حصلت لجنة التحقيق البرلمانية الموريتانية المكلفة بالتدقيق في تسيير الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز على عنصري إدانة وصفا بالخطيرين قد يوقعان بالرئيس السابق، هما استلام الرئيس السابق بصورة مباشرة لشيك بمبلغ عشرة ملايين دولار أمريكي منحتها دولة قطر مستهل شهر آذار/ مارس 2012، مساعدة للشعب الموريتاني في مواجهة الجفاف، والثاني شهادات قدمت للجنة تؤكد أن الرئيس السابق حاول مقايضة المبلغ المذكور بإهدائه جزيرة «تيدرة» الواقعة على الشاطئ الأطلسي الموريتاني للحكومة القطرية التي لم تبد أي اهتمام بذلك، حسب موظف موريتاني سابق بسفارة دولة قطر بنواكشوط، فضل عدم ذكر اسمه.
وأكد الموظف المذكور أنه «حضر خلال عمله بالسفارة القطرية اجتماعين عقدهما مستشار الرئيس السابق مع السفير القطري في نواكشوط، السيد محمد بن كردي طالب المري، بطلب من الجانب الموريتاني، مبرزاً «أن المستشار قدم للسفير خلال الاجتماع الأول وصفاً لجزيرة لم يحددها بالاسم، فيما عرض خلال الاجتماع الثاني على السفير زيارة الجزيرة وما يتطلبه ذلك من وسائل نقل وتصوير، غير أن الجانب القطري الذي كان محرجاً، حسب قوله، لم يبد أي اهتمام بالعروض التي قدمها المستشار ولم يرد بالإطلاق على الطرف الموريتاني في قضية الجزيرة».
وأدلى الموظف الموريتاني السابق في السفارة القطرية بشهادته حول هذه القضية أمام لجنة التحقيق البرلمانية، مؤكداً في تصريحات لـ«القدس العربي» أمس «أن الرئيس السابق تسلم شيك المساعدة القطرية دون تغطية إعلامية مما يثير الشبهات حول الموضوع».
وقال: «إن العرف الدبلوماسي ونظام العلاقات بين الدول فرض على الجانب القطري مسايرة الطرف الموريتاني في الطريقة التي سلمت بها المساعدة القطرية الموجهة لإغاثة الشعب الموريتاني في جفاف عام 2012».
ونشرت الوكالة الموريتانية للأنباء استقبال الرئيس الموريتاني للسفير القطري في برقية هذا رابطها (http://www.ami.mr/Depeche-24045.html) كما نشرت في الخبر نفسه تصريحاً للسفير القطري أكد فيه «أن اللقاء كان مناسبة لتقديم مساعدة مالية بأوامر من صاحب السمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني وتتمثل هذه المساعدة في 10 ملايين دولار لدعم جهود الحكومة الموريتانية لمواجهة الآثار المترتبة على انعكاسات النقص المسجل في التساقطات المطرية والجفاف».
غير أن رواية أخرى كتبها إسلكو أحمد إزيد بيه، مدير ديوان الرئيس السابق على صفحته على «فيسبوك» حول المساعدة القطرية أربكت الموقف، حيث قال: «ذات يوم، طلب مني سعادة السفير القطري السابق في نواكشوط مقابلته، وذلك عن طريق الهاتف الثابت برئاسة الجمهورية، فحددت له موعداً في مكتب مدير ديوان رئيس الجمهورية؛ بعد تبادل التحايا المعهودة، أخبرني أن بلده قرر تقديم مساعدة مالية بمبلغ عشرة ملايين دولار لبلادنا لمواجهة الآثار المترتبة على الجفاف خلال تلك السنة وسلمني صكاً بهذا المبلغ؛ شكرت سعادة السفير باسم الحكومة والشعب الموريتانيين، وبعد مغادرته المكتب، طلبت هاتفياً مقابلة الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز الذي استقبلني في مكتبه، فأخبرته بالمقابلة وأريته الصك، فأعطاني تعليماته بإيداع الصك المذكور في الخزينة العامة للدولة، الشيء الذي نفذته مباشرة من خلال الاتصال بوزير المالية وقتها وطلب حضوره في المكتب ثم تسليمه الوثيقة المالية المذكورة (وذاك هو عهدي بها).
وقال: «بما أن اللجنة البرلمانية لا سر لها، فإني أقترح عليها الاكتفاء بما تقدم فيما يتعلق بإمكانية استدعائي حول هذه الجزئية».
وأقرت لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الموريتاني، ظهر أمس، بالإجماع ضم ملف جزيرة «تيدره» إلى ملفات لجنة التحقيق البرلمانية.
وتقدمت لجنة التحقيق البرلمانية بطلب إلى لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان عبر مؤتمر الرؤساء يتعلق بتوسيع صلاحياتها ليشمل التحقيق، حسب عرض الأسباب «معلومات خطيرة تتعلق بالمساس بالحوزة الترابية للبلد، إضافة إلى خروقات فادحة للقانون المتعلق بمحاربة الفساد، مما تطلب توسيع مهام اللجنة لتشمل هاتين النقطتين».
ويأتي طلب توسيع صلاحية لجنة التحقيق أياماً قليلة قبل انتهاء مأمورية اللجنة المحددة وفقاً للنظام الداخلي للجمعية الوطنية بستة أشهر، تنتهي بانصرام شهر يوليو/ تموز الجاري.
عبد الله مولود
نواكشوط – «القدس العربي»