ينشغل ساسة موريتانيا وإعلاميوها ومدونوها بتقييم سنة تنصرم مستهل أغسطس/آب المقبل من مأمورية الرئيس الشيخ الغزواني.
وأول ما لوحظ في هذا التقييم هو أن الرئيس الغزواني استفاد من هدنة سياسية مطولة من طرف المعارضة الموريتانية التي خاضت، على مدى سنوات حكمه العشر، معارك ضد سلفه الرئيس السابق، بالرغم من أن الرئيس الغزواني صنف عند قدومه على أنه «وريث» الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
وكانت مرجعية تقييم السنة المنصرمة من حكم الرئيس الغزواني هي برنامجه الطموح الذي تعهد فيه بالعمل من أجل موريتانيا متخلصة من الظلم والجور، ومن أجل دعم الوحدة الوطنية وترسيخ الانسجام الاجتماعي، وتجذير التجربة الديمقراطية.
وفي تقييم للسنة الأولى من حكم الرئيس الغزواني، أعادت أسبوعية «القلم»، أعرق الصحف الموريتانية الصادرة باللغة الفرنسية، إلى الأذهان المعارك الكبرى التي خاضها الرئيس الغزواني ضد سلفه، حيث ذكرت بمعركة السيطرة على الحزب الحاكم وبمعركة ما تزال نيرانها مشتعلة، وهي معركة تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية في تسيير الرئيس السابق. وأوضحت الصحيفة أن «لجنة التحقيق البرلمانية قد كشفت عن ملفات فساد كبيرة، قبل أن تتساءل ما سمته «التناقض بين الكشف عن فساد النظام السابق والصمت عن حالات تسيير قائمة يشوبها غموض كبير».
وقدمت صحيفة «الأمل الجديد» مقترحات من أجل انطلاقة صحيحة للسنة الثانية من المأمورية.وأوضحت الصحيفة أن «عوامل مختلفة، من أبرزها أزمة مرجعية الحزب الحاكم وتوابعها التي ألقت وما تزال تلقي بظلالها على الوضع، وأزمة جائحة كورونا التي شلت العالم لأشهر عديدة.. جعلت أولى سنوات حكم الرئيس الغزواني تمضي دون تحقيق كثير مما كان يمكن تحقيقه خلالها».
وأضافت: «ورغم ذلك، فالحصيلة السنوية الأولى كانت بناءة وواعدة ومبشرة بأفق أفضل إذا أخذنا في الحسبان اعتبار الرئيس لهذه السنة بمثابة الفترة الانتقالية التي خولته الاطلاع على الأوضاع الحقيقية للدولة، والتطلعات الأساسية للشعب، وإدراكه أنه لم يعد هناك في المستقبل أي دقيقة قابلة للضياع من السنوات الأربع المتبقية من مأموريته، وأنه لا مناص من التعايش مع كورونا وأي مستجد آخر قد يظهر حتى لا تتوقف عملية الإصلاح والتنمية التي لا تحتمل التأجيل».
ورأت أن «أهم ما يحتاجه الرئيس لإطلاقه مع بداية سنته الثانية في الحكم، هو تقييم أداء حكومته (الأداء الفعلي وليس الأداء النظري) واستبدال الوزراء الذين لم يظهروا الأهلية الكافية لمواصلة أعمالهم، وكذلك تقييم أداء كبار مديري المؤسسات المهمة في الدولة».
وأضافت الصحيفة أن «الرئيس الغزواني يحتاج إلى أمور، منها تشكيل نظام سياسي جديد واضح المعالم أغلبية ومعارضة، فالاستقالة الحالية للمعارضة وإن كانت مفيدة من حيث عدم شيطنة النظام، فهي استقالة خطيرة، حيث إن غياب المعارضة السياسية يعني التأسيس للمعارضة العرقية، كما أن غياب الأحزاب السياسية يعني هيمنة الحركات السياسية، وغياب المشاريع السياسية يعني ظهور المشاريع الأيديولوجية والعرقية».
«فإحياء الملف السياسي، تضيف الصحيفة، يبقى هو أهم مشروع جامع للدولة قادر على استيعاب التناقضات العرقية والأيديولوجية في بلد فقير متعدد الأعراق كموريتانيا لا يتوفر على وظيفة عمومية قادرة على استيعاب طاقاته المهنية ولا على اقتصاد قوي قادر على امتصاص هذه الطاقات التي لا يوجد لها أي موجه حالي غير السياسة».
وتوقفت الصحيفة في مقالها الافتتاحي عند تطهير المجال العام للدولة من شبهات الفساد والتسيب الإداري والرشوة، مؤكدة أن «الإصلاح والفساد لا يمكن أن يتعايشا، ولا بد للنظام أن يختار بين خيارين صعبين، رضى نخبة سياسية وقبلية وعرقية متلونة لا تتربح إلا من الفساد في وقت يقترب الفساد فيه من الدفع بالبلد إلى الفشل والانهيار التام، ورضى الشعب الموريتاني ونخبه الحرة، وذلك لا يكون إلا بتطبيق كامل لدولة المواطنة والقانون».
نواكشوط – «القدس العربي»