راك سياسي وأمني تشهده موريتانيا، هذه الأيام، في ظل انطلاق مشاورات تشكيل حكومة جديدة بالبلاد، وبدء شرطة الجرائم الاقتصادية استجواب أولى دفعات المشمولين في ملفات الفساد من الوزراء وكبار المسؤولين السابقين.
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني استقبل الوزير الأول المكلف (رئيس الوزراء) محمد ولد بلال للمرة الثانية، بعد لقائه سابقا عند تعيينه، حيث بحث معه آخر المشاورات والترتيبات لتسمية وزراء التشكيلة الجديدة، بحسب مصادر مطلعة.
وفي الوقت الذي كان فيه "ولد بلال" يبحث تشكيل حكومته الجديدة كان وزراء سابقون أمام شرطة الجرائم الاقتصادية للتحقيق الابتدائي في شبهات فساد أثارها تقرير صادر عن لجنة تحقيق برلمانية أحيل إلى القضاء.
وبحسب مصادر قضائية فإن الاستجواب بدأ مع المتهمين فيما يعرف بملف صفقة التنازل عن رصيف الحاويات بميناء نواكشوط المبرمة في أواخر عهد الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز.
وصفقة رصيف الحاويات شملها تحقيق اللجنة البرلمانية إلى جانب 11 ملفا آخر، بينها ملفات تشمل الصيد البحري وإفلاس بعض الشركات العمومية وبيع عقارات تابعة للدولة.
ووفقاً لما أكدت المصادر فإن عملية الاستجواب ستتوسع بدءا من اليوم السبت، لتشمل جميع الشخصيات التي ورد اسمها في التحقيق البرلماني، بالإضافة إلى الشخصيات التي قد ترى السلطات القضائية أن بحوزتها معلومات قد تفيد التحقيق.
إلى ذلك تحدثت مصادر قضائية أخرى عن أن التعامل مع المتهمين سيقتصر على الاستجواب واحتجاز جوازات السفر وبطاقات الهوية دون الاعتقال في انتظار الإحالة لمحاضرهم من طرف الشرطة إلى وكيل الجمهورية لتبدأ مرحلة الاتهام.
وكانت النيابة العامة بولاية نواكشوط الغربية قد تسلمت قبل يومين ملف التحقيق البرلماني، بعد إحالته إليها من طرف المدعي العام لمباشرة إجراءات الاستماع للمشمولين في الملف.
التحقيقات تطيح بالحكومة
وكان الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني قد كلف، الخميس، الوزير الأسبق محمد ولد بلال، خبير المياه، بتشكيل الحكومة خلفا للوزير المستقيل إسماعيل ولد سيديا.
ورئيس الوزراء الجديد محمد ولد بلال، ولد عام 1963 بمدينة "روصو"، عاصمة ولاية "الترازرة" غرب البلاد، حاصل على شهادة مهندس، وخريج المدرسة العليا للمياه في الجزائر عام 1990.
وكان رئيس الوزراء الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ سيديا قد تقدم باستقالة حكومته يوم الخميس الماضي إلى الرئيس محمد ولد الغزواني.
وجاءت خطوة استقالة الحكومة في خضم جدل سياسي إثر تحقيق بدأه القضاء مع عدد من الوزراء الذين وردت أسماؤهم في ملفات فساد قبل تولي الرئيس الحالي منصبه وطالب البرلمان بالتحقيق الجنائي بشأنها.
ولعل أبرز التحديات التي باغتت حكومة ولد الشيخ سيديا بعد تشكيلها، جائحة كورونا وتداعياتها التي أثرت على مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلد، دون أن ترضي البرامج المعتمدة من طرف الحكومة لمواجهة هذه الجائحة، الرأي العام.
كما كان من أهم التحديات التي واجهت ولد الشيخ سيديا ما كشف عنه هو نفسه، خلال استعراضه برنامج حكومته المستقيلة، شهر سبتمبر/أيلول الماضي، من مصاعب مالية تواجه البلد بسبب استلامه لـ"خزائن فارغة" من حكومة الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، مما دفعه إلى اللجوء للاستدانة الداخلية والخارجية لتسيير شؤون البلد.
وأخيرا جاء تقرير لجنة التحقيق البرلمانية في ملفات الفساد خلال فترة الرئيس السابق ليكون القشة التي قصمت ظهر الحكومة المستقيلة حيث أظهرت نتائج التحقيق ضلوع عدد كبير من الوزراء والموظفين الكبار في شبهات الفساد موضع التحقيق.
العين الإخبارية