تواجه فرنسا صيفا دبلوماسيا ساخنا يمس مصالحها الرئيسية بعدما عجزت عن إرساء نفوذ في ليبيا بسبب المواجهة مع تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط، ثم في منطقة الساحل بعد الانقلاب العسكري في مالي الذي جرى أول أمس الثلاثاء.
ورغم التوتر الذي تعيشه مالي منذ شهور، لم تكن باريس والعواصم في المنطقة مثل تونس والجزائر والرباط وحتى نواكشوط تنتظر انقلابا عسكريا مفاجئا وبدعم من شرائح عريضة من الشعب ضد الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا. ويعد الانقلاب ضربة موجعة للمخابرات الفرنسية التي تتواجد في المنطقة بكثافة خاصة في ظل عملية بركان التي تحارب القاعدة في منطقة شمال أفريقيا.
ويعد الانقلاب العسكري تحديا حقيقيا للدولة ذات النفوذ الكبير في هذا البلد وفي منطقة الساحل بحكم أنها كانت قوة استعمارية سابقة وهي فرنسا. وتواجه باريس تحديين كبيرين، الأول وهو مدى تأثير الانقلاب على عملية مواجهة ومكافحة الإرهاب في منطقة الساحل. وتكتب جريدة لوموند أن مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة يعد ركيزة أساسية من ركائز العمل الخارجي الدبلوماسي لفرنسا في عهد الرئيس ايمانويل ماركون. فهي من جهة تتحرك كقوة تتزعم الاتحاد الأوروبي، ومن جهة أخرى بتفويض من مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
ويتجلى التحدي الثاني في ميول اللجنة العسكرية التي نفذت الانقلاب خاصة في ظل تأكيد وجود ضباط معارضين لسياسة فرنسا والدعم التي وفرته للرئيس المقال إبراهيم كيتا رغم معارضة فئة كبيرة من الشعب له. وهذا يفتح الباب أمام احتمال تدخل دول ثالثة لدعم اللجنة العسكرية، مما سيؤدي إلى منافسة حقيقية لمصالح فرنسا في المنطقة.
وكانت فرنسا قد نددت بقوة، الثلاثاء، بالانقلاب العسكري، ثم عادت إلى تبني لهجة معتدلة في بيان أمس الأربعاء، في إشارة الى التفاهم مع اللجنة العسكرية. وتحاول باريس الإبقاء على دعم اللجنة العسكرية لعملية بركان ضد القاعدة، وجعل باريس المخاطب السياسي والاقتصادي بدل دولة ثالثة.
ويعد هذا الصيف ساخنا للدبلوماسية الفرنسية، فقد تلقت ضربات قوية في ليبيا وشرق المتوسط بسبب التنافس المفتوح والشرس مع تركيا، والآن يأتي ملف مالي.