لم يهدأ لحد يوم أمس جدل ساخن متواصل منذ أيام حول لقاء جمع القيادي الإسلامي محمد جميل منصور الرئيس السابق لحزب تجمع الإصلاح والتنمية المحسوب على جماعة الإخوان، مع الرئيس محمد الشيخ الغزواني واستعرضت خلاله ملفات عديدة.
وأكد حزب التجمع الوطني للإصلاح أنه غير معنيّ بما دار خلال اللقاء الذي جمع رئيسه السابق محمد جميل منصور مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، كون الأستاذ محمد جميل لم يستشر قيادة الحزب التي علمت بالخبر من وسائل الإعلام، ولذا فإن الحزب غير معنيّ بما دار في اللقاء.
وبالنظر إلى ما أثار اللقاء من نقاشات على وسائط التواصل الاجتماعي، يضيف الحزب في بيان حول اللقاء المثير، وحرصاً على رفع أي لبس عن مواقف الحزب، وتعزيزاً لخيار المؤسسية الراسخ الذي يمثل أحد أهم ميزات المشروع التواصلي، يهمنا أن نوضح للرأي العام الحزبي والوطني أن حزب «تواصل»حزب يتبنى الحوار والشراكة، وهو ما عبر عنه بانتظام وسعى إليه باستمرار، ومن أجله يقوم بالتنسيق مع القوى السياسية المعارضة.
وأضاف: «يمثل حزب «تواصل» في اتصالاته السياسية وتصريحاته الإعلامية من ينتدبهم لذلك من قياداته».
ورداً على الحزب، كتب ولد منصور وهو مفكر بارز، وقيادي إسلامي من الصف الأول: «المؤسسية منهج وسلوك لا ينسجمان مع وضع المؤسسات ذات الصلاحية أمام الأمر الواقع، وبيان رفض نتائج انتخابات الرئاسة الماضية شاهد ماثل ضمن نماذج أخرى، واللقاء الذي جمعني مع رئيس الجمهورية كان بصفتي الشخصية ولا أريد لجهة أن تكون معنية به».
وقال: «كنت وما زلت أرى أن البلاد شهدت متغيرات مع الرئاسيات الماضية يلزم أخذها بعين الاعتبار ولست من القائلين باستمرار النهج، كنت وما زلت أرى حزب «تواصل» مشروعاً سياسياً كبيراً يناسب أن يظل في مستوى طموح مناضليه وانتظارات مواطنيه، كنت وما زلت أتصور أن بلادنا وديمقراطيتنا تحتاج هدوءاً وتشاوراً وتطبيع علاقات خلافاً للعشرية الماضية، كنت وما زلت أرى في المرجعية الإسلامية والانتساب الوطني والخيار الديمقراطي أسس الاختيار السياسي السليم».
«كنت ومازلت متشبثاً بالوحدة الوطنية والمواطنة المتساوية رفضاً لكل أشكال العنصرية والاسترقاق والحيف، كنت وما زلت موقناً أن الأحزاب تحيا بالشراكة والتكامل وتوظيف مختلف طاقاتها مع وضوح الرؤية وحصافة التقدير».
وقال: «تابعت في هذا الفضاء وخارجه ردود الأفعال المختلفة على اللقاء الذي جمعني مع السيد رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وبدا لي أن التفاعل مع ما يقوله ويكتبه الناس محمود وأن الشخصية العامة عليها دين تجاه الآخرين إخباراً وتوضيحاً ونقاشاً، وأشكر الذين كتبوا مثمنين اللقاء سواء باعتباره مظهر انفتاح وتواصل عبرت الساحة عن إيجابيتها اتجاهه كلما كان هناك حدث يترجمه أو يعكسه وسواء باعتباره فرصة للتشاور والنصح وقد بالغ البعض فيما يمكن أن أقدمه في هذا الصدد».
وتحدث ولد منصور عن لقائه مع الرئيس الموريتاني فقال: «مرة أخرى أقوم اللقاء تقويماً إيجابياً سواء في جوه والمضمون الذي تم تناوله فيه والذي كان عاماً شمل أوضاع البلد وانتظارات الناس وإشكالات وطنية مهمة، وكما عبرت سابقاً فإن اللقاء زادني موضوعية وإنصافاً وأملاً في الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني».
وأضاف: «من التعجل والتعسف ربط مجرد اللقاء بتحول في الموقف السياسي والموقع الحزبي مع أنني لست من الذين يدرجون الموقف والموقع ضمن الثوابت التي لا تتغير ولا تتأثر بما يستجد ويطرأ»، مضيفاً: «مرة أخرى آن لنا أن ندرك أن لقاء رئيس الجمهورية مع الشخصيات العامة سلوك طبيعي وأن غير الطبيعي عكسه، وقد وقع منه الكثير في الأشهر الماضية فلم استغراب البعض أو مبالغته».
وأثار استقبال الرئيس غزواني للرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ذي المرجعية الاسلامية اهتماماً كبيراً لدى الرأي العام الموريتاني. وكان موضوعاً للكثير من التعليقات المثمنة والمنتقدة.
ويلقى جميل منصور احتراماً في من بعض الأوساط السياسية الموريتانية، ولدى قطاع عريض من الرأي العام، ويعتقد محللون أنه من أكثر السياسيين الإسلاميين عقلانية.
وقد غصت صفحات التواصل الاجتماعي بمتابعة غير مسبوقة لهذا التطور الذي ينذر بثاني شرخ يشهده حزب التجمع الذي هو أقوى حزب موريتاني والذي يقود أكبر برلمانية معارضة في البرلمان.
وكتب المدون النشط اسماعيل يعقوب «في تقديري، فإن الرئيس محمد جميل منصور بالإضافة إلى صفته الحزبية، هو شخصية وطنية سياسية مرجعية، ولقاء رئيس الجمهورية معه يدخل في هذا الإطار الأخير».
وكتب الإعلامي ناجي أحمد: «قضية حزب تواصل ربما تكون أعمق؛ فهذا الحزب يعيش صراعاً بين الإخوانية الصحوية يمثلها بامتياز رئيس الحزب الدكتور محمد محمود ولد سييدي، وتدين في مرجعيتها للشيخ محمد الحسن ولد الددو، والإخوانية التنظيمية يمثلها الرئيس محمد جميل ولد منصور وغالبية كوادر الحزب في المنفى (المنفى طبعاً مجازاً؛ أعني بالمنفيين المبعدين عن قمرة قيادة الحزب الحالية)».
وسبق لحزب التجمع أن شهد قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة تصدعاً تمثل في انسحاب جناح يقوده السيناتور عمر الفتح قرر أعضاؤه الانضمام لحملة الرئيس الغزواني وعلى خطاهم يسير الرئيس جميل منصور الذي أثبتت تدويناته ومقابلته الخاصة بالرئيس انحيازاً كبيراً لصف الرئيس الغزواني.
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»