريقيا، مقدما في تقرير نشره على موقعه الإلكتروني يوم 15 مايو 2014 أرقاما عن التزايد الكبير في أعداد موزعي الأدوية في موريتانيا، مقارنة مع الدول المجاورة لها.
وتحدثت الصحيفة في تحقيقها الذي نشر على ثلاث حلقات عن عشرات الشبكات التي تنشط في تزوير الأدوية، وتتبع الأدوية الأغلى ثمنا والأكثر استخداما من أجل تزويرها، من أدوية ضغط الدم إلى وسائل التخدير مرورا بالمضادات الحيوية بكل أنواعها، ويتم التزوير أحيانا بشكل يجعل التفريق بين المنتج المزور والأصلي مستحيلا دون اللجوء إلى المختبرات.
كما تناولت الصحيفة ما وصفته بـ"جيش الموزعين"، حيث رخصت موريتانيا منذ العام 1981 لـ29 مركز توزيع للأدوية في البلاد، وتوجد فيها – بشكل رسمي – أكثر من 700 صيدلية لكن الموجود فعلا من شركات التوزيع هذه لا يتجاوز 6 إلى 8 وأغلب هذه الشركات لا تتوفر فيها معايير تخزين الدواء، ولا آليات حفظه، إضافة لفوضوية كبيرة في طرق توزيعه وبيعه للمواطن العادي.
وتوقفت مع حالات عدة من تزوير الأدوية من بينها حالة تم تسجيلها في الحالات المستعجلة في أكبر مستشفيات موريتانيا – مركز الاستطباب الوطني – حيث اكتشف الممرضون وجود حيوانات متحركة في قنينة من نوع "برازين PARAZINE" وذلك أثناء حقنها لأحد المرضى، وقد وجدوا أن القنينة مستوردة من طرف شركة "الأمل فارما" المملوكة لنائب مدينة أكجوجت محمد الإمام ولد ابنه، وقد استوردت هذا الدواء لمنافسة الدواء الفرنسي "بيرفلجان Perfalgan".
ومن المفارقات التي يذكرها المتابعون لملف تزوير الأدوية أن إحدى الشبكات العاملة في مجال تزوير الأدوية زورت دواء "فولتارين" (وهو دواء يوصف للروماتيزم وآلام المفاصل) على أنها دواء فرنسي في حين أنها دواء سويسري.
إحدى الشركات العاملة في مجال توزيع الأدوية في البلاد اكتشفت وجود تزوير لدواء Amlor – 5 و Amlor – 10 في انواكشوط، حيث يباع بسعر لا يصل خمس سعره الأصلي، وكانت تستورده عن طريق مركز يسمى Phyzer، وقد تقدمت بشكوى رسمية إليه، وهو ما دفع المركز لإيفاد بعثة تحقيق منه إلى انواكشوط، وعند مقارنة البعثة للمنتجين لم تستطع التمييز بينهما بالعين المجردة، لكن عند إخضاع المنتج المزور للاختبار في أبريطانيا تبين أنه خال من المواد الضرورية في الدواء، ويوصف هذا الدواء لأمراض الضغط..