يبدو في اللغة العربية متسع لاسم الفاعل والمصدر واسم المفعول أكثر من كل اللغات الحية في العالم ويبدو لفعل "أحسن" اسم فاعل واحد وهو "المحسن" ( بكسر السين ) لذلك كانت ولاية اترارزة ومدينة روصو بالتحديد على موعد في التاريخ مع عمل اسم الفاعل هذا في شتى ميادين ومفاصل حياتها إلا أن ما ميزه هو أنه اسم الفاعل الذي يتصدر بطاقة تعريفه اسم "الحاج" فكان اسم الفاعل محسن ولد الحاج اليد البيضاء التي وجدتها المدينة والولاية في السنوات الماضية.
لاسم الفاعل هذا أو للفاعل الخير في المدينة أعني محسن ولد الحاج أيادي بيضاء لا تنكرها العين وهي تجول في آثاره وخصاله في المدينة الحدودية التي تضج حيوية ونشاطا مما يجعل فعل الخير فيه لا يجد الذكر إلا إذا بلغ القلتين لذلك كان ولد الحاج محل الاجماع في المدينة على شتى الأصعدة حيث مثل أحسن تمثيل المدينة التي رشحته ليكون "شيخها" فكان "شيخها".
ما يميز ولد الحاج عن غيره من المقربين من دوائر صناعة القرار في موريتانيا حسه الوطني ورغبته الجامحة في أن تأخذ الأمور مسارها الطبيعي وأن تكون النتائج المتوخاة من حكم يمثل أحد أبرز رجالاتها نتائج ملموسة بعيدا عن سياسة التصفيق الأعمى وقريبا من سياسة النقد الذاتي والتوجيه لذلك يعتبر محسن أحد قلائل المنتمين إلى الدائرة الضيقة ممن يمحض النصح لرئيس الجمهورية ويعتبر أن السفينة التي يركبها الجميع يجب ألا تغرق لكي لا يغرق الجميع.
ظل ولد الحاج منذ بدايات حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز رجل الواجة لما يتمتع به من علاقات واسعة على الصعيد الوطني ولما تتوق له نفسه من ضرورة إرساء مبدء الحوار لحل المشاكل العالقة ولهذا ما يزال إلى اليوم من المعتقدين بأن حل الإشكاليات السياسية في البلاد لا يمر إلا عبر حوار يشترك فيه الجميع ويرضى عنه الجميع ويضع لبنة لبناء موريتانيا الجميع وهو الشيء الذي يجاهر به ولد الحاج غير عابئ بآراء الداعين لمأمورية ثالثة لرئيس الجمهورية وهي المأمورية التي يرى فيها ولد الحاج استهدافا ليس لشخص الرئيس محمد ولد عبد العزيز فحسب بل للمجموعة التقليدية التي ينتمي إليها الرجلان.
يعتبر ولد الحاج وحده من بين قلة من العاملين في الحقل السياسي ممن استفادت منهم دوائرهم التي انتخبوا من أجلها فلا تكاد تصافح في مدينة روصو أحدا إلا يتحدث عن قصة واقعية حدثت له مع ولد الحاج وعن إشكالية معينة "حلها" ولد الحاج أو عن يد بيضاء لولد الحاج عليه وهو الشيء الذي فاق فيه محسن كثيرا من المسؤولين الذين ينتمون إلى الولاية وهم على ذات قدم التصدر معه إلا أنه لا يسمع له ركز ولا يعرف لهم خير ولا تعترفهم ولاية "صدرتهم" ( من الصدارة) ليصدروا ( من التصدير) إلى نواكشوط لينسوا اليوم الذي كانوا يلهثون فيه خلف صوت يوصلهم إلى القمة حتى إذا وصلوا نسوا "قواعدهم" الشعبية.
ولد الحاج مثال حي على بعد النظر، فالذين حاولوا تحليل علاقاته السياسية وفهم دوره وجدوا فيه الرجل الذي يبذل قصارى جهده من أجل أن تكون موريتانيا متصالحة مع ذاتها ولا غرو فالرجل يتقن اللهجات المحلية لساكني الضفة الجنوبية مما مكنه من أن يصير جزءا من المواطنين الشيء الذي مكنه بدوره من أن يكون المواطن المختار من قبل المواطنين.
قد يتساءل قارئ عن سبب هذه السردية المفرطة في الحديث عن محسن ولد الحاج وقد لا يكون الجواب بعيدا فبحكم القراءة المتأنية للسياسة المحلية ومحاولة تفسير تصرفات بعض السياسيين وريعهم على مواطنهم لا بد للمتمعن من أن يتوقف عند ولد الحاج الذي كان له السبق في جعل مدينته التي انتخبته جزءا من تاريخه ليكون بذلك جزءا من تاريخها وحاضرها ومستقبلها.
عثمان ولد ابراهيم