لم تشغل أرقام إصابات الكوفيد المخيفة لجنة التحقيق التي شكلها البرلمان الموريتاني الشهر الماضي للتدقيق في تسيير نظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لسبعة ملفات غامضة، عن مواصلة استجواباتها التي شملت حتى يوم أمس عدداً كبيراً من أقرباء الرئيس السابق ومعاونيه.
وتحقق اللجنة التي ينظر إليها الرأي العام الموريتاني من منظارين متشائم ومتفائل، في سبعة ملفات هي صندوق العائدات النفطية، وعقارات الدولة التي تم بيعها في نواكشوط، ونشاط شركات الصيد العاملة، وتسيير هيئة شركة المناجم الخيرية، وصفقة الإنارة العامة بالطاقة الشمسية، وصفقة تشغيل رصيف الحاويات بميناء الصداقة المستقل، وتصفية شركتي سونمكس للإيراد والتصدير وصيانة الطرق».
واستمعت اللجنة قبل يومين لرجل الأعمال محمد عبد الله ولد ياها، أحد أقرباء الرئيس السابق وفقاً لما أكدته مصادر مقربة من هذه الشأن.
ومع أن محكمة العدل السامية التي تحاكم الرؤساء وكبار مسؤولي الدولة غير مشكلة حالياً، فإن الكثيرين يتوقعون أن تسفر التحقيقات التي تجريها اللجنة البرلمانية الحالية عن متابعات قضائية في حالة ما إذا توصل المحققون لإثباتات خطيرة ومؤكدة أو لأي خرق للقواعد القانونية المنظمة للصفقات.
وكان النائب المرابط ولد بناهي الناطق الرسمي باسم لجنة التحقيق البرلمانية أكد في آخر تصريحات له «أن الرئيس السابق سيتم استدعاؤه للمثول أمام اللجنة دون تحديد لتاريخ المثول».
وأكد الإعلامي الاستقصائي الموريتاني الحسن لبات في تحليل له عن هذا الملف نقلاً عن مصادره «أن تاريخ استدعاء الرئيس السابق سيكون في الأيام القليلة المقبلة، علماً أن جميع الاستجوابات يجب الانتهاء منها قبل نهاية يونيو / حزيران الجاري»، مبرزاً «أن الرئيس السابق سيكون آخر من سيستمع إليهم، ولن يتم استدعاؤه قبل الانتهاء من الاستماع للجميع وهو ما لم يحدث، حيث ما زالت هناك شخصيات لم يتم استدعاؤها بعد، وستمثل أمام اللجنة قبل الرئيس».وبخصوص مثول الرئيس، أكد الحسن لبات «أن هناك احتمالين، إما أن يحضر ولد عبد العزيز بمحض إرادته، وعليه فسيجلس وحيداً أمام الميكروفون، مقابل جميع أعضاء اللجنة، كي يطرح عليه السؤال المعهود: «هل يمكن أن تعرفنا على نفسك؟»، وهو السؤال نفسه الذي تم طرحه على جميع المسؤولين الذين تم استدعاؤهم، بعضهم عجز عن الإجابة عليه لمدة دقائق قبل أن يتمالك نفسه، وبعضهم اغرورقت عيناه بالدموع والبعض الآخر أجاب وهو يرتجف ويتصبب عرقاً من شدة الخوف».وأضاف: «وإما أن يرفض الرئيس السابق الحضور، ويترتب على ذلك إما إحضاره بالقوة وهو ما لا يزال بعض أعضاء اللجنة يرفضه، حيث يرون أنه لا يجوز تصفيد رئيس سابق بالأغلال وإحضاره رغم أنفه وإذلاله داخل مباني البرلمان».
«وفي حالة ما إذا قررت اللجنة عدم إحضاره بالقوة العمومية، يضيف الصحافي المحقق، فستتم إحالة الاستدعاء إلى محكمة العدل السامية، مع تقرير يوضح رفضه للحضور، لتتم إضافة هذا الرفض إلى «جرائمه» السابقة».وتتألف محكمة العدل في تشكيلتها السابقة قبل إلغاء مجلس الشيوخ من تسعة أعضاء، خمسة من الجمعية الوطنية وأربعة من الشيوخ، وبعد إلغاء الغرفة العليا من البرلمان فإن تشكيل هذه المحكمة يتطلب إصدار مرسوم جديد يوضح أن جميع الأعضاء سيتم اختيارهم من بين النواب.ويجمع مراقبو هذا الملف على أنه لا مناص من تشكيل هذه المحكمة، بغض النظر عن استدعاء ومثول الرئيس السابق أمام لجنة التحقيق البرلمانية الذي ينتظره الرأي العام على أحر من الجمر.
ومع أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قد أبعد عن السلطة وعن الحزب الحاكم، فإن ملف تسييره السابق للبلد لم يطو لحد الآن، حيث تتواصل المطالبات بإجراء تحقيقات مالية في فتره حكمه لموريتانيا التي استمرت ما بين 2009 و2019 والتي يرى خصومه أنها فترة طبعها الفساد ونهب الممتلكات العامة.
ونفى الرئيس الموريتاني السابق تهم الفساد الموجهة إليه من معارضيه، مرات عدة، آخرها خلال مؤتمره الصحافي الأخير، الذي أكد فيه «استعداده للتحقيق في فترة حكمه»، مع توجيهه تهديداً مبطناً بأن «التحقيق معه لن ينجو منه أحد».
نواكشوط – «القدس العربي»