مع تباعد دورات استدعاء شرطة الجرائم الاقتصادية للرئيس السابق والمشتبه بهم معه في ملف الفساد المحال من البرلمان، فالتحقيقات متواصلة على قدم وساق، كما يتواصل نفاذ تقييد حرية الرئيس السابق المتهم الرئيس في هذا الملف المثير وتجميد أمواله.
وردت النيابة العامة، في بيان وزعته أمس، على دفاع صهر الرئيس السابق رجل الأعمال الشاب محمد ولد امصبوع الذي أجرت معه شرطة الجرائم تحقيقات مطولة في السابق.
واحتج دفاع صهر الرئيس السابق، في تصريحات للصحافة قبل يومين، على أن «التحقيق مع صهر الرئيس في قضايا تسيير أموال عمومية أمر غير قانوني؛ لكون صهر الرئيس لم يتقلد قط وظائف عمومية، كما أنه لم يسير قط أموالاً عمومية».
وأكدت النيابة العامة في ردها أن «دفاع أحد المشتبه بهم في ملفات الفساد الجاري البحث فيها حالياً، أدلى بتصريحات إعلامية ابتعد فيها عن المهنية بقدر ابتعاده عن الحقيقة والواقع».
«وإذ تأسف النيابة العامة، يضيف البيان، على زيف ادعاءات دفاع المشتبه به، وما تضمنته من أسلوب دعائي استعراضي، واستدعاء لماض متفق على استثنائيته، لتؤكد أن حقوق المشتبه به، بما فيها حق الدفاع، تم احترامها بشكل دقيق، فأبلغ بجميع حقوقه، وتم التقيد بآجال الحراسة النظرية، طبقاً لمقتضيات المادة 57 من قانون الإجراءات الجنائية، والمادة 27 من قانون مكافحة الفساد، وتلقى بشكل يومي زيارات من أفراد أسرته».
وأضاف البيان أن «دفاع المشتبه به ظل على تواصل مستمر معه دون قيود منذ توقيفه، وأبلغ بإمكانية حضور جلسات الاستماع إليه إذا رغب في ذلك، رغم الخلاف القائم في تفسير مفهوم المؤازرة المذكور في المادة 32 من قانون المحاماة الجديد».
وشددت النيابة العامة التأكيد على أن «الخوض في أدلة الإثبات والنفي محله المرافعات أمام المحاكم لا منابر الإعلام، وأن حرص النيابة العامة على سلامة الإجراءات، والتوازن فيها، نابع من التطبيق السليم للقانون الذي هو واجبها ومرتكز عملها، وصميم اختصاصها».
وكان فريق الدفاع عن رجل الأعمال محمد ولد امصبوع، صهر الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، قد أكد «أن موكلهم أقحم اسمه في ملف لا صلة له به على الإطلاق» في إشارة إلى التحقيق الابتدائي الذي تقوم به شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية بناء على تقرير صادر عن البرلمان يثير شبهات فساد حول الرئيس السابق ومقربين منه وبعض المسؤولين والوزراء.
وأكد فريق الدفاع عن ولد امصبوع أن «الضبطية القضائية (النيابة العامة) لم تحترم المساطر المتبعة، وتجاوزت كل القوانين» وأضاف «أن الإجراءات المتبعة في ملف موكلهم شابتها خروقات كبيرة، لم يشهدها أي ملف في تاريخ البلاد حتى في فترة الحكم العسكري». «لم يجدوا ما يبرر توقيف موكلهم، فهو لم يتول أي منصب عمومي، ولم يجر أي صفقة عمومية، ولم يسبق له تسيير أي ميزانية عمومية».
وأكد أنه لا سبب لتوقيف ولد امصبوع «سوى كونه صهراً للرئيس السابق» معتبراً «أنها المرة الأولى التي يتم فيها إقحام عائلات وأقارب الرؤساء السابقين في الصراع السياسي».
وعدد فريق الدفاع ما قال إنها خروقات شابت ملف موكلهم، على غرار «استجوابه خارج أوقات الدوام، ومنع محاميه من مؤازرته، كما يكفل القانون، وتوقيفه 9 أيام، في تجاوز واضح لفترة الحراسة النظرية التي يحددها القانون» حسب تعبيرهم.
وطالب دفاع ولد امصبوع السلطات الموريتانية بوقف ما اعتبروها «إجراءات تعسفية» في حق موكلهم، ودعوا إلى «عدم إقحامه مستقبلاً في ملفات لا تربطه بها أي علاقة، ووقف متابعته عل الفور».
وتجري هذه التفاعلات التي تعكس حساسية هذا الملف، بينما صادرت سلطات التحقيق مبلغاً يناهز 60 مليون دولار من حسابات الرئيس السابق وأقربائه على أساس ما ورد في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الذي سلم للادعاء العام مستهل آب/أغسطس الماضي.
وتشمل هذه التحقيقات المتواصلة، التي يرى خصوم الرئيس السابق ومعارضوه أنها تسير ببطء شديد، الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز الذي حكم موريتانيا ما بين 2008 و2019 و300 شخصية بينهم رؤساء وزارات ووزراء سابقون ورجال أعمال مقربون من الرئيس السابق.
وينص ملف التحقيق في فساد النظام الماضي على 109 صفقة عمومية تم إبرامها بصورة مخالفة للقانون، وتشمل عدة مجالات بينها الطاقة، والبنى التحتية، وعقارات الدولة، والصيد، وتسيير الصندوق الوطني لعائدات النفط، وتصفية شركات ومؤسسات عمومية.
وفي إطار هذا التحقيق الابتدائي، استدعت شرطة الجرائم الاقتصادية الرئيس السابق وحبسته على ذمة التحقيق ما بين 17 و24 آب/أغسطس الماضي.
وخلال هذه التحقيقات، امتنع الرئيس السابق من الرد بكلمة واحدة على أسئلة المحققين، مؤكداً في تصريحات له بعد ذلك «أن استدعاءه والتحقيق معه يتناقض مع المادة 93 من الدستور التي تنص، حسب فهمه وفهم محاميه، على تحصين الرؤساء من أي مساءلة خلال ممارستهم لمهامهم ما عدا الخيانة العظمى التي هي من اختصاص محكمة العدل السامية وليس القضاء العادي».
عبد الله مولود
نواكشوط –«القدس العربي»