واصل مؤشر الإصابة بوباء كورونا تفشيه المقلق في موريتانيا، حيث وصل إجمالي الإصابات إلى 4025 بينها 118 إصابة جديدة، أعلنت عنها أمس وزارة الصحة الموريتانية في آخر حصائلها.
ووصل عدد المصابين بداء كورونا الذين شفوا من الفيروس إلى 1344 مصاباً، فيما وصل عدد الوفيات الناجمة عنه إلى 121 حالة وفاة.
وأعلنت وزارة الصحة أنها أجرت خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة 889 فحصاً، وهو ما يرفع إجمالي الفحوصات منذ بداية تفشي الجائحة إلى 38275 فحصاً. وتواصل الحكومة الموريتانية تحريرها للتنقل بين الولايات، فيما احتفظت الحكومة بحظر مسائي للتجول. وسمحت الحكومة الموريتانية ضمن منهجية التعايش مع الفيروس باستئناف صلاة الجمعة وبفتح الأسواق والفنادق والمقاهي. وفرضت الحكومة الموريتانية، تحت رقابة أمنية، ارتداء الكمامات داخل الأسواق والأماكن العامة وداخل سيارات التنقل الحضري.
واهتم الكتاب الموريتانيون في معالجاتهم باستكناه ملامح ما بعد «كوفيد19»، حيث أكد المحلل الاجتماعي إسلم ولد سيدي أحمد، في مقال تحليلي استشرافي، أن «العلاقات بين بني البشر لن تعود قطعاً إلى ما كانت عليه بالسرعة التي قد يتخيلها البعضُ، سواء تعلق الأمر بالعلاقات بين الدول أم بالعلاقات بين الأفراد والجماعات».
«بخصوص العلاقات الدولية، يضيف الكاتب، لا أعتقد أنّ كل دولة ستنغلق تماماً على نفسها، وتحاول تحقيق ما يمكن تحقيقه من الاكتفاء الذاتي، تمهيداً لقطع صلتها بالخارج بصفة نهائية، لكن من المؤكد أن اعتماد الدولة الوطنية على استيراد جميع احتياجاتها من الخارج (من الإبرة إلى الصاروخ، في بعض البلدان) سيتراجع تدريجيّاً، ممّا يجعل تأثير «العولمة المتوحشة» المباشر في توجيه سياسات الدولة القُطرية يتضاءَل».
وعن الأمور التي ستتغير بعد الجائحة، أكد الكاتب أن «على الدول الوطنية العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال السلع والمواد الاستهلاكية الضرورية (ولو لمدة معينة: ستة أشهر مثلاً، قبل الوصُول إلى الاكتفاء الذاتي الكامل) لأن تجربة إغلاق الحدود مع العالم جعلت المسؤولين يستشعرون خطر الاعتماد الكلي على استيراد هذه المواد الحيوية، خاصة عندما يجد العالم نفسَه في ظروف استثنائية كهذه».
وأوصى الكاتب «بالتركيز على الاستثمار في العنصر البشري الوطنيّ (مَا حَكَّ جِلْدَكَ مِثْلُ ظُفْرِكَ) ممّا يقتضي -من بين أمور أخرى- الاهتمام بالتعليم، والنهوض بالبحث العلمي في المجالات ذات الأولوية (حسَب احتياجات البلد) وتشجيع أصحاب المواهب، ورصد الأموال اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، وفي مقدمتها، تحقيق «الاكتفاء الذاتي» في مجال العنصر البشري (من معلمين، وأطباء، ومهندسين، وباحثين، وغيرهم)».
وقال: «لا بد من خلق جو من التصالح الوطني بين الحاكم والمحكوم (سواء أتعلق الأمر بالعلاقة بين المواطن والدولة أم بالعلاقة بين الحكومة والمعارضة) يتجسد في العمل على تحقيق حد مقبول من السلم الاجتماعي، يضمن العدل والمساواة أمام القانون بين المواطنين كافةً في الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص في الحصول على الوظائف والاستفادة من منافع الدولة، وإشراك المعارضة في وضع التصورات العامة الخاصة بتسيير الشأن العام».
وفي مجال العلاقات بين الدول، أكد الكاتب «أنها ستُبنى على معايير جديدة، قائمة على أسس قابلة للبقاء، بمعنى أن هذه المِحنة العالمية جعلتنا نكتشف الصديق الفعلي من «الصديق» الوهمي».
وبخصوص العلاقات الاجتماعية، أضاف أن «أهم درس استخلصناه من تفشي هذا الوباء، يتجسد في أننا اقتنعنا جميعاً بأهمية الحرص على النظافة في حياتنا اليومية، ومن ذلك (على سبيل المثال) أن عادة غسْل اليدين باستمرار ستصبح سلوكاً راسخاً عند كل فرد في المجتمع».
وقال: «ستختفي تدريجيّاً بعضُ العادات المتعلقة بارتداء ملابس الآخرين، وتبادل الأدوات الشخصية، والشرب من إناء واحد، وتبادل كؤوس الشاي، ونحو ذلك من الممارسات العفوية»، مضيفاً أنه «لن تحدث طبعاً تغييرات جذرية بالسرعة التي يمكن أن يتصورها بعضُنا، لأن تغيير عادات المجتمعات لا يحدث عادة بين عشية وضحاها.
ودعا الكاتب المتحاربين في العالم إلى «وقف الحروب العبثية التي أتت على الأخضر واليابس بصفة خاصة، في بعض الدول العربية والإفريقية، فشعوبنا في المناطق التي تستعر فيها هذه الحروب، تُوجَد في وضع لا تُحْسَد عليه، فالناس بين «مطرقة» الأمراض والأوبـئة من جهة، و«سندان» الحروب من جــــهة ثانية».
القدس العربي