سيضع رؤساء مجموعة دول الساحل وفرنسا اليوم في نواكشوط على طاولة النقاش والبحث الطرق المثلى لتنشيط خططهم المشتركة الخاصة بمواجهة متلازمة التخلف والإرهاب، وذلك في أول قمة مباشرة بعد لقاءات رئاسية فرض وباء كوفيد- 19 عقدها على النطاق الافتراضي.
ويصل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اليوم، إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط للمشاركة في اجتماع قادة دول مجموعة الساحل الخمس وهي موريتانيا، والنيجر، ومالي، وتشاد وبوركينا فاسو، إلى جانب رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، وموسي فاكي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، والويز ميشيكيوابو الأمينة العامة للمنظمة الدولية للفرانكوفونية، فيما سيتدخل عبر الفيديو كونفرانس كل من أنغيلا ميركل، المستشارة الألمانية، وشارل ميشيل، رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، وكيسيب كونت، رئيس الوزراء الإيطالي، وأنطونيو غوتريس، الأمين العام للأمم المتحدة.
وسينظر قادة بلدان الساحل والرئيس الفرنسي في ملف الأوضاع الأمنية ومصير قوة «برخان» وما تحقق على طريق توفير الإمكانات البشرية والعسكرية لمحاربة المجموعات الإرهابية التي تنشط بقوة في أربع من دول الساحل الخمس منذ العام 2015.
وسيستعرض الرؤساء الستة حالة العمل العسكري المنفذ ضد الجماعات الجهادية المسلحة في منطقة الساحل التي ينتشر فيها منذ 2013، أكثر من خمسة آلاف جندي فرنسي، كما سينظرون في حالة وظروف الدعم العسكري الفرنسي للقوة المشتركة بما يضمن كبح جماح الخطر الإرهابي المحدق والنشط في المنطقة بشكل عام وبخاصة في المنطقة المعروفة بمنطقة الحدود الثلاثة الواقعة بين مالي والنيجر وبوركينافاسو، حيث تنشط المجموعات الإرهابية المسلحة بشكل كبير.
وكانت هذه القمة قد تقررت خلال قمة الساحلية الفرنسية التي عقدت أبو الفرنسية خلال شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، وحرص قادة الساحل وفرنسا على عقدها في الأجل الذي تقرر رغم الحجر الكلي المطبق بسبب جائحة كورونا.
وتحرص دول الساحل مع شريكهم الفرنسي على عدم إخلاء المنطقة الساحلية للمجموعات الإرهابية التي انتهزت فرصة تفشي وباء كورونا والحجر الصحي المفروض على النطاق العالمي لترتيب صفوفها مع أن الفرنسيين تمكنوا قبل أكثر من أسبوع من اغتيال عبد المالك درودكال، أمير تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامية» وعدد من مرافقيه.
وتعتبر هذه القمة أول قمة تعقد خارج الحدود بالنسبة لفرنسا ودول الساحل الخمس بعد أن ضرب كوفيد-19 العالم وما فرضه من حجر ما زال ساري المفعول، معيقاً العديد من اللقاءات الدولية والإقليمية.
ويعود إنشاء مجموعة الخمس في الساحل إلى شهر فبراير من العام 2014، حيث أعلنت موريتانيا وتشاد ومالي وبوركينافاسو والنيجر، في ختام قمة عقدت في نواكشوط، عن إنشاء ما بات يعرف بمجموعة دول الساحل الخمس من أجل «تنسيق ومتابعة التعاون الإقليمي» خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب في المنطقة التي تنشط فيها مجموعات مسلحة أعطتها الحرب المستعرة في ليبيا وانتشار السلاح دفعاً جديداً.
وانطلاقاً من تلازم الأمن والتنمية، عملت البلدان الخمسة على مراجعة المنظومة الأمنية وإجراء التغييرات الضرورية ضمن الأولويات الهادفة لتحقيق الأمن والسلام في هذه الدول، مدركين أن التنمية تمر عبر الأمن، فحيثما وجد الأمن وجدت التنمية.
وتقرر في هذا الإطار إعداد برنامج بأولويات الاستثمار ومشاريع هيكلية تعطي الأولوية للأمن والبنى التحتية الأساسية (النقل والطاقة والاتصالات والمياه) والتحديث الديموغرافي والأمن الغذائي والاقتصاد الرعوي.
وتستجيب مجموعة الخمس بالساحل التي حفزتها طموحات الشعوب إلى مزيد من تحسين ظروف الحياة سبيلاً لتحقيق الاستقرار والتنمية، ترجمة لقرار الحكومات بالدفع بالتعاون مع الشركاء الدوليين لتحقيق هذه الغاية.ويشكل تهريب المخدرات والتجارة بالبشر أبرز التحديات الأمنية المطروحة في الساحل، مضافة لنشاط التنظيمات المسلحة والجريمة المنظمة العابرة للحدود.
في مقابل ذلك، تعول مجموعة دول الساحل الخمس، على التنسيق بين أجهزتها لمواجهة تلك التحديات الأمنية، حيث اتفق قادة الجيوش وأجهزة الأمن في المجموعة على تفعيل آليات التعاون بين الدول الأعضاء وشركائها في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتكييف عمل المجموعة مع متطلبات المرحلة والتطورات المتلاحقة.
من هنا قررت مجموعة دول الساحل الخمس «موريتانيا ومالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو» تشكيل قوة من 10 آلاف جندي لتأمين الحدود ومواجهة الإرهاب، خصوصاً بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، كما تعنى بمحاربة تهريب المخدرات، والاتجار بالبشر.
وفضلاً عن التعاون العسكري، يمثل تحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية وتوفير فرص عمل للشباب وغيرها أهم أولويات المجموعة حيث تعمل جاهدة على تقوية التنسيق فيما بينها وبين الشركاء الدوليين والإقليميين للرفع من مستوى دولها وشعوبها.
وينتظم النشاط الدولي المضاد للإرهاب في إطار ما يسمى «التحالف من أجل الساحل» الذي تأسس بمبادرة فرنسية ألمانية في 13 يوليو / تموز 2017 في باريس لتجنّب تشتيت المساعدات وتسريع وتيرة توزيعها لتشمل كافة المناطق الأكثر هشاشةً.
وقد توسع عدد الدول الأعضاء في التحالف من أجل منطقة الساحل، حيث أصبح يضم اثني عشر شريكاً هي فرنسا وألمانيا، والاتحاد الأوروبي، ومصرف التنمية الإفريقي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والبنك الدولي والمملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وهولندا ولكسمبرغ، كما أضحت الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج وفنلندا بلداناً أعضاء في التحالف لكن بصفة المراقب.
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»